( بقلم : كريم البيضاني )
الزيارة التي قام بها السيد وزير خارجية سوريا الى العراق....قد تكون مفاجأة للجميع..وقد تكون غير مرغوبة عراقيا ايظا عند البعض ...والسبب هو ان جيراننا واشقائنا السوريين .. بلغوا من الخطيئة بحق العراقيين مالايمكن الصفح عنه مهما بلغت درجة الحصافة السياسية والحكمة عند اهلنا في العراق..
فالدعم الغير طبيعي الذي قدمه السوريون الى العراقيين الهاربين من جحيم النظام الدكتاتوري الصدامي المهزوم ..قبل سقوط هذا النظام الجائر..كان دائما محل تقدير واعجاب كل مظلوم عراقي...حيث استطاع الرئيس الراحل حافظ الاسد ان يكون اكثر الحكام العرب حكمة تجاه العراقيين ومحنتهم..حتى وصل الحال ان العراقيين اتخذوا من سوريا بلدا بديلا لبلدهم في رحلتهم الطويلة واليائسة..واستطاع السوريين ان يؤسسوا علاقة مبنية على الاحترام المتبادل بين الشعبين السوري والعراقي...صحيح ان العلاقة بين المظلومين العراقيين والشعب السوري وحكومته لم تتغير..ولكن التقارب الملحوظ بين النظام الصدامي الايل الى السقوط في حينه..والحكومة السورية جعل الكثير من العراقيين يتوجسون من هذه العلاقة..في حين فسرها البعض على انها علاقة مصالح لا اكثر..وان ما تقوم به حكومة بشار الاسد لايعدو كونه حالة طبيعية.. بحكم ان معظم الدول الغربية كانت تتعامل مع نظام صدام رغم الحصار الدولي على هذا النظام...وبالرغم من وجود المعارضة السورية ضد حكم ال الاسد في بغداد ...وهي الاخرى لم تعلن اي شيئ عن هذا الوضع....
سقط نظام صدام وتخلص العراقيين من كابوسه الذي جر على العراقيين الحروب والتدمير والتشريد والمجازر..بالرغم من ان العراق لم تكن لديه اراضي محتلة ولم يهاجم نظامه اي قوة ان كانت اقليمية او دولية....
ومن خلال سير الاحداث ودخول القوات الامريكية الى بغداد....حدثت امور لايمكن تفسيرها منطقيا ...فالسوريين كان الاجدر بهم ان يكونوا اول الفرحين بسقوط هذا النظام ..لان الامور اصبحت طبيعية بين الشعبين..فمن احتضنتهم الارض السورية عقودا من الزمن اصبحوا هم في هرم السلطة وبهذا ستكون عملية اندماج المصالح بين البلدين والشعبين من اسهل الامور بالرغم من تواجد القوات الامريكية في العراق...وكان الاجدر بالاخوة في سوريا من المبادرين الاوائل الى اسناد الحكم الجديد.. الذي حصل عكس كل التوقعات وعكس كل منطق وحكمة...العراق يغرق بدماء ابناءه..العراق يذهب الى هاوية الحرب الاهلية...العراق مرشح للتقسيم ....السوريين الذين لم يبادرو الى فتح حدودهم الى المعارضة العراقية سابقا والحاكمة حاليا..لكي تقوم باسقاط نظام صدام...على العكس حيث كانت الحدود محكمة الغلق امامهم..ومنها لايمرحتى الهواء باتجاه جهتي الحدود الا بعلم وموافقة المخابرات والسلطة السورية عموما...وبهذا احكم كل جيران العراق حدودهم حتى لايزعج احدا صدام ..وتركوه ينفرد بشعبه وينكل به تنكيلا وتقتيلا...وكان الاخوة السوريون منشغلين بلبنان ومشاكله...وفرحين بالمنحة النفطية المجانية التي كانت تمر عبر خط كركوك-اللاذقية النفطي والتي اغدق بها صدام عليهم.. حتى الجولان ليست على اجندة الصراع مع خصوم سوريا....وكان الكل يبرر ذلك بحكمة الرئيس الراحل بعدم جدوى الصراع مع اسرائيل لان ميزان القوى غير متكافئ بحكم قوة اسرائيل من قوة داعميها الغربيين وامريكا....
بعد سقوط نظام صدام تبين ان للاخوة في سوريا قوة هائلة وتدميرية في ايذاء الاخرين...ومن الغريب ان ماقامت به الحكومة السورية في السابق مع مظلومي العراق..وتحريضهم على الثورة ضد نظام صدام..فعلته الان ضدهم وبلا مبرر؟؟؟...فكيف اصبح اعوان صدام الذين كانو يتحينون كل الفرص لايذاء الحكومة السورية..اصبحوا الان مرحب بهم ومدعومين من قبل الاخوة السوريين ...حتى اصبحنا لانعرف ماذا نقول لهم..وماذا ننتظر منهم...من جواب...
القوات العراقية الجديدة ..تمسك ارهابي جزائري او سعودي او سوداني وتسأله..من اين اتيت الى العراق..يقول من سوريا..اين تدربت على القتال ..يقول في معسكرات قرب مدينة اللاذقية السورية...من دربك ؟؟ يقول المخابرات السورية..وماذا فعلت بالعراقيين؟؟..يقول ذبحت بيدي الاثنين 10 عراقيين ابرياء...ويقولون له لماذا؟؟..يقول حتى اصبح اميرا مجاهدا واحارب الصفويين؟؟؟
تخرج علينا الحكومة العراقية وبخجل وتقول...ان الاخوة في سوريا عليهم ضبط الحدود..وان يكفوا عن ارسال المزيد من هؤلاء الينا..ويسكت كل العراقيين بعد ذلك بالرغم من عظيم مصابهم ..لايرد في المقابل السوريين على هذا الكلام وتستمر الحالة كما هي...الكل يقول..مادام السوريين يفعلون هذه الامور ومادام الشعب العراقي عاجز عن درء الخطر القادم من سوريا... فلماذا لاتتحرك امريكا التي بحكم قرارات الامم المتحدة هي المسؤولة عن امن العراقيين؟؟؟...يصمت الجميع حتى الامريكان عن الجواب وتستمر طاحونة البشر في العراق ..ويقتل خيرة ابناء العراق على يد هؤلاء الارهابيين ..وكأن الجميع يرغب في معاقبة الشعب العراقي بهم...
نحن لا نعرف باي وجه جاء السيد وزير الخارجية السوري المعلم الى العراق..وقد اعطى البريطانيين له الضوء الاخضر بالمجيئ بالرغم من النفي القاطع من قبل السيد الوزير ..بان لا احد ارغمه على المجيئ الى بغداد او اعطاه الضوء الاخضر بذلك؟؟؟
المعلوم لكل العراقيين ان في سوريا الان لاتسمع الا اناشيد حزب البعث والتمجيد بصدام..في دمشق لو تفوه احدا بكلمة ضد (المقاومة الشريفة) في العراق ..سوف لن يجد له احدا اثرا...فسوف يعطى هدية الى الذباحين والمجاهدين السلفيين والبعثيين في العراق...عشرات القوافل من الارهابيين تدخل العراق عن طيب خاطر من الجانب السوري..وتلتحق بماكنة القتل اليومي هناك..
لقد انكشفت اللعبة وبانت الحقيقة..لقد جعل الجميع من المحيطين بارض العراق نصب اعينهم قتل العراقيين عقابا لهم لانهم تمردوا على ماهو مألوف في الصراعات التي تعصف في المنطقة..هناك محاور وقوى لاعبه ..الكل يريد جذب الغنيمة العراقية الى جانبه...ايران تريد ان تركع امريكا امامها وتعلن تسليم مفاتيح المنطقة لها..لكي تنفذ اجندتها في فرض نظام ديني مقابل للنظام الديني الوهابي الذي يمتلك القوة والنفوذ من وفرة المال الاتي من بيع البترول...
تركيا لها اجندتها مع الكرد وتريد لها وضعا خاصا في العراق لاسباب معروفة للجميع....السعودية ومن ورائها دول الخليج المرعوبة من تنامي القوة الايرانية..وتنامي منطق الارهاب في خطابها الديني الشعبي حيث زجت العراقيين في صراع مع ايران ولم ينجح في القضاء على الحكم الايراني..وكانت نتيجته ابادة الشعب العراقي وتصاعد غطرسة النظام الصدامي المدعوم على كل الصعد من قبلهم..حتى وصل الحال ان صدام ونظامه احتلوا الكويت وكان هدفه احتلال الجزيرة العربية بكاملها وذلك تطبيقا لاحلام حزب البعث....
اما الاردن فهو بلد لاتعرف له اجندة خاصة سوى الاستفادة قدر الامكان ماديا من اية ازمة تحدث في المنطقة..فنزوح السكان اليه من دول الصراع يعتبر نعمه..وهروب الاموال من قبل الفاسدين في تلك الدول ايظا نعمة..فالاردن لايسأل احدا من اين لك هذا..فقط يقول تعال ولك الامان..لان الاردن في الحقيقة حزم امره منذ تأسيس دولة الهاشميين في بدايات القرن الماضي ..حيث اسطف دائما مع خصوم العرب..واطمئن على وجوده كنظام الى ابد الابدين...
اما سوريا فهي في حلف استراتيجي مع عدة اطراف ..اولهم الحلف السعودي المصري الذي انفرط عقده مع اغتيال رفيق الحريري وخروج السوريين من لبنان..وبقيت فقط علاقتهم مع المصريين...وحلفهم الاخر مع ايران..وذلك بسبب تشابك المصالح في لبنان والمصالح الاقتصادية ايظا...فالحلف الثلاثي السوري المصري السعودي لايعني العراقيين بشيئ لان اتجاهه واهدافه هي الحفاض على مصالح بعض في لبنان وفلسطين..اما المحور الايراني السوري فقد تحول الى كابوس على العراقيين..فالسوريين تخلصوا من كل معارضيهم السنة عبر السماح لهم بمساندة من حماهم من مجازر سرايا الدفاع في حمص وحماه واستقبلهم في العراق وهو النظام الصدامي السابق...وتسهيل امردخولهم الى العراق بحجة الجهاد وتحرير العراق من الامريكان و(الفرس؟؟؟).. والذين هم حلفاء الحكومة السورية في المحور الثاني...
الحقيقة المرة هي ان الحكومة السورية تلعب على كل الحبال ولايهمها الشعوب..فخالد مشعل يجب ان يبقى في دمشق الى اخر يوم من بقاء الحكم في سوريا يخطف ويعربد ويوهم الناس بسقوط الغرب وحضارتهم وبقاء اسرائيل وحيدة وسيسهل على حماس ومشعل ابادتها ورميها في البحر بمساعدة القنبلة النووية الايرانية وصاروخ شهاب...
وحسن نصرالله سوف يبقى مقاوما الى ابد الابدين حتى لو تحرر لبنان واحتل اراضي دول اخرى مستقبلا..فهو الورقة الرابحة وفتيل النار التي ستحرق شعب لبنان من جديد...والضاري وعزة الدوري هم الورقة الرابحة لهم في العراق فلهم كل الاراضي السورية وامكاناتها اللوجستية والشعبية مفتوحة...ولهم كل الحق في قتل الصفويين الشيعة كما يصفهم مشعان الجبوري الهارب الى دمشق بعد ان نهب وسرق وقتل في العراق..والذي لازال يغني اغاني الحرب التي قادها صدام ضد ايران حليفة سوريا ..وذلك في قناته التلفزيونية الزوراء...بصراحة ...علينا ان نتوقع كل شيئ في هذا الزمان ..مادام كل المجرمين والطغاة يمارسون هواياتهم في ابادة الشعوب ويجدون من يتحالف معهم ويدافع عنهم بحجة تشابك المصالح...وما زيارة الوزير وليد المعالم الى بغداد الا جزء من اللعبة التي تمارس في منطقتنا وعلى العراقيين ان يتقبلوها بروح رياضية مادامت المصالح ومنطق الربح والخسارة على حساب الشعوب والبلدان هي الرائجة الان...ولعبة نظام البعث الصدامي هي اللعبة التي تجعل دول الجوار عون لنا..فالمنح النفطية يجب ان تكون على طاولة كل مفاوضات حول اصلاح الامور مع جيراننا....افتحو صنبور انبوب النفط على الاخوة السوريين وستجدون بالمقابل حيتان الارهاب والقيادات البعثية القومية والقطرية المجرمة تتقاطر عبر الاراضي السورية مكبلة الايدي والارجل...
https://telegram.me/buratha