المقالات

خطوات على طريق معالجة الفساد الاداري

6419 00:29:00 2006-12-03

( بقلم : حيدر سليم الحسني )

معنى الفساد الاداري هو اختلال سير العمل الاداري وانحرافه عن المسارات الصحيحة في الوصول لتحقيق اهداف الدولة وهي خدمة البلد وبناءه بسبب تفشي كثرة الاخطاء المقصودة، وغير المقصودة والتي تخدم افراداً من الموظفين كالرشوة والمحسوبية لتحقيق المصلحة الشخصية بالمصلحة العامة، ولذلك فأن الفساد الاداري يتحمله بالدرجة الاساس جهتان:1) القيادات الادارية اي مدراء الدوائر.2) اجهزة التدقيق الداخلي.

الفساد الاداري والارهاب وبغض النظر عن اي تعريف فان الارهاب شيء رهيب ولا يقبله العقل البشري وهو ليس من صفة البشر بل هو نوازع شيطانية تبرر القتل والخراب والدمار والاحتلال واشاعة الفوضى بين الناس من خلال الاستقواء بالسلاح او المال او السلطة   وينطبق الحال على الفساد , بل ان الفساد هو الارهاب ويلتقي الارهاب والفساد بقاسم مشترك في  سلب الناس حقوقهم المادية والمعنوية  واخطر ما في الامر الاضرار الاخلاقية والتي تدمر كيان المجتمع والوطن  فالارهاب تمارسه الدول والعصابات اما بالقتل او التخويف  وحتى بعض المؤسسات تمارسه على موظفيها وهو نوع من انواع الظلم و الاستقواء وسلب الحقوق بالتهديد  اما الفساد فهو  اشد خطرا على المجتمعات وعلى الانسانية  وهو ما ذكره الله تعالى في محكم تنزيله بانه يهلك الحرث والنسل ويدمر البلاد من خلال قوله تعالى( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس )صدق الله العظيموما جعلني اتطرق  لهذا الموضوع  ما يتناقله الناس والكتاب من اصحاب الاقلام وعبر الفضاء حول موضوع محاربة الفساد والاصلاح  ومما لا شك فيه ان الفساد اصبح سمة العصر الحديث رغم انه كان وعلى مدار التاريخ ومنذ نشأة البشرية بدلالة ما جاء في القرآن الكريم من قصص الخلائق ومنذ آدم عليه السلام , واول من بداء بالافساد هو ابليس الذي استأذن الله تعالى حيث قال (انظرني الى يوم يبعثون ) فاذن الله تعالى له وقال عز من قائل (اذهب انك لمن المنظرين انت ومن تبعك منهم لاملأن جهنم منكم اجميعين)  صدق الله العظيم اذا الفساد ليس مسألة جديدة في حياة الشعوب ,ولكن عصر التكنولوجيا والاعلام الذي أخذ ينقل الناس  الى اخبار وصور القتل و الفضائح  جعل من الفساد اكثر السلع  رواجا لا بل ارخص مادة تسلية يتمتع بها المشاهد في اوقات فراغه فنرى الاخبار والافلام السينمائية والمسلسلات مليئة بروايات الفساد وصور الافساد من خلال المشاهد التي يخرجها المخرجون لتأكيد الوقائع الفساد الاداري من منظور دولي  وغني عن القول ما هي الآثار المترتبة على وجود الفساد في اي جهاز اداري.والفساد الاداري داء لم تسلم منه اي دولة في العالم متقدمة كانت ام نامية او متخلفة, ولكن باختلاف في النسب.فبينما تؤكد الدراسات ان الفساد الاداري يقل كثيرا في الدول ذات الاقتصاد القوي والمستوى المعيشي المرتفع فإنه يرتفع بمعدلات كبيرة لدى الدول الفقيرة وذات المديونيات الكبيرة والمستوى المعيشي المنخفض.ويستطيع المراقب العادي ان يلاحظ ذلك من خلال الاوجه العديدة للفساد الاداري كانتشار الرشوة والتسيب بين الموظفين وضعف الانتاجية وتفشي المحسوبية والواسطة والايغال في الروتين وتعقيد الاجراءات وتمدد نفوذ كبار الموظفين وغير ذلك.وقد كشف تقرير نشر في المانيا مؤخرا (بحسب صحيفة الاقتصادية) ان حجم الرشاوى في العالم يبلغ 50 مليار مارك الماني سنويا تدفعها الشركات في شتى انحاء العالم للفوز بالعطاءات او لتسويق المنتجات.ونسبت صحيفة (سودويتشه) الالمانية الى فولفجانج شاوبنشتاينر المدعي العام الاعلى في فرانكفورت وخبير الرشاوى والفساد الاداري قوله ان الرشاوى اصبحت جزءا لا يتجزأ من المعاملات التجارية لا يتورع عنها حتى مديرو الشركات المرموقة,, وقال ان بعض الشركات صاغت توجيهات مكتوبة لكيفية دفع الرشاوى.  واوضح ان الخسائر الناجمة عن الرشوة والفساد الاداري في المانيا تتراوح سنويا بين خمسة وعشرة مليارات مارك مشيرا الى ان تكاليف منشآت القطاع العام (الحكومي) التي تكون صفقاتها منطوية على الغش تكون عادة اغلى من المعتاد بنحو 30% تذهب الى جيوب المسئولين عن العطاءات الحكومية. طرق علاج الفساد الإداري ومن اجل معالجة هذه الظاهرة يجب التركيز أولاً على اجهزة التدقيق الداخلي لكونها اكثر تماساً مع العمل فنجد في كثير من الدوائر ان قسم التدقيق ليس له أهمية، ويقوم بأعمال روتينية وذلك بسبب عدم كفاءة العاملين فيه أو عدم حرصهم وتحملهم المسؤولية الملقاة على عاتقهم وبسبب ارتباطهم بمدراء الدوائر، فتكون طاعتهم عمياء في تمشية أوامر الصرف.ويتلخص ذلك في الاعتماد على عناصر ليست من ذوي الاختصاص وكذلك تهاون القيادات الادارية في متابعة اعمال التدقيق والرقابة وعدم اشتراكهم في دورات تعليمية لتنمية قدراتهم الذاتية في العمل وعدم جدية السلطات الرقابية الخارجية مثل ديوان الرقابة المالية في محاسبة المقصرين ومرتكبي الأخطاء.ومن اجل معالجة هذه الظاهرة لابد من الخطوات التالية:1ـ ارتباط التدقيق الداخلي بالرقابة المالية مباشرة منعاً للإحراج من الإدارة العليا للدائرة.2ـ اختيار الموظفين من ذوي الأختصاص.3ـ اعطاء امتيازات مادية لموظفي التدقيق.4ـ اشتراك عضو مالي في جميع لجان المشتريات وأن تحمل المسؤولية كاملة بالصرف.أما فيما يخص الطرف الآخر في العملية وصاحب المسؤولية الكبيرة في مشكلة الفساد الاداري والخروقات التي تحصل في بعض دوائرنا، فهو القيادات الادارية العاملة في دوائرنا، وهذه القيادات لا يمكن تجاهل دورها بشكل مباشر او غير مباشر في تسهيل وقوع الفساد الاداري، والسبب في ذلك تقاعس بعضها عن اداء مهامها الرقابية بشكل فعال وكذلك عدم قيام البعض الآخر بتفعيل دور اجهزة التدقيق من خلال المتابعة والتشجيع وعدم الجدية في محاسبة المقصرين منهم محاولة تسوية المشاكل الادارية والاخطاء التي تقع في دوائرهم تسوية سلمية ضعيفة مما يعكس ضعف الادارة امام الموظفين وهذا قد يدفع البعض الى ارتكاب الفساد الاداري.من هنا فإن الفساد الاداري مرض يفتك بدوائرنا من حيث نشعر اولا نشعر وبشكل تدريجي حتى يوصلنا في نهاية المطاف الى انهيار اقتصادي واجتماعي، واذا اردنا ان نخرج من هذه المشاكل او السيطرة عليها فعلينا حثّ قياداتنا الادارية وتحفيزها لتفعيل دورها في محاسبة المقصرين وعدم التساهل معهم والالتزام المطلق بالقانون ومتابعة تنفيذ الاعمال بشكل مباشر وعدم الاتكال على الموظفين بحجة الاطمئنان الى نزاهتهم المطلقة أو حرصهم على العمل وكذلك تعزيز دور اجهزة التدقيق واعطائها المكانة التي تستحقها.  دور الحكومة والقوى السياسية في مكافحة الفساد الاداري والمالي من المعلوم ان للفساد الاداري والمالي مردودات وافرازات متعددة تشمل مختلف جوانب الحياة في المجتمع القانونية والاقتصادية والاجتماعية؛ فالفساد معناه الانحراف عن القواعد والضوابط القانونية، ومن الناحية الاقتصادية يدل على ضعف المؤسسات الحكومية وعدم الشفافية في الادارة الحكومية والضعف في الوعي والسلوك الاجتماعي، أي انتهاك قواعد السلوك الاجتماعي الطبيعي، اضافة الى شعور المفسد الاداري والمالي بارتكابه عملا شنيعا وبعيدا عن السلوك السوي. ولكون عراقنا الجريح المبتلى بالفاشست لمدة تزيد عن 30 عاما وما يفعله الان المجرمون من بقايا الحكم الدكتاتوري وقوى الظلام والتكفيرون، فقد برزت ظاهرة الفساد، بل واللامبالاة في المؤسسات الحكومية ولعدم الجدية في محاسبة المرتشين الكبار والصغار إضافة الى اعتماد المحاصصة الحزبية والعشائرية في توزيع المناصب العليا مما يعني عدم الوضوح والكشف للسلبيات ومنها الاختلاسات والارتشاء أو التزوير في المستندات والوثائق..الخ). فالظروف المحيطة بمؤسسات الدولة شجعت هذه الآفة المنكرة واقصد بها الفساد الاداري والمالي، مما انعكس ذلك على ضعف الأداء الفظيع وشيوع البيروقراطية. ان مواجهة الفساد الاداري والمالي مهمة تتحملها القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني كافة. ويتجلى دورها في تعزيز الرقابة الدقيقة ومحاسبة المسؤولين ومتابعة أدائهم الوظيفي وبمشاركة جماهير واسعة من قبلها وعلينا ان نعلم ان قيم الأخلاق والمواطنة أصبحت ضعيفة مع الأسف لدى الكثيرين وان افرازات وسلبيات النظام الفاشي المقبور قد انتقلت الى الكثير من الدوائر الحكومية فضلا عن عدم اعتماد المبدأ السليم في اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب. كما برزت بشكل خطير مظاهر الفساد الاداري والمالي كظاهرة السوق السوداء أو التهريب أو تسريب المواد من المخازن الحكومية لضعف الرقابة التجارية وعدم نزاهتها؛ اذ تشير الوقائع ان السلع والبضائع تتسرب وتسرق من المخازن الحكومية بكميات كبيرة كالمواد الغذائية أو الأدوية، تقع على عاتق الدولة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني لان ذلك ضمن وأجبهم كمواطنين يشعرون باستفحال ظاهرة الفساد كذلك مسؤولين عن ثروات وطنهم التي تذهب هدرا بالتعاون مع جهات عديدة كالمفوضية العامة للنزاهة والمفتشين الاداريين مع تأمين الحماية اللازمة لهم حيث يمكنهم الحد من هذه الآفة وردع الآخرين الذين يفكرون بإشاعتها. 
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
نامر عبد الرحمن عبد الرحمن مرعى
2011-02-19
يتحمل الفساد من فعله لانه من الممكن ان يكون من قام به اشد ذكاء من الادارة و المراقبه الداخليه و المراقبه الحكوميه ولكن من الممكن محاسبه الادارة والاحهزة الرقابيه بالتقصير و عدم البذل للواجب اما اذا شتركوا فى الفساد يتحملون النتيجه مع الاخرين
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك