( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
لا نعتقد ان هناك تجربة سياسية دستورية برلمانية تعددية في المنطقة تشابه التجربة السياسية الدستورية التعددية القائمة حالياً في العراق. واذا تفحصنا المفاصل الزمنية التي عاشتها منطقتنا والتجارب الدستورية او السياسية التي تخللتها فسوف يكون ذلك الادعاء واقعاً يرتكز الى جدار الارقام والتجارب والحقب التي عاشتها المنطقة ككل.
التجربة العراقية الحالية، تجربة كبيرة وفريدة ولا يمكن باي حال من الاحوال ان يكون بمقدور العراقيين صناعة تجربة اخرى اكثر غنىً وموضوعية وشمولية وتعددية وواقعية اكثر من هذه التجربة التي جمعت تحت قبتها كتلاً سياسية مثلت ولأول مرة في تأريخنا القديم والمعاصر تلوينات شعبنا ذات الاتجاهات الاثنية والعرقية والفكرية والسياسية.
ان ما يزيد هذه التجربة ثباتاً وشرعية وقوة انها تستند في تكوينها الى احد عشر مليون مصوّت كانوا قد ذهبوا الى صناديق الاقتراع في ظرف امني يكاد هو الاسوأ في تأريخنا وهذا ما يجعل المشروع والشرعية يسيران باتجاهين متوازيين ويفترض بهما ان يمثلا عامل تعضيد وتسوير لوحدتنا الوطنية التي يريد لها الغير ان تتشرذم وتتقاتل وتنكفئ على جدران تجاربه الهزيلة.
ان البرلمان العراقي الحالي يعد الوجه الحقيقي لهذه التجربة وهذا ما يزيد من اعضائه وزعماء كتله مسؤولية اضافية اتجاه شعبهم الذي اختارهم كممثلين عنه، وهذا البرلمان يفترض به ان يكون الراصد الحاسم الحازم للاداء الحكومي وخصوصاً في مجالي الدفاع والامن وعلى زعماء الكتل ان يدركوا هذه المسؤولية الوطنية التأريخية بكل ابعادها الانسانية والاخلاقية، ويجب ان تدفعهم هذه المسؤولية دائماً للبحث عن أي وسيلة تقرّب ولا تبعّد، توحّد ولا تنفّر على عكس ما يقوم به بعض زعماء كتلنا عندما يجد فرصة في هذا المكان او ذاك او في هذه العاصمة او تلك لينفث سمومه ويزيد في اراجيفه وحقده ويصعّد من خطابه وظلاماته التي هي الظلم بعينه كي يشوه تجربتنا اولاً وكي يعمد الى خلط الاوراق ان كانت عرقية او مذهبية لتزيد النار اشتعالاً والقتل دموية ثانياً.
ان الذي حصل في مناسبات ببعض البلدان العربية كمناسبة احياء الذكرى السنوية لشهادة حسن البنا (رحمه الله) وما قاله بعض الذين يتصدون لمسؤوليات وطنية برلمانية عراقية لهو مسألة خطيرة اقل ما يقال عنها انها نفاق سياسي يتنافى مع القَسَم الذي ادّاه هذا المسؤول من انه سيعمل على اطفاء نار الفتنة وتعزيز روح اللحمة الوطنية بين العراقيين جميعاً وتعتبر تلك الاقاويل والافتراءات خرقاً فاضحاً لوثيقة كتبت في بيت الله الحرام ولمّا يجف حبرها بعد.
المطلوب من كل متصدٍ للعملية السياسية ان يراعي وحدتنا الوطنية وان يعمل جاهداً لانجاح مشاريعنا الوحدوية التي كان من اهمها مشروع المصالحة الوطنية وتفعيل وثيقة مؤتمر مكة رحمة بشعبنا وبشرائحنا المختلفة ان كانت سنية او شيعية او كردية، كما وان الامر الاهم هو ان يعمل البرلمان والحكومة معاً لايقاف نزيف دمائنا الذي لم تسلم منه عائلة عراقية واحدة مثلما يفترض ان نعمل وفي مختلف الاتجاهات على ايقاف مسلسل التهجير القسري الذي تتعرض له العوائل العراقية المظلومة دون وازع اخلاقي من الذين يقفون وراء مثل هكذا افعال.
https://telegram.me/buratha