الدكتور مجيد الشرع استاذ جامعي
تتناول كلمة الرشوة عبارة مطلقة تحدد مواصفاتها تصرفات ممتهنيها ومعنى ممتهن الرشوة بأنه انسان لم يضع الاعتبار الديني في حساباته وهو في الاعم الاغلب ينطبق عليه القول:
" الحلال ماحل باليد"
وفي القاموس المحيط للفيروزابادي حيث قال: الرشوة تعني الجعل وارتشى : اخذها
والقرآن الكريم يشير في بعض اياته في ذات المعنى اكل الاموال بالباطل حيث قوله تعالى:
"ولا تاكلوا اموالكم بينكم بالباطل " سورة النساء الآية 29"
ولذلك فان الرشوة في مبتغاها تعني الطلب لعطية او منفعة او ميزة او وعدا بشئ من ذلك من عمل يمت بأعمال الوظيفة او الامتناع عنه او الاخلال بواجبات الوظيفة وهذا التفسير ورد في القانون العراقي رقم 111 لسنة 1969 قناون الرشوة.
ومن خلال نصوص عدة في هذا القانون وغيرها مما كتب في الموضوع نجد ان الرشوة تمثل احد اركان الفساد المالي والاداري حيث الفساد كما يرى احد الكتاب يمثل فشل المؤسسات في اداء مهامها فالمؤسسات الضعيفة تعجز في تلبية مطالب المجتمع وقد تتعلل بألأعذار المكررة وكلما كانت القوى السياسية منغلقة على نفسها خارج النظام كلما كان الارجح ان يتفشى الفساد وتقل طرق التنمية الاقتصادية وبهذا تنشط طرق الرشوة واساليبها حتتى يشبهها البعض بأن تأخذ منحى المهنة في الاحتراف وبهذا يصنف المرتشون بأنهم مفسدون وينطبق عليهم قوله تعالى:
" ويسعون في الارض فسادا والله لا يحب المفسدين" سورة المائدة آية 64 "
فالدولة التي تتفشى فيها الرشوة تصنف بأنها دولة لا تملك السيطرة على تصريف امورها بحيث ينصف بها الفقراء الذين هم اهم شريحة تعتني بها الدول المتحضرة وذا ت الانظمة الديمقراطية حيث لايملك هؤلاء الموارد التي يملكها الراغبين في تقديم الرشاوى وبالتالي يحرمون مما يطمحون اليه حتى ولوكان هزيلا.
والرشوة قد تصنف من الجانب الاقتصادي والذي يقترن بجانب من الفساد المالي حيث تحول الموارد المخصصة لتخفيف الفقر الى جيوب عديمي النزاهة من المسؤولين الحكوميين كما يرى بعض الكتاب في هذا المجال وبالتالي تعمل الرشوة على تشويه العمل الحكومي ذات الطبيعة النمطية من حيث تمرير المعاملات ولهذا نجد عندنا في العراق ان المعاملة التي يحتاج تمريرها وانجازها مدة لا تستغرق ربع ساعة اذا كان المكلف بها نزيها قد يتجاوز تعطيلها مدة شهر وذلك بأدخالها في متاهات ومسارات هي خارج معاملة انجازها وعلى سبيل المثال مسألة معادلة شهادة صادرة من دولة اجنبيه ذات سمعة رصينة في جامعتها يدخل في طرق ملتوية وتفسيرات مؤولة ظاهرها الرحمة وباطنها
النار مما يجعل الطرف صاحب المعاملة- وليكن استاذا جامعيا - متلقيا يائسا قد يخال اليه ولكثرة ما سمع قبل دخوله العراق ان هذه المعاملة لا تنجز الا بدفع رشوة يكون المتفنون في تحصيلها منتظرون ولكن بطرق متحايلة لا بد ان يسأل عنها عندما يريد ذلك وقد ادت مثل هذه الطرق الى عودة كثير من الكفاءات الى بلدانهم التي لجأوا اليها وهو الهدف المقصود من تعطيل المعاملات لأن اولئك المفسدون كأن لد يهم خطة مدبرة تخطط لها زمرة خفية لغرض اعطاء صورة واضحة ان الدولة العراقية لا تحكمها انظمة وتعليمات وهي دولة الفوضى بالمعاملات مما يعني يجب اعادة النظر في تشكيلاتها حيث غاب القانون وحل محله المرتشون.
ولابد في هذا الشأن ان تعد الندوات وان تسعى الدوائر في تدريب منتسبيها على كيفية التطبيق العملي مقترنا بألأسس العلمية عن بيئة العمل وان تكون مهابة لسلطة القانون واساليب الكشف عن جرائم الفساد وما يتعلق بالرشوة ومضارها الاجتماعية والاقتصادية ولعلنا في هذا المجال نقتبس بعض الملاحظات من خلال ما اعدته هيئة النزاهة العراقية مما اعدته من استراتيجية لمكافحة الفساد من سنة2010-2014 وفي الحقيقة ان القارئ لهذه الاستراتيجية وما طرحته تلك الهيئة من نتائج استبيان عن الحملة الوطنية لمكافحة الرشوة من نيسان/2009 لغاية مايس2010 يجد ان هناك شعورا متنامي لتشخيص معطيات الفساد والرشوة وتعزيز ذلك بالنسب والارقام حيث تعطي هذه المؤشرات مقدار الخلل الاداري الذي تمرر منه عمليات الفساد والرشوة في ظل غياب سلطة القانون والعقوبات الرادعة ذلك ان التعتيم على الجريمة وتضليل طرق الوصول اليها يتم بتواطئ مدروس في بيئة العمل وفي اعلى المستويات حيث تجد بطانة محيطة بالمسؤول الاداري قد تضلل عليه مجريات العمل وتشغله في اجتماعات مخطط لها تلهيه عن ممارسة عمله الفعلي وقد تكون هذه الاجتماعت متكررة يوميا وتستغرق الوقت المخصص للدوام الرسمي مما يتبعها حمل البريد اليومي معه الى مسكنه ولا يتسع الوقت لأنجازه وقد تفقد معاملات واقل مايقول لصاحب المعاملة انك لم تجلبها الينا.
هذا فيض من غيض من متطلبات الحياة في العراق وكان هذا الشعب تداول من يد الجنبي الى يد المرتشي
والله من وراء القصد .
https://telegram.me/buratha