( بقلم :عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
مع اسدال الستار على فصول الجريمة المروعة التي شهدتها مدينة الصدر مساء الخميس الماضي، بدأ فصل مغاير تماماً لتداعيات الجريمة ووقائعها.فعلى المستوى المحلي انعقد المجلس السياسي للامن الوطني وخلال الثمان والاربعين ساعة التي تلت العملية، اربع مرات متتالية لتدارس الاوضاع السياسية والامنية التي تعيشها البلاد، وفي كل مرة يجتمع بها المجلس السياسي للامن الوطني يعلن اعضاؤه دونما استثناء تضامنهم مع ضحايا المجزرة واصرارهم على ملاحقة القتلة المجرمين من الارهابيين والصداميين والتكفيريين الذين يسعون بخبث ولؤم لان يدقوا اسفين الفرقة بين ابناء الشعب الواحد في محاولة يائسة لخلط الاوراق متخندقين كذباً وزوراً خلف هذه الطائفة او تلك ليتخلصوا من عزلتهم وليخرجوا من شرنقة الظلام والتي اختاروها لانفسهم بملء ارادتهم.
وفي الاتجاه الاقليمي يكون العراق قد دخل مرحلة هي الاولى من نوعها منذ ما يقرب من الربع قرن وحتى الآن اذ لم يصل خلال الفترة الماضية سقف العلاقات السورية العراقية الى هذا المستوى من التقارب السياسي والدبلوماسي والاقتصادي، بل ان بغداد لم تستقبل وزير خارجية سوري على الاقل منذ العام 1979 وحتى الآن، وما يزيد في روح واهمية العلاقة بين البلدين انها جاءت على خلفية ترسبات قديمة وحديثة ابعدها الخلاف السوري العراقي بشتى المواقف واحدثها اتهام دمشق على اساس انها البوابة الرئيسة لنفوذ الارهاب التكفيري الصدامي باتجاه العراق.
ان الزيارة العاجلة للوفد الامني العراقي رفيع المستوى الى العاصمة دمشق يؤشر مصداقية وارادة الطرفين الشقيقين على ضرورة تجاوز الماضي بكل تجلياته وتمظهراته والولوج نحو علاقة اخوية تنتهي الى ان تكون سوريا عمقاً عربياً حقيقياً للعراق بالوقت الذي يؤكد فيه العراق دوماً وابداً بانه عمق سوريا في كل الاحوال والمتغيرات.
التوجه الاقليمي الجديد قاده رئيس الجمهورية باتجاه العاصمة طهران التي استقبلته بحفاوة وتقدير بالغين واعربت فيه الاخيرة عن استعدادها اللامشروط لتقديم شتى انواع الدعم السياسي والميداني لتثبيت ركائز العملية السياسية العراقية الجديدة وهذا منجز ليس بالسهل، فيما اذا ادخلنا عوامل التنافر التي شهدتها العلاقة بين البلدين خلال حقبة الثمانينيات وما تخللها من حرب ضروس تعد هي الاشرس بعد الحروب الكونية التي شهدتها المنظومة الدولية،في تقييمه وحساب نتائجه.
التوجه اللاحق هو ما ستشهده القاهرة من مؤتمر لوزراء الخارجية العرب خلال الايام القادمة حيث سيصدر بياناً عن هذا الاجتماع يؤكد وقوف العرب جميعاً صفاً واحداً لدفع مسيرة التوجه الديمقراطي التعددي الذي تخوضه القوى السياسية العراقية، وعلى مسافة ليست بعيدة عن ذلك تأتي الزيارة المرتقبة لرئيس الحكومة العراقية الى عمان لتضيف الى المشهد بصورته الاجمالية فصلاً مهماً اخراً من خلال لقاء دولته مع الاشقاء الاردنيين وربما مسؤولين عرب آخرين فضلاً عن لقائه المرتقب بالرئيس الامريكي جورج بوش لتدارس الاوضاع العراقية بكل ابعادها وبما يمنح القرار العراقي مساحة اكبر واوسع في التحرك والمواجهة. لاشك ان مثل هذا التحرك السياسي المكثف سيكون السلاح الامضى لمحاصرة المظاهر الامنية المنفلتة في البلاد وهذا ما ينتظر نتائجه العراقيون جميعاً.
https://telegram.me/buratha