( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
الزيارة التي قام بها السيد وليد المعلم وزير الخارجية السوري الى بغداد تندرج عند جميع المتابعين للشأن السياسي العراقي والاقليمي بالخطوة الهامة، وهي كذلك بكل تأكيد، فما بين العراق وسوريا ربما لا يتوافر على الاطلاق بين العراق وغيره من الدول العربية، فسوريا هي الدولة العربية الوحيدة -وهنا نؤكد- على انها الدولة العربية "الوحيدة" التي فتحت ابوابها مشرعة امام العراقيين وقواهم السياسية بشتى اتجاهاتهم القومية والاثنية والفكرية والسياسية اذ كانت سوريا وطيلة عقدي الثمانينيات والتسعينيات ملاذا آمنا للعراقيين الذين خذلتهم الانظمة العربية باصطفافها مع الدكتاتور القاتل السادي بحق شعبه وجيرانه، وبفضل مواقف سوريا وحنكة زعيمها الراحل نجحت هذه الدولة في ايقاف عملية فرسنة او تعريب الحرب العراقية الايرانية ودفعت سوريا انذاك ثمنا باهظا بعدم اصطفافها الى جانب نظام صدام في حربه مع الجارة ايران، لكن هذا الموقف اجبر الانظمة العربية بأكملها على احترام القرار السوري حينذاك مع حلول صبيحة الثاني من اب عام 1990 عندما تقدمت جحافل صدام لتبتلع دولة عربية شقيقة مسالمة في ليلة ظلماء، ووقتذاك اتجه الموقف العربي صوب دمشق منكساً رأسه لخطأه الذي وقع فيه خلال الحرب العراقية الايرانية.
ليس هذا ما نريد بحثه الان انما المهم والاهم ان سوريا هي الدولة العربية الوحيدة التي تمتلك اوسع دائرة للعلاقات النزيهة النظيفة مع القوى العراقية التي تدير البلاد حاليا فعلاقاتها مع التيار الاسلامي وتحديداً مع شهيد المحراب والمجلس الاعلى ممثلاً بزعيمه وقيادته تتسم بالشفافية والصراحة والثقة ومثلها علاقاتها مع التيار الكردي وربما بنفس الوتيرة يكون شكل علاقاتها مع التيارات الاخرى التي تنتمي الى الدائرة القومية والليبرالية.
هنا اتجهنا بالحديث عن ما لسوريا في العراق فعليه يجب ان نتحدث ايضاً عن ما للعراق على سوريا، فالعراقيون دون استثناء لا يوجد فيهم احد ليس لديه اشكالات عن الدور المنسوب الى دمشق في قتل وتدمير بلادنا بشرا وممتلكات حيث تشير جميع الوقائع والحقائق والدلائل الامنية والرسمية على ان ما حصل بالعراق خلال العامين المنصرمين مصدره الاساس "سوريا" وهذه احجية او مفارقة غير مفهومة ولِمَن تلتبس عليه الرؤية نعطيه الحق في ذلك اذ كيف لدولة كانت هي الحاضنة العربية الوحيدة للقوى السياسية العراقية وتقدم الدعم المعنوي والسياسي لها،تستدير فجأة بموقفها الى العكس تماماً عندما تحقق هذه القوى اهدافها في تخليص الشعب العراقي من ذلك الكابوس؟
ان مقولة الاحتلال التي يرددها الخطاب السياسي السوري غير كافية لتبريرهذا النهج التدميري الخطير الذي لحق بالوطن العراقي،واذا كانت سوريا ترى ان الاحتلال يجب ان يزول فهل سيزول الاحتلال بقتل العراقيين ام بمساعدتهم لتحقيق هذا الهدف؟ واذا كانت ترى دمشق ان التجربة السياسية العراقية في ظل الاحتلال غير صحيحة فان اللاصحيح هو ان يُقتل العراقي ان كان شيخا اوشابا اوطفلا اوتلميذا اوطالبا اوطالبة برصاصة او احزمة متفجرات سورية او بواسطة جماعات اخترقت اراضيها ودخلت بلادنا قادمة من دمشق!!.
اننا نأمل من زيارة السيد المعلم خصوصاً بعد لقائه بالزعامات العراقية وفي طليعتها زعيم كتلة الائتلاف العراقي الموحد السيد عبد العزيز الحكيم والسيدين رئيسي الجمهورية والوزراء ومسؤولين اخرين وكذلك بعد التصريحات الهامة التي ادلى بها الوزير المعلم من ان دمشق ستدعم العملية السياسية الجارية في العراق وستسعى بكل جهدها لصنع الاستقرار في العراق،ان تسير الامور بين البلدين في الاتجاه الذي يتمناه شعبينا و ان تعود سوريا لتكون هي عمقنا الامني والبشري والسياسي والاقتصادي العربي،فما بين سوريا والعراق حقائق تمليها حركة التأريخ ووحدة الجغرافيا والمصير المشترك القائم على روح الاخوة والمنافع المتبادلة من خلال فتح صفحة جديدة في العلاقات التي كانت متعثرة بين الدولتين الشقيقتين على طول التأريخ المعاصر.
https://telegram.me/buratha