المقالات

ركائز الارهاب في العراق وأبعاد لعبة الحكم والقصاص

2142 03:26:00 2006-11-20

أين جثث موظفي منشأة نصر؟؟! اختطف اكثر من ثمانين موظفا من منشأة نصر في التاجي وجميعهم من اتباع اهل البيت دون ان يعثر على أي منهم حيا بل فقدت جثث أكثرهم في قاع نهر دجلة،ودفن اربعين منهم احياء ،فهل ثارت ثائرة وزير الصناعة او غيره ................ ( بقلم : المحامي طالب الوحيلي )

هل اصبح الحديث عن مصادر الارهاب في العراق مجرد تشبيه بمن فسر الماء بعد الجهد بالماء؟ وهل غابت عن الجميع اسبابه ومسبباته بحيث يقع عبء الجواب على الحكومة كسلطة تنفيذية اولا وعلى الكيانات السياسية التي تصدت منذ سقوط الطاغية لعملية اجتذاب العراق من مخالب الخراب والضياع ،حتى حلى لبعض المحللين والمراقبين المحليين او غيرهم تضييق دائرة هذه الاسباب وتصغير بواعثها على ما آل اليه الحال بعد 9نيسان 2003 الى مجرد اتهامات للقوى المتحالفة دوليا في عدم جدية الاسباب الكامنة وراء اسقاط الطاغية صدام ،كالقضاء على اسلحة الدمار الشامل او على القاعدة بعد ثبوت ارتباطها بالنظام الصدامي ،وهذه الاسباب وان كانت حقيقية فعلا ولكنها يمكن ان تفند على صعيد العمل الميداني ،مما يفتح بابا للتكهنات ازاء جدية عملية تحرير العراق من ابشع طغيان شهده التأريخ ضد شعب يفترض ان يكون جزء من المنظومة الانسانية في هذا الكون ،فاسلحة الدمار الشامل التي ارعب بها صدام العالم كانت قد جربت فعليا في معاركه اثر حربه المدمرة ضد ايران وقد ساهمت الكثير من الدول المتحضرة في رفد هذه الترسانة باهم عناصر التكنولوجيا والخبرات او غض النظر على اقل تقدير عن التجارب التي كان يجريها اختصاصيو وتكنولوجيو النظام طيلة سني حكمه ،ومنها الاسلحة البايلوجية والجرثومية فضلا عن تزويده بالخامات الأساسية لتلك الاسلحة ،كما انها استخدمت وبصورة واسعة ضد الشعب العراقي في كردستان وفي الانتفاضة الشعبانية وفي مناطق الاهوار ،فيما كانت إقرارات الطاغية صريحة بهذا الجانب لاسيما وانه قد استخدم كل الألاعيب البليدة خلال مراحل التفتيش الدولي على أسلحة الدمار حتى بلغت مخدع نوم زوجته وعرش حكمه .

اما مسألة محاربة القاعدة بصفتها الوجه الاول والاخير للارهاب في العالم والتي كانت اكثر الاسباب قبولا لدى دافع الضرائب للدول المتحالفة ،فهو امر كبير ينبغي الوقوف عنده كثيرا بالنسبة للبحث الجدي لمشكلة الإرهاب في العراق ،فقد تركت القاعدة جبهات قتالها اثر هزيمتها في أفغانستان وتحولت إلى شراذم لا قواعد لها او مناخ طبيعي لنموها لتلتئم كطحلب مفترس عبر المساحات الشاسعة من الحدود المفتوحة للعراق وكأن في الأمر استدراج لها للقضاء عليها وذلك حاصل فعلا ولكن ما هو الطعم الذي اجتذبها ؟

انها النزعة الطائفية والتكفيرية بالذات ليكون ابناء الاغلبية المبتلاة بالقتل والاضطهاد والعهود المشبعة بالدم العراقي افضل طعم لها وتلك طبيعة محترفي صيد اسماك القرش والضواري ،حيث يقف الصياد متأملا كيف يفتك ذلك الوحش بالفريسة أي الطعم على امل ان يطعنه او يأسره ،فاول بيانات القاعدة كان ينص على إحداث الفتنة الطائفية من خلال تحريض طائفة معينة فقدت ميزة السلطة ولابد ان تكون مهمشة او عبارة عن أقلية لا يمكنها ان تنفرد كالسابق بالحكومة او تهيمن عليها على اقل تقدير ،وتكون أولى خيوط اللعبة هي استهداف الرموز السياسية والدينية المهمة، ومن ثم استدراج المغالين من ابناء تلك الطائفة بعد ان حرموا من العودة الى دوائرهم الأمنية او العسكرية التي الغيت او الذين اجتثوا من وظائفهم عبر قانون اجتثاث البعث ،وقد جرت مقادير الاجتثاث بصورة نمطية لا خبرة او دراية لمصدرها في الأمر العراقي فيما لو ترك هذا الجانب لقوى الشعب المتصدية والمشاركة في إدارة الدولة الجديدة لكان الحال غير ما انتهت اليه الأمور كون اهل مكة ادرى بشعابها ،وهم ادرى بالملف الامني من سائقي الدروع والمحلقين في الأعالي ،ليؤدي ذلك الى تمدد مهول لطحلب الإرهاب الذي سبح فعلا في حياض الدم التي يتركها كل حادث تفجير او مكمن للذبح .وهكذا تحول فعل القاعدة المهزومة الى عقيدة اعتنقها كل بقايا البعث وكل من اراد الإبقاء على المعادلة الظالمة التي لا أجد بدا من استذكارها ،لا من جانب طائفي فحسب وإنما من جانب سياسي كون التاريخ العراقي المعاصر قد عمّد بالدم ولطالما وقف الطغاة على أجساد قتلانا ليبقى معظم هذا الشعب مغلوبا على أمره وقد فقد حريته وحقوقه السياسية التي سبق العديد من شعوب العالم في المطالبة بها، وكان مثالا للتجارب النضالية الكبيرة التي تندرج في السياقات التأريخية لحركات التحرر الوطني في العالم .

أول مرتكزات النمو الإرهابي هي الماكنة الإعلامية التي تبنتها بعض القنوات الفضائية بكل قدراتها التقنية والمالية المدفوعة سلفا من الخزين المغتصب للشعب العراقي ومثال ذلك قناة الجزيرة التي راحت تصنّع الحدث وتغري الفعل الإرهابي بل ان تصريح لمثنى حارث الضاري حول رفع صور الطاغية في منطقة ما من العراق بان قناة الجزيرة قد اتفقت مع عدد من الصبية لرفع صور الطاغية والهتاف له مقابل اجر معين ،فيما كانت هذه القناة النافذة الاولى لاخبار القاعدة وبياناتها لكي تغالي فيما بعد بتسويق الحادث عبر عدد من الأبواق ليكون الشعب والقوى الممثلة له الهدف الوحيد والمذنب الذي يتوجب القضاء عليه ،وما الى ذلك من امثلة اضطلعت بخبثها وإشعالها للفتن قنوات عراقية وعربية اخرى كأدوات تحريض وترويج لقتل الأبرياء .

المرتكز الثاني للإرهاب هو بقاء الزمر البعثية وعناصر الامن والمخابرات ووكلائهم ممن ، بعيدا عن الملاحقة القضائية والتحقيق العادل لتمنحها قرارات الحاكم الإداري مظلومية ناحت ولطمت على أحزانها وسائل الإعلام ،فيما انكفأت القوى التي تتبنى العملية السياسية على بناء دولة قويضت أركانها القانونية بسبب سوء ادارة الملفات وترادف القرارات الدولية التي كبلت الشعب اكثر من ان تطلق له العنان ليقع بين كفتي رحى الاحداث ،وكان عزاءه الوحيد ان اجتذب حقه في فرض العمليات الانتخابية بعد ان تعمدت الإدارة الأمريكية اعتماد طريقة التعيين لغرض كتابة دستور البلاد الذي سوف يكفل له حريته وسيادته الفعلية .

القوى المنضوية تحت راية النظام البائد تعلم يقينا مقدار حجمها وحجم قواعدها ،فكانت بدل ان تلعن ذلك الماضي الاسود وتلتحق بركب العملية السياسية الجديدة في تصحيح المسارات التي تسببت بها الادارات البالية منذ تأسيس الدولة العراقية وحتى سقوط اخر نظام دكتاتوري في العراق (حتما) ،راحت تلك القوى تبحث لنفسها عن فسحة تمكنها من الولوج الى قلب العملية السياسية مستثمرة قدرتها على المناورة واستلها تجربة مابعد ثورة العشرين التحررية بالقدر الذي تتشابه فية الادوار ،وفعلا برزت شخوص المسرحية ،ساسة على قدر كبير من المزايدات ،وصخب اعلامي مرعب ،ورعب مستورد مستمد من علاقات يتبرأ منها المجتمع العراقي ،ومنها جرائم ذبح البشر وقطع رؤوسهم وتصوير تلك المجازر وترويجها عبر شبكات الانترنت او عبر القنوات الفضائية ،والضحايا ابتداءا من موظفي الامم المتحدة او المؤسسات الانسانية او كسبة وجدوا في فرص العمل المغرية ما يمكن ان يضعهم في خانة الرفاه الاقتصادي بعد ان حرموا منها كثيرا في زمن الطاغية ،وهكذا تظافرت بعض الظروف لتجعل من العراق ساحة صراع مستديم بدل ان يكون محل للم الشمل والتسامي على جراح الماضي ومصائبه .

اسماء خرجت من العدم ليصنع لها الاعلام من حيث يدري او لا يدري هالة كبيرة ،فيضعها في صلب الحدث وفي مواطن صناعته ،ولتتحول بعضها الى وسيط بين مراكز القتل والخطف وبين ذوي الضحايا وممثلي دولهم ،فتؤلف لكل واحد منهم قصص لا مثيل لها من الرعب والوحشية ،دون ان تعلن استنكارها او براءتها من أي جريمة ارهابية وقعت في العراق ،بل الانكى من ذلك انها صنفت تلك الجرائم على انها مقاومة شريفة واباحت قتل رجال الشرطة والحرس الوطني على انهم يعملون بخدمة المحتل ،وحللت قتل اتباع اهل البيت لانهم موالون للحكومة الجديدة ،حتى ولو كان بعضهم قد دخل فعلا في هذه الحكومة بالرغم من عدم اعترافهم بها قولا او فعلا وعدم اعترافهم بمصدر شرعيتها بالرغم من اقدامهم على المشاركة في الانتخابات العامة وفي الاستفتاء على الدستور ،وليس عسيرا على أي منهم ولو كان تحت قبة البرلمان ان يطعن بتأريخ الشعب العراقي ويكيل التهم ويطلق المسميات المنتقاة من قاموس البعث الصدامي ،وليس غريبا ان يجعل من كافة المنابر مجالا لتبرير المجازر التي ترتكب بحق اتباع آل البيت على انها ردود افعال ويغض الطرف عن تهجير قرى بكاملها او اختطاف مجاميع من الأسر المسافرة وقتلها بدم بارد او خطف العشرات بل المئات من رجال الشرطة والجيش وقتلهم او اختطاف اكثر من ثمانين موظفا من منشأة نصر للإعمال الهندسية وجميعهم من اتباع اهل البيت دون ان يعثر على أي منهم حيا بل فقدت جثث أكثرهم في قاع نهر دجلة،ودفن اربعين منهم احياء حسب قول ذويهم الذين عجزوا من البحث عنهم لتردهم الاخبار بهذا الشأن ،فهل ثارت ثائرة وزير الصناعة واعلن موقفا مشابها لموقف وزير التعليم العالي ؟ مع احترامنا وتقديرنا لهذا الموقف الحريص الذي تبناه ،ولكن المؤلم حقا هو لماذا ترخص دماء اتباع اهل البيت دائما سواء كانوا حكاما او محكومين ؟!

وهل نبقى دائما سجناء مظلوميتنا ؟نعم نحن نتشرف بهذه المظلومية التي اعترف بها العالم المتحضر باجمعه ،ولكن للأسف لم يعبأ بها صناع القرار في مجلس الشيوخ الأمريكي ،ليجعلوا من الامر برمته مجرد تجربة تقاس بالتجارب السابقة مع بقاء الرهان على النجاح والفشل حسب مقاييس الربح والخسارة ،التي تهم دافع الضرائب اكثر ما تهم الشعب الذي يفقد كل يوم اكثر من 400 بين قتيل وجريح ومفقود ،مادام محاصرا بالقرارات الدولية ،فحدود القرار 1546 تقيد القوات المتعددة الجنسيات في إعداد وتدريب قوات الأمن العراقية والأشراف على الملف الامني ، فهل ننتظر قرارا جديدا من مجلس الامن الدولي لكي يطلق يد الحكومة العراقية في ملاحقة فلول الارهاب اينما وجدت ومحاسبة كل من يحتضنها او يدعمها مهما كان موقعه ،كما أبيح لبعض الدول مطاردة الارهاب في أي مكان ؟!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك