حافظ آل بشارة
قبل الولادة القيصرية المرتقبة للحكومة ، يجب استثمار الوقت لاثارة الملفات الأكثر أهمية ، الملف الاقتصادي يتصدر أهتمام البلد حكومة وشعبا لذا يجب على الجمهور ان يتوسل الساسة ويستعطفهم كي يتركوا ملف (خبزتهم) خارج دائرة التسييس والرهانات والصفقات ولا يجعلوه جزء من الكعكة المقسمة ، المعضلات العراقية الشهيرة مثل البطالة والفقر وغياب التنمية والهدر والعشوائية في الانتاج والاستهلاك وسيطرة الاقتصاد الريعي وغياب الهيكلية وتوقف التخطيط والفساد كلها تعبر عن أزمة معقدة ومزمنة ،
كانت حكومة السنوات الأربع الماضية منشغلة في مكافحة الأرهاب ، ولم نتذوق نكهة الخطاب المدني الذي يتكلم عن الحياة وشؤونها الا عندما بدأت الكتل السياسية قبل الانتخابات تعلن برامجها الانتخابية ، نصيب الملف الاقتصادي من تلك البرامج مجموعة وعود بعضها تضمن تحليلات جيدة للازمة الاقتصادية ومقترحات حلولها ، ولكن كثيرا من ذلك الكلام العلمي المهم ضاع في عاصفة الدعاية الانتخابية ، ليت الخبراء يراجعون تلك الوعود ليلاحظوا ملامح البرنامج الاقتصادي الوطني كيف تتبلور ، يمتلك العراق عناصر نمو اقتصادي جيدة ومنها : العوائد المالية الكبيرة من مبيعات النفط ، والاستقرار النسبي الذي يشجع على النشاط الاقتصادي ، والرغبة الشديدة لدى المواطنين كي يمارسوا الكسب والاستثمار ، أما المعضلات القاتلة فأهمها الفساد ، وضعف التخطيط ، وضعف الخبرة ، معالجة الفساد تحتاج الى شن حرب لأن الفاسدين يستخدمون الارهاب والتصفية الجسدية ، ومفتشو الدولة منهم من يقتل ومنهم من يتلقى تهديدات ، يجب توفير الحماية للمفتشيات ودوائر النزاهة والرقابة المالية ،
وجعل هيئة النزاهة هي السلطة الاعلى في البلد ، وتأسيس محكمة عليا مستقلة لشؤون الفساد فقط ، كما يجب اعادة الحياة الى وزارة التخطيط التي اصبحت مؤسسة تراثية جامدة تثير الذكريات مثل دائرة السكك وموظفيها من راكبي الدراجات ، في بلد ناهض تكون للتخطيط سلطة استثنائية ، خبراء ، متخصصون ، رسم هيكلية واضحة لاقتصاد البلد ، وضع اسس التنمية ، وزارة التخطيط الحالية تعاني من ضعف الكادر وضعف الصلاحيات وعدم توفر تعداد سكاني للبلد بين يديها وعدم وجود البيانات الضرورية السكانية والجغرافية والموارد الاقتصادية وعجزها عن تهيئة دراسات علمية في مختلف المجالات لوضع خطط التنمية ، القطاع النفطي هو المنتج للدخل القومي لكنه يعاني من التقادم والاندثار وهو بحاجة الى ثورة في التنقيب والحفر والنقل والتسويق والمصافي والى تشريعات وقوانين تسهل دينامية عمل هذا القطاع الأم . كما يحتاج الأقتصاد الى تطوير الموارد البشرية ثقافيا وحرفيا وتشجيع المبادرة الفردية ، هذه كلها مثل وأمنيات امتلأت بها البرامج الانتخابية ، والخطابة فن جميل برع فيه العرب ، والقرآن الذي نزل بلغتهم دون غيرهم أخبرهم بمقت من الباري لمن يقولون ما لايفعلون .
https://telegram.me/buratha