المقالات

المفاهيم الحركية والاصلاحية للثورة الحسينية

696 14:25:00 2010-12-19

محمود الربيعي

الاهداف والمرتكزاتلقد تحرك الإمام الحسين عليه السلام وفق أهداف محددة ولم يخرج لهواً ولا لعباً كما هو الحال عند قصيري النظر وفاقدي البصيرة الذين يعتقدون أنه خرج على إمام زمانه، فقد كانت أهداف الإمام الحسين عليه السلام واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار فقد خرج لإيقاف حالة الإنحراف التي اصابت نظام الحكم الإسلامي والمجتمع ونهض طلباً للاصلاح في الأمة ومن أجل القيام بمهمة تقويم الإعوجاج الذي طالها بسبب الحكم الجائر الفاسد الذي كان عليه يزيد بن معاوية.

انعاش الحركات الاصلاحيةإن حركة الإمام الحسين عليه السلام تعتبر نموذجا مثالياً لكل الحركات الإصلاحية في العالم بسبب المميزات التي اكتسبتها بنتيجة المواقف المخلصة والتفاني المنقطع النظير الذي لايرقى إليه أي نموذج آخر في العالم حاضراً وماضياً ومستقبلاً ويتضح ذلك من طبيعة مجريات الأحداث التي وقعت في كربلاء والتي جسدت معاني خالدة على مدى السنين والأعوام.

الحفاظ على الثوابتومايميز الحركة الحسينية هي حفاظها على الثوابت العقائدية والمبدئية إذ لم يستسلم الإمام وأصحابه لجيوش الكفر والضلال والفساد إذ لَزِمَ الإمام ومقاتليه طريق الحق فلم ينكلوا ولم يخضعوا لغيرهم واستماتوا من اجل إقامة العدل والقضاء على الفساد وهي مهمة الأحرار الحاملين للقيم الإنسانية والإسلامية السامية.

إستلهام العبر والدروس من حركة الامام الحسين عليه السلامإن أهم درس في واقعة الطف هو الثبات على المبدأ، وعدم قبول المساومة، ورفض الاستسلام، والمضي في طريق الجهاد، ورسم طريق النصر مهما كلف الأمر حتى لو كان ثمن ذلك هو دماء كل من كان في المعركة، لذلك حقق الإمام الحسين عليه السلام في حركته مالم تحققه جيوش جرارة إذ تحرك ضمير الأمة بعد الطف فكان ماكان من حركات تصحيحية إصلاحية انطلقت من وحي الطف كثورة سليمان بن صرد الخزاعي والملقب بأمير التوابين وحركة المختار بن ابي عبيد الله الثقفي ولازال جميع الأحرار في العالم يستلهمون دروس الصبر والتضحية ونكران الذات والثبات على المبدأ من هذه الحركات ومن هؤلاء الذين استلهموا المهاتما غاندي والزعيم الصيني ماوتسي تونغ.

الانحراف عن مفاهيم واهداف الحركة الحسينيةعلى الذين يتشدقون بحب الإمام الحسين عليه السلام أن يكون لهم الإمام الحسين عليه السلام قدوة ومثلاً أعلى في الحفاظ على ثوابتهم العقائدية والأخلاقية وأن لايكونوا مثلاً سيئاً للناس في الحياة خصوصاً اولئك الذين يتحركون في المجتمع ويدعون أنهم من مدرسة الإمام الحسين عليه السلام فللإمام ثوابته وأهمها الثبات على القيم والمبادئ والأخلاق والإستقامة والنزاهة والوقوف بصلابة وحزم مع أعداء الله والرسول خصوصاً مع اولئك الفاسدين الذين يبيعون ضمائرهم بأبخس الأثمان مقابل مايجنونه من المال والسلطة او المنصب او الذين يرتضون ان يكونوا مطية لغيرهم من الاوغاد وجبابرة العصر.إن من أهم صفات الحسينيين هي أن يكون لديهم عقول واعية وضمائر حية وأن يشتروا بحياتهم واموالهم واوقاتهم طريق التضحية والفداء وان يكونوا قدوة للناس حتى يتأثر الناس بهم، ويتحركوا بأحاسيس المصلحين المخلصين من أجل أن يكونوا قيادة وقواعد وحدة متكاملة تقف بوجه الظلم والفساد.

التطابق والتخالف مع المنهج الحسيني في تقييم الحركات السياسيةإن الحركة الحسينية لها مميزاتها وخصوصياتها العميقة فهي تستند اولاً الى القيادة الإلهية الربانية كون تلك القيادة تتمثل بالإمام المعصوم وهو خليفة الله في الارض وهو معنى عظيم ليس له علاقة بالقيادة السياسية فالقيادة السياسية عرض وقد يكون معطلاً كما حدث ذلك لكثير من الأئمة الاطهار وقد يتعرض هؤلاء القادة الربانيون الى السجن او القتل كما فُعِلَ ذلك بكثير من الانبياء والاوصياء لكن القيادة المعصومة الربانية تبقى تقود المجتمع بنظام الولاية الشرعية كون الإمام المعصوم ولياً لله على الارض وتجب طاعته.والمنهج الحسيني هو ليس منهجاً سياسياً بقدر ماهو منهجاً قِيَمِياً اخلاقياً ربانياً يقوم على اساس العدل ومن اجل توفير السعادة للناس لاجل ان يعبدوا الله ويحترمون قوانينه ويطيعون اوامره واوامر وليه المعصوم.ومانراه من المتشدقين في عالم السياسة وكثرة دعاواهم في السير على المنهج الحسيني هو ادعاءات سياسية لادخل لها في عالم الولاية والاخلاص والقيادة الربانية، فالقيادة الربانية تتقاطع مع سلوك المنحرفين فلايمكن ان يكون السارق او المتكبر او المغرور حسيني المنهج، ولايمكن ان يركب تحت مسميات حسينية وهو يندفع نحو المغنم، إذ أن هذا هو ليس بتفكير الحسينيين والقادة الربانيين.

لماذا لايمكن قطع ثمار الحركة الحسينية في الحالة السياسيةفالحالة الحسينية المنهجية لاتتقبل ان يتمحور السياسيون في احزاب تتقاسم السلطة والمال فذلك يخالف القواعد الحسينية التي تتسم بالتضحية والايثار والحفاظ على الثوابت الدينية وهي ثوابت انسانية عقائدية لاتحمل أي معنى طائفي او عنصري ولاتتموضع في حزب معين او كتلة معينة، فالحسيني هو من يعمل في صفوف الجماهير ويتميز بكثرة عطائه وتواضعه ونزاهته، لذلك فإن كل ادعاء فارغ للمنهج الحسيني سيسقط الواحد بعد الآخر حتى نرى من هو أهل لأن يكون في مقدمة الصفوف يحب الناس ويحبونه وينتصر للحق وينصرونه.

الحاجة الى تطهير الحالة السياسية من ادعياء المنهج الحسينيإن علينا أن لانخاف على الحق ولاعلى اهل الحق مهما اصابهم من القرح فإن من احدى علائم النصر هو دفع الثمن في سبيل الله والخير، ومن زرع حصد، وزرع الانبياء والقادة والمصلحين هو حي دائم في ضمير الناس وقلوب عشاق الحسين واصحاب الحسين، وهو مدخر في حسابات الرب ولو كره به الكافرون.ان على الناس تطهير الحالات التي تحتاج الى تطهير، وان عليهم ان لايخافوا في الله لومة لائم، وعليهم ان لايهتموا بنعيق الغربان، ولااصوات الثيران، وعليهم ان يقضوا على بعوض السياسة، وذباب المناصب والاموال، وان يكونوا واعين حذرين من دسائس الاعداء ابناء ابليس ومن معه من الوحوش والافاعي، ابناء عاد وثمود.. ولله في خلقه شؤون.

محمود الربيعي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك