المقالات

تاثير الفساد الاداري والمالي والبيروقراطي على مفهوم الخدمة الوطنية .. قرائة نقدية في خطاب السيد عمار الحكيم

2191 12:43:00 2010-10-15

... بقلم محمد ابو النواعير

تاثير الفساد الاداري والمالي والبيروقراطي على مفهوم الخدمة الوطنية .. قرائة نقدية في خطاب السيد عمار الحكيم ... بقلم محمد ابو النواعير

في الملتقى الاسبوعي الثقافي الذي يقيمه السيد الحكيم ( عمار ) تطرق الى عدد من المشاكل السياسية ( على الصعيد المحلي والاقليمي ) , وتناول بعدها مشكلة تعد من اهم المشاكل المجتمعية والادارية التي يعاني منها المواطن العراقي منذ عقود , الا وهي مشكلة الروتين الاداري البيروقراطي وتمظهره كصيغة توليفية جديدة من صور الفساد المالي والاداري , وكسرطان يعمل على تقويض البنى الادارية لمؤسسات الدولة العراقية الحديثة , مسلطا الضوء على اشكالية مفهومية مصطلح ( الخدمة الوطنية ) وأنطباقات هذا المصطلح على ارض الواقع من عدمه .يقول السيد الحكيم (عمار) : " ان مفهوم الخدمة الوطنية من المفاهيم الأساسية التي يتحدث عنها الجميع ولكن سياقات العمل اليومية لا تشير الى هذه الخدمة ، اليوم مجمل السلوك العام يوحي بدولة المسؤول وليس دولة المواطن ، الامتيازات والخدمات والصلاحيات والقرارات تتخذ من المسؤول اما المواطن فله الله ، ولا احد يقف طويلاً ويفكر بهموم المواطنين اليوم أكثر ما أسمعه من المواطنين ان المواطن عندما يدخل الى الدوائر الحكومية في الكثير من الحالات يجد الموظف او المسؤول غير متفاعل في تمشية معاملاته الإدارية وعليه ان يقدم عطاءات مالية حتى تنجر هذه المعاملة او تلك، انه شيء مؤسف للغاية في بلد كالعراق يعتز بالقيم الوطنية والإنسانية، ولكن هكذا يكون التعامل عندما يدخل الإنسان البسيط لانجاز معاملة او أي قضية يشعر بإحراج كبير ولا يستطيع انجاز معاملة الا بالعطاءات المالية ووساطة لهذا وذاك من الناس ويقولون له راجعنا بعد شهر او شهرين ويبقى اشهر طويلة يذهب ويأتي حتى تنجر المعاملة او لا تنجر، هذه ليست حكومة الخدمة الوطنية ، المواطن يدخل عزيز الى أي دائرة والمسؤول او الموظف في أي دائرة من واجبه قضاء حاجة المواطن وتسهيل مهمته , وهناك تفاصيل كثيرة وكثيرة ويخجل الإنسان ان يستعرضها " .ان ما تعرض له السيد الحكيم من مشكلة خطرة كمشكلة الفساد الاداري والمالي وبمختلف انماطه انما هو ظاهرة موجودة في مختلف المجتمعات والدول سواء كانت متقدمة او نامية بهذا القدر او ذاك ولاسيما فساد البيروقراطية ( الفساد الروتيني ) وهو الفساد المرتبط بممارسات مخالفة للسلوك الوظيفي القويم للموظف.ان المفهوم اللفظي للبيروقراطية هو الادارة عن طريق المكاتب فهي طريقة في العمل او الحكم تتميز بتغليب المكتبية والروتين والاهتمام بالجوانب الشكلية من الامور من دون الاهتمام بالامور الجوهرية في العمل وكذلك تعني الانعزال عن الشعب واهمال حاجاته وقد انحرف معنى البيروقراطية في السنوات الاخيرة واصبح المقصود به التبذير والفساد وعدم التقيد .ولدت البيروقراطية ( مع افرازاتها : الفساد الاداري والمالي ) مع نشوء الدولة الحديثة المعززة بعدد كبير من الموظفين العموميين ورجال الادارة العامة ذوي الاختصاص بالمهام الموكلة اليهم او من سياسيين لهم نفوذ في الدولة وقراراتها السياسية لتحقيق مكاسب شخصية .ويمكن القول ان الحضارات القديمة سواء في عهد الفراعنة في مصر والصين وكذلك في الامبراطورية الرومانية او دولة الاغريق شهدت نوعا من البيروقراطية البدائية ذلك ان هذه الدول القديمة عرفت نظام الوظيفة العامة ودعت الحاجة الى استخدام اعداد كبيرة من الموظفين لتنظيم عمليات الري والصرف وجباية الضرائب وكانت تلك المجتمعات تقوم على اساس العائلة والقبيلة ولم تعرف الانظمة الادارية المعقدة , والادارة لم تظهر الا مع ظهور مؤسسة الدولة المدنية حيث ظهرت الحاجة الى وجود ادارة تشرف على ايجاد الموارد المالية لتمويل حاجات الدولة واشباع خزينتها وركزت البيروقراطية وجودها وتوطدت اكثر بعد نهاية عصر النهضة الاوربية وخاصة بعد ظهور الفكر الليبرالي والثورة الصناعية .اذا نستطيع القول ان البيروقراطية والفساد الاداري لا يمثل في جوهره المجتمع بل هي سوف تتسبب بانفصال بين الدولة والمجتمع وتمثل التعارض بين المصلحة العامة وما يستخدمه اداريي الدولة لخدمة اوضاعهم ومصالحهم الشخصية .لقد اعتبر جون ستيوارت مل ان البيروقراطية لا تقتصر على الجهاز الاداري فهي كذلك شكل من اشكال الحكومة وصفة تطلق على نظام الحكم بما يميزه عن الانظمة الاخرى .ان جميع المؤسسات الحكومية فيها فئتان من الموظفين فئة تعمل بامانة ونزاهة ومهنية ولها القدرة الادارية بما يمكنها من اداء العمل الوظيفي والفئة الثانية لا تعمل بل تتظاهر بالعمل وليس لها القدرة الادارية والكفاءة بما يمكنها من اداء مهامها الوظيفية وفي ظل هذه الاوضاع تكون الفئة الثانية عالة على الفئة الاولى وهذه الفئة تقوم بجميع الواجبات لذلك تكون هذه الفئة متعبة ومرهقة من العمل الاداري وهم يخطئون ويعاقبون وهنا يلجأ الرؤساء الى تخطيهم في مجالات الترقية وتقتصر على الفئة الثانية غير العاملة وغير الفعالة وتكون لهؤلاء الترقيات ويرفع عنهم العقاب والتعيين والترقية لا تكون للمهنية والكفاءة والنزاهة انما للمحسوبية والمحاباة والمجاملة .وتشير الدراسات والبحوث المتعلقة بالادارة العامة والجهاز الاداري في الدولة الى ان البيروقراطية في الادارة الحكومية لها عدة مظاهر وتتمثل بما يلي :1. ضعف الثقة بين الجمهور والسلطة مما يثير السخط وعدم الرضا والنقد المباشر الاذع والمتكرر الذي يفقد السلطة شرعيتها في الاخير .2. اثراء قلة على حساب الكثرة مما يزيد من اتساع الفجوة بين الفريقين وعدم العدالة والتميز الطبقي داخل المجتمع .3. القلق وعدم الاستقرار في العمل وغياب الامان في الفرص التي يحصل عليها العامل .4. ظهور فئة من المتسلقين وكأنهم الصفوة التي يعتمد عليها في العمل في حين انها لامبرر لوجودها.ان تفشي الفساد الاداري والمالي في الجهاز الاداري يرجع الى اسباب متعددة وأهمها اهمال الحكومة والقائمين عليها وفساد رجال الادارة العامة بسبب غياب المنظومة الاخلاقية من ضمير ونزاهة واخلاق لدى هذه الطبقة . يقول فرانسيس فوكوياما في كتابه ( بناء الدولة ) ان المشاكل التي تحدث في مؤسسات الدولة , مثل الفساد المالي او مخالفة القانون او حتى الخمول البيروقراطي او التقاعس البسيط في الاداء , فمردها السلوك النفعي لأدارة الموسسة .ويؤكد فوكوياما ايضا ان مشاكل الفساد الاداري لا تتنزل من الاعلى الى الاسفل , بل من الاسفل الى الاعلى وبشكل جانبي ايضا ضمن المؤسسة الواحدة .وقد اشارت الدراسات الحديثة المختصة في مجال بناء الاجهزة الادارية الى وجود انماط عديدة للفساد الاداري والمالي . ومنها :1 ـ الفساد العرضي ( الصغير ) :وهو تعبير عن سلوك شخصي اكثر مما هو نظام عام في مؤسسة مثل الاختلاس او المحسوبية أو سرقة الادوات المكتبية أو بعض المبالغ البسيطة مما ينتج عنه الحصول على بعض المكافأت الخاصة وهذا مايسمى بنمط الاداري الديمقراطي .2 ـ الفساد المنتظم .وهو الفساد الذي يعم مؤسسة حتى تصبح منظمة ادارة فساد، أي بمعنى اخر ان العمل برمته يدار من خلال شبكة مترابطة للفساد يستفيد ويعتمد كل عنصر على الاخر ويكثر الفساد في القطاعات التي يسهل جني الربح منها حيث يسود الضعف في النظام وتضعف الرقابة والتنظيم وهذا مايسمى بنمط الادارة الفوضوية .3ـ الفساد الشامل .وهو النهب والسرقات الكبيرة للاموال الحكومية من قبل شركات وصفقات وهمية أي تحويل الممتلكات العامة الى مصالح شخصية بدعوى وطنية وهو مايسمى بالنمط الاداري الدكتاتوري ..وقد يكون التعرض الى الحلول الواقعية لهذه المشكلة الخطرة يتطلب وضع خطط متنوعة طويلة الامد , وقد تعتبر الحكومة ( أذا توفرت فيها شروط المصداقية والثقة ) معنية بحل هذه المشكلة من خلال أستخدام السلطة والقوة من قبل اجهزة الادارة العليا لصنع القرار المصيري والستراتيجي ومتابعة تنفيذ تلك القرارات داخل المنظمة .وتعتبر الحكومة الصالحة من الشروط الاساسية المسبقة لتحقيق الحكم الرشيد الذي يستطيع ردع الفساد المستشري في الدولة والمجتمع ..وان جوهر الديمقراطية وبعيداً عن التعريفات والمعطيات الاكاديمية هو أن يختار الناس من يحكمهم ويسوس أمرهم والا يفرض عليهم حاكم يكرهونه أو نظام وان يكون لهم حق محاسبة الحاكم اذا أخطأ وحق عزله اذا انحرف والا ينساق الناس الى اتجاهات او مناهج اقتصادية او احتماعية او ثقافية او سياسية لايعرفونها ولا يرضون عنها .السيد الحكيم يحث على ان يمتلك المعنيين رؤية واضحة لحجم هذه المشكلة , فهو يرى انه ولحل هذه المشكلة : " يجب وضع المقاييس الدقيقة التي تضمن خدمة المواطن وتراعي مصالح الناس في كل صغيرة وكبيرة ".محمد احمد ابو النواعير

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
سمية
2011-04-16
ان الفساد الاداري قد انتشر كثيرا واثر على حياتنا اليومية و اميتي ان تكون هنالك حملات توعوية وردعية توقف الفساد الموجود
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك