( بقلم : عقيل صباح جوي )
ثمة افاق فتحت بعد التغيير الكبير في العراق وسقوط النظام الدكتاتوري الذي جثم على صدر العراق عقود من الزمن وحبس أنفاس الكثير من الكتاب والمثقفين وشل الحركة الثقافية التي أخذت بالتصاعد في العقد السبعيني وكذلك تكريس ثقافة البعث والعنف من خلال إجبار الشعب على الانضمام إلى هذا الحزب الفاشي الذي أسس لكبح الحريات ومحاربة العلم والثقافة والرأي الآخر .
وبعد أن منَّ الله علينا بسقوط هذا النظام استعاد العراق عافيته لينطلق من جديد لمواكبه التطورات الثقافية وما وصل إليه العالم العربي على اقل تقدير وبالرغم من أن عدد ليس بقليل من المثقفين لم يحضر وبقوا في منافيهم بسب الوضع الأمني الذي يزداد سوءا يوم بعد يوم لوجود بقايا من أيتام صدام الذين يعكرون الصف ويحاولون بمفخخاتهم إرجاع العراق الى الوراء لأنهم لا يطيقون الحرية و التعددية
فكان للإعلام حصة كبيرة من هذا الانفتاح فبدأ أصحاب الفكر والثقافة بفتح الصحف وإعادة طبع ما كان محظورا في زمن النظام المقبور وتسارعت الأحزاب والمؤسسات الثقافية إلى فتح الصحف والإذاعات والمحطات الفضائية إيماناً منهم بإعادة الذهنية العراقية إلى الثقافة بدل العنف والحروب فكان تلفزيون العراق الذي لم تخلو الشاشة من خطابات القائد وزيارات القائد وفكر القائد وتستمر في البث ليلا لتبث لنا ( شخير القائد) حتى أشيع في ذلك الوقت أن احد رجال الدين تجرا وقال لصدام انك كثير ما تخرج على الشاشة بينما حصة القران الكريم هي ربع ساعة فأجابه صدام نعم هذا صحيح لكني سوف اخرج للناس بربع ساعة واترك باقي الوقت للقران بشرط أنا اقرأ القران بالصوت والصورة
فكان لسقوط النظام ألبعثي منطلقا جديدا للصحافة والأعلام إلا أن هذا الانفتاح اتاح لبعض أيتام النظام المقبور وممن سرقوا العراق ولاذوا بالفرار بعد السقوط خوفا من الشعب وأسسوا محطات إعلامية هدفها مناهضة بناء العراق الجديد مستغلين عدم وجود الرقابة وامنين العقاب من الحكومة وبهذا تسللوا إلى الناس ليدسوا السم بالعسل من خلال نشرات الأخبار وتغطيتها للحوادث الإرهابية التي تطال الأبرياء وكذلك الاستهزاء بكل ما تفعله الحكومة إذ تسمي الإرهابيين مسلحين وأحيانا أخرى المجاهدين بالإضافة إلى المسلسلات الدموية التي عرضت في شهر رمضان وكانت مدعاة للعنف وتحريضا مباشرا للجريمة واخص بالذكر هنا مجموعة من المسلسلات التي صورت خارج العراق في أول دولة مصدرة للجماعات الإرهابية إذ تحكي احد المسلسلات عن خطف طالبات المدارس واغتصابهن ومساومة ذويهن بالأموال إذ استخدموا في هذه الدراما الأساليب البشعة والوجوه المجرمة و تزامن عرض هذا المسلسل مع تهديدات الإرهابيين إلى المدارس وتعطيل التعليم في هذا العام حيث لقت عدة مدارس تهديدات للطلبة والأساتذة تتوعدهم بالقتل في حال مواصلتهم للدوام ، ولا يفسر هذا التزامن إلا بوجود مشروع منسق من قبل هذه الفضائيات والجماعات الإرهابية الرامية إلى إرجاع العراق إلى الوراء وشل الحركة وتعطيل المؤسسات العلمية . إذن فالإعلام العراقي ينبئ بخطر وبدا ينحى لخدمة أجندة العنف والتطرف التي لا تنسجم والوضع الراهن في العراق فعلى الجميع تحمل المسؤولية سواء من الإعلاميين أو مجلس النواب العراقي والمسارعة في سن قانون وتشكيل مؤسسة رقابية تتابع ذلك الأداء لاسيما والعراق يمر في مرحلة بناء دوله المؤسسات الجديدة
https://telegram.me/buratha