( بقلم : سالم حسون )
إعتدنا على تصريحات حارث الضاري الإستفزازية الطائفية المثيرة للإشمئزاز وهو يطلقها بتلك الوقاحة والصلف المعروفة عند الذين فقدوا شيئاً عزيزاً عليهم في طفولتهم من البعثيين. لكن تصريحات الضاري هذه المرة في قناة العربية الأخيرة خرجت عن كل الأعراف والمقاييس، وفاقت في وقاحتها وصلافتها كل ماسبق ، فكان صدامياًً بدون لبس ، وبعثياً علنياً وطائفياً رمادياً أبقعاً ومناصراً للقاعدة بملء فوهه ، وعدا ذلك فقد وجه إهانات مباشرة الى عشائر الأنبار الشريفة متهماً إياهم باللصوصية واتهم جميع المسؤولين بما فيهم رئيس الوزراء وعبد العزيز الحكيم صاحب الإناء الذي ينضح بما فيه كما عبر عنه. لقد منحته قناة العربية كامل الحرية في نفث سمومه بدون أن يتدخل مقدم البرنامج في الإعتراض أو التصحيح إلا فيما ندر وبطريقة خجولة ، وليس الأمر من عجب في ذلك فالعربية هي من ممتلكات آل سعود أحباب الضاري الحميميين فشعر الضاري بأنه في بيته وبين أحبابه وخلانه فلم يخف من إظهاره مشاعره الحميمية أزاء الأرهاب والقاعدة.
وعدا مسألة الوقاحة والصلف فإن هذا الدعي لا يعي خطورة مايقول ، ولا يتصور أن في العراق شعباً وحكومةً يستطيعان أن يلقما فاه حجراً وإن اقواله الداعية للقتل وللفتنة الطائفية ستقود الى محاسبته ومسائلته قانونيا حسب قانون الإرهاب الذي أقره البرلمان العراقي ، فلقد قامت الحكومة العراقية بتطبيق نصوص هذا القانون بصورة جزئية ضد بعض الفضائيات مثل الجزيرة والعربية والزوراء وغيرها لتحريضها على الإرهاب والفتنة الطائفية، فلماذا لا تفعِّل الحكومة هذا القانون ليشمل الأفراد سيما هؤلاء الذين يعترفون علناً وصراحةً بوقوفهم مع الإرهاب علنا مثل حارث الضاريً؟
مالحكومتنا العتيدة لا تفتح ملفات الإرهابيين جميعاً ومرة واحدة والى متى تظل صامتة في إنتظار المجهول؟إن الموقف الداعم للقاعدة الذي أتخذه حارث الضاري في قناة العربية حري بدفع بالأمريكان وجميع الدول العربية التي استهدفتها القاعدة لأن تغير موقفها المساند والمؤيد لحارث الضاري وأن تسحب أعترافها به وتعتبره إرهابياً ومجرماً وتلاحقه حسب القانون.
والشئ الغريب والذي لا يمكن فهمه بالمنطق الإنساني العادي هو كيف تحتضن السعودية أفاكاً ارهابياً يدعم القاعدة علناً على أراضيها ويستقبله الملك شخصياً وهي في نفس الوقت عدو السعودية الأول ؟ كيف تستطيع السعودية أن تعتبر ماتقوم به القاعدة من قتل وتدمير في العراق هو مقاومة شريفة وماتقوم به في السعودية هو مروق عن الدين و إرهاب ؟ وكيف تتحول القاعدة من فئة مارقة عن الدين في السعودية الى فئة مجاهدة في العراق ؟ ماهذا المنطق الأعوج والساذج ؟
وإذا كان التفكير والمنطق الإنساني عاجز عن فهم التناقض في قصة هذا الفلم السعودي الضاري المشترك فلابد لنا أن نلجأ الى الوقائع اليومية التي تتحدث عن نفسها بدون مواربة لنجد الجواب على الجامع بين المتناقضات السعودية الضارية. فسلوك السعودية تجاه العراق تتحكم فيه العقدة التاريخية الوهابية المعادية المتحكمة حتى النخاع ضد الشيعة ، وماتقوم به القاعدة وهي التي خرجت من رحم الفكر الوهابي السعودي ما هو إلا نسخة طبقة الأصل لما قامت عشائر الظفير بقيادة آل سعود وشيوخ الدرعية الوهابية من غزوات إستباحية للنجف الأشرف وكربلاء في العراق قبل قرون ، فكراهية الشيعة وتجريمهم وتحليل دمائهم هي قانون ثابت في الفكر والممارسة الوهابية ، ومادامت القاعدة وغيرها أمينة على مبدأ إستباحة دماء الشيعة فهي منظمة مجاهدة ، وحارث الضاري مقاوم شريف.
وماتعلنه السعودية من عداء ظاهر للقاعدة فكذب وهراء فالسعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي باركت واعترفت بدولة طالبان الوهابية الهمجية المتحالفة مع القاعدة التي سلخت جلود الشيعة في مزار شريف في حين لم تعترف الى اليوم بالحكومة العراقية الجديدة لأن الشيعة يجلسون على سدة الحكم مع السنة مشاركة ، ولم تمد لها يد المساعدة كما فعلت مع صدام وعملت على إعادته للإصطبل العربي بكل قوتها قبل نيسان 2003 رغم معارضة الكويت الشديدة ، ولم ترسل سفيراً لها الى بغداد ، وسمحت بتجنيد البهائم السعودية للذهاب الى العراق وغضت النظرعن خطباء المنابر الوهابيين وهم يدعون لهدر دماء الشيعة في العراق وجمع الأموال للإرهاب، ولم تلغ ديونها على العراق رغم أن جميع دول العالم فعلت ذلك بل أبقتها سلاحاً للمساومة والضغط على العراقيين في المستقبل.
وللاسف الشديد لم نجد من المسؤولين االعراقيين الحاليين من اشار باصابع الإتهام الى السعودية كدولة داعمة للإرهاب حتى لو أحتضنت مؤتمر مكة الذي لم يسفر عن شئ بسبب خباثة وسوء نية الضاري وشركائه المستندين الى دعم السعودية الكامل لهم ، ولماذا يجري التركيز على سوريا وحدها وعلى دورها في تجنيد وتدريب البهائم ؟ فالسعودية تقوم بدور أشد وضوحاً حين تساند الضاري وغيره وتزوده بمئات الملايين من الدولارات في كل مرة يزور فيها السعودية كالشحاذ الأبرص مثلما وصفته عشائر الأنبار الشريفة.
https://telegram.me/buratha