( بقلم : عقيل القفطان )
لازلنا الى ألان نتلاعب بالكلمات ، نهرب من الحقيقة ، من الصراحة ، لا نسمي الأشياء بمسمياتها ، لازلنا نستخدم لغة دبلوماسية هادئة ، حتى وصل الأمر الى ما هو عليه ألان ، الوضع ألان في العراق قريب جدا من الكارثة ، لا انه فعلا في الكارثة ، هناك حرب أهلية طائفية بين الشيعة والسنة ، حرب غير معلنة ، حرب بين شارع وشارع ، بين منطقة ومنطقة ، بين محلة ومحلة .
بقليل من الصراحة ان من أشعل شرارة هذه الحرب ويتحمل مسؤوليتها هم النخبة السياسية السنية ، إضافة الى رجال الدين السنة ، كان موقف النخب السياسية السنية في العراق ولا زال موقفا انتهازيا غير وطني ، رفعوا راية المقاومة لكنها في الحقيقة ليست مقاومة المحتل بل مقاومة تغير الوضع في العراق ، وبشكل أدق مقاومة إي تغير يجعل الشيعة في العراق يستلمون زمام الحكم دون مراعاة لقيم او اخلاق او مباديء كانوا يتغنون بها خلال عقود من الزمن الغابر...
هذه هي الحقيقة ، السنة في العراق ألان لديهم الاستعداد للتفاوض مع الشيطان وليس مع أمريكا من اجل أن يرجع الوضع في العراق الى ما كان عليه أيام حكم الطاغية المجرم صدام رغم علمهم بجرائمه ونزواته الفردية وطيشه وعدم وطنيته!
لا مباديء ، لأقيم في السياسة ، لا أخلاق ، ومن يقول غير ذلك فهو كذاب مراوغ ، المعركة معركة مصالح ، معركة من اجل الفوز بكرسي الحكم ... دعونا نعدد مزايا كرسي الحكم..
منذ تأسيس الدولة العراقي المعاصرة وحتى قبل ذلك كان الحكم سنيا صرفا . وإذا أردنا أن نتعمق أكثر ونجري عملية جرد لجرائم تلك الحكومات السنية المتعاقبة في العراق لوجدنا العجب العجاب ..
لم يراعوا حرمة ، ولم يحترموا مقدساً ، استغلوا الحكم شر استغل فكانت النتيجة مقابر جماعية كارثية وقودها من أبناء الطائفة الشيعة وأبناء القومية الكردية، سجون يضطر سجانيها بين فترة وأخرى وبسبب كثرة المساجين ان يجري- تفريغ - من خلال حفلات إعدام مجانية للسجناء!!!!
لأقيم ، لا خلاق ، لا مباديء كانت تحكم قوانين الحكومات السنية المتعاقبة على حكم العراق ومنها بشكل صارخ لحد اللعنة حكومة الطاغية صدام حسين ومن يقول غير ذلك فهو انتهازي كذاب مراوغ ، أو لوكي رخيص من لوكية البعث والمخابرات العراقية السابقة....
لقد كانت هذه الحكومات ومنها حكومة صدام المجرم تخوض الحروب بنا نحن أبناء الطائفة المظلومة ، كنا في جبهات القتال نتغنى بحب العراق من اجل ان نثبت للحكومات السنية بأننا وطنيين ، بأننا عراقيين ، بأننا عرب ، بأننا نحب العراق ، كنا نفعل ذلك دون جدوى ، كنا اقرب ما نكون الى السذج ، وكنا نعتقد ان الثبات على المواقف الوطنية هو الطريق القويم ، وهو الطريق لبناء العراق وردم تلك الهوة الرهيبة ، الهوة السحيقة من التفرقة الطائفية والمناطقية والقومية التي كانت تمارسها تلك الحكومات الجائرة.
كنا نسبح بدمائنا ونغني لشهدائنا ، معتقدين أنهم شهداء العراق ، شهداء المباديء والقيم والاخلاق ، لكنهم كانوا في الحقيقة واذا نطقنا بقليل من الصراحة ، اقول كانوا شهداء الدفاع عن الحكومات السنية ليس الا.
كانت الحكومات السنية ترسل أبنائها الى خارج القطر ، كانت البعثات الدراسية المهمة مخصصة لهم ، كانت المسؤوليات المهمة مخصصة لهم ،كانت السفارات في الخارج مخصصة لهم ، كانت البيوت العامرة والقصورالفارهة مخصصة لهم ، وفي المقابل كنا نقاتل ونغني لأجل العراق في جبهات القتال وابناء طائفتنا يسكنون مدن االطين، يسكنون في السجون ، في المقابر الجماعية ، كنا نغني الى العراق قبل ان ندفن ونحن إحياء، كنا نغني للعراق بطريقتنا الساذجة ، وكان أبناء السنة ايضا يغنوا ويرقصوا في ملاهي لندن وأمريكا وباريس لأجل انتصارات العراق ولكن بطريقتهم الخاصة ايضا وشتان بين طريقتنا وطريقتهم!
ورغم ذلك كانوا يعتقدون بأنهم أكثر وطنية منا ، وأكثر إخلاص منا ، وأكثر حبا للعراق منا !
إعداد خرافية من الطاقات الشيعية ، إعداد خرافية من الشباب الشيعة قضوا في المقابر الجماعية ، وفي الحروب ، وفي السجون ، او هربا من الوطن ، كان الطاغية يقتل على الهوية، يقتل دون رادع او وخز ضمير،لا صوت يقول للطاغية كفى ظلما لأبناء شعبك من الطائفة الشيعية ، وعندما نقول أوقفوا قتلنا ، أوقفوا ذبحنا وعندما نقول ذلك نتهم بالعمالة لإيران تارة، اوإننا غير وطنيين تارة اخرى ، فكيف نقول أوقفوا قتلنا ونربك القائد الضرورة فبقتلنا تستقيم الأمور ، لذا علينا إن نصبرونتقبل الموت والفقر ونسكن مدن الطين ونبتعد عن السفارات وعن دوائر الدولة المهمة ، علينا ان نعتبر ذلك موقفا وطنيا ، لأجل العراق ولأجل العراق ايضا يجب أن يرسل أبناء الطائفة السنية في البعثات الدراسية ويستلموا المسؤوليات المهمة والمريحة .
عشرات القصص ، قصص اقرب الى الخرافة من الواقع ، قصص ستبقى تتحدث بها البشرية على مر التاريخ ورغم ذلك كنا نقول ان الحكومات الجائرة لا تمثل السنة في العراق . كنا نتوقع ان المصلحة والخوف هو الذي منع االنخب السياسية السنية في العراق من ان يقولوا كلمتهم ضد الطاغية ، هكذا كنا نعتقد، هكذا كنا نتصور رغم كل الدلائل والمعطيات التي بين أيدينا تثبت العكس .
هذه جردة سريعة لما مر قبل سقوط الطاغية صدام وبعد سقوط الطاغية الكل يتذكركيف كان الجميع يعتقد بان الشيعة سوف يرتكبون مجازر ثار ضد أهل السنة ، وإنهم - الشيعة - سوف لا يبقوا على سنيا في العراق ، وهكذا اخذ يطبل الأعلام العربي - السني - الحاقد ويضرب على هذا الوتر الطائفي البغيض ،لكن الإحداث أثبتت عكس ذلك تماما ، أثبتت ان القيادات الشيعية اكثر حكمة من غيرها ، واكثر إنسانية من غيرها، وأكثر وطنية من كل النخب السنية السياسية والدينية .
وبدل ان يهجم الشيعة على السنة هجم السنة وهم أقلية في العراق على الشيعة ، فقطعوا الطرق يتصيدون المارة المساكين من الشيعة ليقتلوهم ويمثلوا في جثثهم ، وكان لطريق اللطيفية سمعة سيئة ستبقى سوداء في جبين النخب السنية السياسية الى ابد الدهر . وهكذا في عموم منطقة مثلث الموت (المثلث السني ) لم يحموا الشيعة أبدا ، لم يرحموا الأطفال ولا النساء ولا الكبار في السن ، وينقل لنا البعض بان مجموعة مجرمة في طريق اللطيفيةاوقفت موكب لمجموعة سيارات صغيرة تنقل تابوتا لرجل شيعي ميت يريد اهله دفنه في النجف الاشرف ، كان في موكب العزاء مجموعة من النساء والشباب وكبار السن ، اوقفت المجموعة المجرمة الجميع وبعد ان عرفوا وجهة الموكب طلبوا من جميع المعزين ان يرقصوا على جثمان الميت ، وهكذا اخذ الجميع نساء وشباب يرقصون على التابوت المسجى امامهم ، هذه عملية اذلال واحدة من عشرات القصص المشابهة .
اقول الجميع متهم ، جميع الشيعة عملاء ، وزاد الأمر فجيعة عندما شرعت المؤسسة الدينية السنية بإصدار الفتاوى بجواز قتل الشيعة الكفرة ، كانت أدبيات السنة تقول ان شيعة لديهم قران مختلف ، الشيعة يعبدون علي بن ابي طالب ، الشيعة يجوزون الزنى بالمحارم ، الشيعة دون قيم ، الشيعة دون أخلاق ، كل هذه التهم باطلة وكاذبة والجميع يعرف ذلك لكن لا احد من علماء الدين السنة كان يقف ويقول لا هذا ظلم وكذب على الله ورسوله ، الشيعة ليس كذلك ، الشيعة أخوة لنا في الدين والدم ، لا رجل دين سني واحد قال ذلك بشكل صادق واتخذ موقفا لأجله .
وفي الطرف الاخر كان الشيعة يتسابقون الى إقامة صلاة الجماعة مع السنة ، وكان شعار لا سنية لا شيعة يرفع في كل مكان من مناطق الشيعة يقابله في مناطق السنة لا شيعة بعد اليوم .... كان هناك تناقض في المواقف بين النخب السياسية الشيعية والنخب السياسية السنية .
كانت النخب السنية تدعوا الى تدمير العملية السياسية بينما النخب الشيعية مع نجاح العملية السياسية واشراك السنة معهم .
كانت النخب السنية تدعوا الى قتل الشيعة حتى الأبرياء منهم بينما النخب الشيعة كانت حريصة على الحفاظ على أبناء الأقلية السنية وتدعوا الى حكم القانون حتى مع المجرمين منهم .
كان علماء الدين السنة يكفرون الشيعة بينما علماء الدين الشيعة لا يجزون تكفير السنة !!!
كانت النخب السنية تدعوا الى مقاومة المحتل من خلال تفجير المطاعم لانها تبيع الأكل من فلافل وكباب وتمن ومرق الى أفراد الجيش او إخوانهم او حتى أقاربهم ، كانوا يدعون الى تدمير المدارس الشيعية لأنها ستخرج أناس سيلتحقون في الجيش مستقبلا ويدمروا المستشفيات لأنها تعطي العلاج الى الجرحى من أبناء الجيش او تعطي دواء مثل مانع الإسهال لأطفال فقراء يلعبون في شوارع هي اقرب ما تكون الى بحيرات من المياه الاسنة لان الحكومات السابقة كانت لا تريد لهذه المناطق ان تكون نظيفة ،كانت الفتوى السنية تجيز ضرب المستشفيات لان هؤلاء الاطفال او الناس هم من اقارب افراد الجيش الحكومي - الجيش العراقي - كانت الفتوى تدعوا الى تفجير العمارات السكنية حتى تقع اكثر قدر ممكن من الخسائر بين صفوف الشيعة ، بينما كانت النخب الشيعية تدعوا الى مقاومة المحتل بالتي هي احسن ، من اجل عدم دفع الامة باتجاه معركة خاسرة كانت النخب الشيعية تقول ان هذه المرحلة هي مرحلة سياسية ، فاذا استطعنا ان ناخذ حقوقنا بدون دماء كان افضل .
كانت النخب الشيعة تدعوا الى بناء البيت الداخلي الذي خربته طائفية الحكومات السنية ونزواتهم وظلمهم ولاجل ذلك كانت النخب الشيعة تطالب ابناء السنة ونخبهم السياسية بموقف واضح من الطاغية صدام على اقل تقدير، كنا نطالب بادانة جرائمه ، ادانة فترة حكمه المظلمة وبدل ان تسجل النخب السنية السياسية موقفا وطنية يوحدهم مع - اخوانهم - الشيعة رايناهم ونراهم الان يتخذون مواقفا اكثر تطرفا مما سبق ...
نحن نفرح باصدام حكم الاعدام على المجرم الطاغية صدام ونعتبره يوم سيسجل في التاريخ بانه انصف ملايين الناس الابرياء المتضررين من حكم الطاغية بينما الى الان لم نسمع صوتا سنيا يتضامن معنا ولربما على العكس نرى ونسمع مواقف تؤيد حكم الطاغية وتدافع عن جرائمه .
السؤال هل هذا التوجه عند النخبة السياسية السنية وعند علماء الدين السنة فقط ام انه توجه يشمل كل ابناء الطائفة ، اقصد اخواننا ابناء الطائفة السنية في العراق ؟
عقيل القفطانمحرر موقع الحالم بغد افضلwww.alhalem.net
https://telegram.me/buratha