( بقلم : اسعد راشد )
كان الاعتقاد السائد لدي الادارة الامريكية ان العملية السياسية في العراق سوف تنجح وتكلل بالتقدم والاكتمال بمشاركة من ادعوا انهم يمثلون سنة العراق وكان الاعلام العربي يروج لمقولة ان "غياب شريحة من العراقيين اي السنة العرب عن المشاركة في الحكم وعدم تمثيلهم في السلطة قد عزز من تفاقم الوضع الامني وان تهميشهم شكل عامل عدم استقرار للعراق" وشارك هذا الرأي السفير الامريكي ذو الخلفية السنية الافغانية زلماي زادة بل نستطيع القول ان الاخير قد كرس ذلك الاعتقاد لدي الادارة الامريكية بحيث كان يتردد و لفترة طويلة وباستمرار على لسان المسؤولين الامريكيين هو ان "مشاركة السنة في العملية السياسية سوف تساهم في استقرار العراق" ! حتى ان حكام العرب وعدد من زعماءهم في المنطقة وخاصة بعض رموز الحكم في الاردن والسعودية كانوا يرددون نفس السمفونية ويصرون على وجود تهميش لسنة العراق وكانوا يحملون في اجندتهم "الملف السني" ويجولون به اطراف العالم ليقنعوا الغرب وامريكا بالذات ان اشراك "العرب السنة" في العملية السياسية واعطاءهم دورا في مستقبل العراق السياسي سوف يقلل من اعمال العنف ويحد من انتشار الارهاب في العراق" رغم ان الاعتقاد الذي كان سائدا منذ اليوم الاول وسط العراقيين ان السنة لم يهمشوا وان مشاركتهم في العملية السياسية وفي الحكم لم تكن ناقصة بدأ من مجلس الحكم وليس انتهاءا ومرورا بحكومة الدكتور علاوي والسيد الجعفري بل تم اشراكهم اكبر من حجمهم ومنحوا مواقع ومناصب سيادية فاقت التوقعات مع ذلك فان الامور من الناحية الامنية لم تتجه نحو الاستقرار ولم يساهم وجودهم في العملية السياسية في اعادة الامور الى نصابها اوالتقليل من اعمال العنف والقتل ولم يمنع من استمرار عمليات الارهاب التي ينفذها شركاء تلك الشريحة "المهمشة"!
وقد لعبت وجوه سياسية سنية معروفة دورا كبيرا في عملية الخداع للامريكان من خلال السفير زلماي عرابهم وعراب النظام السعودي لدي الادارة الامريكية حيث اقنعوا بخبثهم ودهاءهم كذبا وزورا البيت الابيض والرئيس بوش بان استفراد الشيعة باالحكم هو الذي ادى الى تزايد اعمال الارهاب والعنف وان اعطاء السنة الدور الاكبر واشراكهم في القرارات الامنية والاستراتيجية كفيل بحل الازمة التي يعيشها العراق وهو ما ادى الى ان تقوم الادارة الامريكية وعبر منح صلاحيات الحاكم المطلق للسفير زلماي بالضغط على قادة الائتلاف العراقي وشيعة العراق وكذلك الاكراد للتنازل عن كثير من حقوقهم واستحقاقاتهم الانتخابية لتلك الوجوه الكالحة المتمثلة في جبهة التوافق حيث تم اشراكهم في مفاصل رئيسية في الحكومة ومنحهم دور كبير في الدولة العراقية الا ان القوم وبدلا من ان يوفوا بعهودهم ويدفعوا باتباعهم لوقف اعمال العنف اوالارهاب قاموا باستغلال مواقعهم ومناصبهم لدعم الارهابيين وقد ازدادت وتيرة عمليات القتل الطائفية والارهابية في ظل مشاركتهم في العملية السياسية فهم ليس فقط قد خيبوا امال الامريكيين بل خدعوهم حيث وسعوا من تحالفاتهم مع الارهابيين من تنظيم القاعدة وشكلوا لانفسهم ميليشيات باسم "الحماية الشخصية" او حراس الشخصيات وفتحوا المجال للارهابيين من تنظيم القاعدة للتسلل داخل الاجهزة الحكومية وقوى الامن والجيش وسرقوا من اموال الدولة لدعم ما يسمونه "المقاومة الشريفة"! واخيرا اعترف الضاري بعلاقته بتنظيم القاعدة وتمجيده بهم وهو احد الوجوه الشريرة التي لحد هذه اللحظة رغم عدوانيته وحقده على العملية السياسية لم يتعرض لاي انتقاد من قبل حلفاءه في السلطة من جبهة التوافق ولم نلمس لا من بعيد ولا من قريب ان تعرض التوافقيون للضاري او ان الاخير قد تعرض لهم بل ما لمسناه وقرأناه هو ان هناك ادورا متبادلة وتنسيق بين كل تلك الاطراف لاجهاض العملية السياسية وليس اخرها تلك التصريحات النارية التي اطلقها الخبيث طارق الهاشمي من الدوحة ضد الدولة العراقية وتهديده بااللجوء الى السلاح وتخريب العراق دون ان يضع اي اعتبار حتى لموقعه كنائب لرئيس الجمهورية بل يتصرف وكانه رئيس لعصابة اجرامية .
والحقيقة التي يجب هنا الاعتراف بها هي ان العملية السياسية في العراق ما كانت لتصل الى مثل هذا المأزق الخطير لو كان الاكراد والشيعة وبمشاركة مع بعض حلفاءهم في الوسط السني الشريف وليس المزيف قد شكلوا حكومة الاستحقاق الانتخابي واتخذوا قرارات حاسمة امنية لمحاربة الارهاب والجماعات الارهابية وصفوا اتباع البعث في البلاد وابعدوا كل الزمر الفاشية والمجرمة من العملية السياسية ‘ وللاسف ان ان الامريكان خدعوا بجبهة التوافق وقد زين لهم زلماي اعمالهم فلم يروا الحقيقة اللازمة وهو ما دفع بالامور لتسير نحو الهاوية وينزلق العراق الى هذا المنزلق الخطير والمدمر ويعلن في ظله زعماء الاجرام والقتل والارهاب في الانبار عن دولتهم الظلامية وبمباركة حلفاء زلماي من امثال الضاري والهاشمي وجبهة التوافق التي رضت بذلك الاعلان ولم تندد به بل وقف الضاري اللعين موقف المؤيد عندما وصف جبهة انقاذ الانبار باللصوص والمجرمين!
واليوم نرى ان العرب واعلامهم وحتى ذلك المجرم المطلوب للقضاء اي الارهابي ابوحمزة المهاجري وبدفع من الاعراب يوعزون فشل الجمهوريين في الانتخابات الاخيرة الى فشلهم في حل الملف العراقي و"غرقهم في مستنقعه" ‘ ونحن بدورنا نقول نعم فشلهم في حل الملف العراقي ولكن ليس مثل ما يتصوره الاعراب وانما لانهم خدعوا بمكر الاعراب وخدعوا بما روجوا له بان "اشراك السنة في العملية السياسية" سوف يحل العقدة الامريكية في العراق والحال انما حصل هو العكس .
نقول ان من اهم اسباب فشل الادارة الامريكية هو اشراك تلك الشريحة الخبيثة المتمثلة في جبهة التوافق في العملية السياسية ورفضها تسليم الملف الامني لحكومة المالكي وعدم اعطاءها الصلاحيات الكبيرة لاجتياح مناطق التوتر وبؤر الارهاب في غرب العراق وهو ما عزز موقف الارهابيين واعطاهم زخما للتصعيد في اجرامهم واعمالهم القذرة واليوم اذا اراد الامريكيون حقا اعادة الاعتبار لانفسهم وتحقيق النجاح في العراق عليهم ان يديروا ظهورهم للاعراب ولم يأخذوا منهم نصيحة ويمنحوا الصلاحيات الواسعة لحكومة المالكي كي تلاحق وتقمع الارهابيين وتطارد من يوفر لهم الدعم والغطاء السياسي مهما بلغ مقامه وفي غير هذه الصورة فان الفشل الامريكي يتوقع له الاستمرار وعندها يشمت بهم الاعراب .
اسعد راشد
https://telegram.me/buratha