( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
يقيناً لو ان الجمهوريين قد فازوا بالانتخابات الامريكية النصفية لكان العالم قد شهد ضجة اعلامية لا قبل لها ولا آخر. ولو افترضنا ان احتمال فوز الجمهوريين قد تحقق فستكون الماكنة الاعلامية العربية قد دخلت الميدان الذي كانت تنتظره ولذلك فان العديد من المحللين السياسيين والاعلاميين يعتبر فوز الديمقراطيين نكسة للماكنة الاعلامية العربية لجهة ربطها بين قرار المحكمة العراقية الخاصة والذي انتهى الى انزال عقوبة الاعدام بصدام وبين موعد الانتخابات التجديدية النصفية للكونغرس الامريكي، حيث ان اكثر الاعلام العربي راح يتساءل عن سر توقيت النطق بالحكم في قضية الدجيل واختيار يوم الاحد الموافق 5 / 11 / 2006 والانتخابات النصفية الامريكية التي جاءت بعد يومين من قرار النطق بالحكم أي الثلاثاء 7 / 11 / 2006.
هذه الماكنة يبدو انها حتى اللحظة الراهنة لم تصحح دورانها الخطأ منذ عقد الاربعينيات حتى الآن، ولم تستفد من محطات مفصلية عسكرية وسياسية عربية كانت ماكنتنا العربية تقدمها لنا على اساس انها محطات تأريخية مشرقة في مشروعنا العربي واعتقد ان اجيالاً عديدة من العرب تتذكر كيف ان الماكنة العربية قد صورت لنا هزيمة العرب ابان حرب حزيران 1967 على اساس انها انتصار لحركة التحرر العربي واستعادة للارض والشرف والكرامة وعندما انجلت غبار تلك الحرب تبين ان العرب قد اضاعوا فيها كل فلسطين وكل سيناء وقناة السويس والجولان والضفة الشرقية في الاردن فضلاً عن تدمير القوة العسكرية العربية خلال ستة ساعات فقط.
هذه الكارثة نفسها اجترتها الماكنة الاعلامية العربية في حرب الثمان سنوات مع الجارة ايران عندما صورت لنا تلك الماكنة بان تلك الحرب انما هي حرب النيابة عن العرب ضد جارتهم الشرقية ايران وانها استعادة لمعارك الاسلام الاولى!! مثلما اعتبروها دفاعاً عن بوابتهم الشرقية، لكن الحرب انتهت ولم يتحقق شيء من اهدافها المعلنة سوى ان العراقيين قدموا فيها ما يقرب من المليون ضحية وتوجيه ضربة قاصمة لاقتصادنا وبنانا التحتية.. ومع ذلك ظل الاعلام العربي يمارس دوراً تضليلياً مريباً الى الحد الذي اعتبره العراقيون طرفاً اساسياً من اطراف الحرب التي اشعلها صدام ضد العراقيين قبل ان تكون ضد الايرانيين.
تكررت الحالة ذاتها مع الشقيقة الكويت وكأن الاعلام العربي قد آل على نفسه ان لا يغادر موقعه الذي اختاره في تعاطيه مع المشهد العراقي وموقفه السلبي من هذا الشعب المقهور، وهنا لا نريد ان نسترسل في سرد الوقائع التي خاضتها الماكنة الاعلامية العربية لكننا نكتفي هنا الى ما ذهبت اليه هذه الماكنة عندما ربطت بين جلسة النطق بمحاكمة صدام والانتخابات الامريكية التي ذهب خلالها محللونا العرب الى ان الجلسة قد جاءت في هذا التوقيت كي تكون فرس الرهان على فوز الجمهوريين في الانتخابات النصفية.لعله من حسن حظ العراقيين ان لا يفوز الجمهوريون في هذه الانتخابات، فعسى ان يتعض سماسرة العرب من هذا اللغط المعيب.
https://telegram.me/buratha