( بقلم : الكاتبة والروائية علياء الانصاري )
لن اخاطبكم: ايها المسلمون، ايها العرب!!لانها مصطلحات امست في واقعنا، لا معنى لها!!
ساقول، الى كل من له ضمير، او يستشعر شيء من الانسانية في ذاته!
الى رجال العراق الذين تبرعوا بكذا مبالغ الى جنوب لبنان، واوقدوا الشموع الى اطفال لبنان، فاين هم الان من ضحايا العراق على ارض العراق!!
ساصرخ هذه المرة، لعل صرختي تسمع من به صمم!!
الارقام للمهجرين، النازحين، المشردين، سموهم ما تشاؤون... تجدوها في وزارة الهجرة والمهجرين، لا علاقة لي بها.
ما يعنيني كأنسان وكمواطن عراقي، هو حال هذه العوائل... لا ادعي اني اعرفها جميعا او رأيتها جميعا، ولكني رأيت مجمع واحد يقع في اطراف الحلة، في مدرسة خربة تساقطت على اثر القصف الامريكي في زمن السقوط، ولم يبق منها سوى اطلال تحكي تاريخ مضى!!
خمسة وستون عائلة، مئة وخمسة اطفال تضمهم هذه المدرسة، يغرقون الان بالامطار التي تهطل علينا رحمة من السماء.
هذه العوائل تقسمت على صفوف وغرف المدرسة المتهاوية، هناك من جاء ببعض اغراضه وهناك من لم يأتي بشيء، تبرع المحسنون بما جادت به اياديهم!! ولكن...
هناك مشاكل يعاني منها هؤلاء (المواطنون الفارون من بيوتهم، من مدنهم الى مدن اخرى بعد ان قتلوا ابنائهم، وهدموا بيوتهم او اخرجوهم منها بورقة تهديد)، تحت سمع وبصر وعلم الدولة وكل من يقف ورائها وامامها والى يمينها وشمالها، تلك الدولة التي عجزت عن توفير الامن لهم في بيوتهم، تعجز اليوم عن ترميم جدران متصدعة واسقف هاوية لتمنع عنهم البرد والمطر!!
هؤلاء البشر يغرقون الان... عندما نستمتع جميعا بجدران بيوتنا ودفء اغطيتنا ونعومة السجاد تحت اقدامنا!!
هؤلاء البشر، باطفالهم... وامانيهم... وجراحاتهم... وامراضهم... وعذاباتهم، يموتون يوميا واعينهم تترقب قارعة الطريق، لعل سائل يسأل عنهم او يمنحهم صدقة!!
انا اعرف ان الجميع قد تكالب للقضاء على هذه الدولة وعلى هذا الانسان... وان ميزانية الدولة وخططها في الاعمار و.... تسير وفق الخطط والمعادلات الروتينية وما الى ذلك من عبارات ومصطلحات، وان هناك مهم واهم واولويات ...
اني اتحدث عن بقايا الانسانية في ذواتنا، اخاطب هذه البقايا... زوروا هذه العوائل وغيرها، فهي موجودة في كل مكان من حولكم. ومن يتعذر عليه الزيارة ارسل له صور تحكي له حكايا لالف ليلة وليلة لم يخلق لها قمر!!
لو تنازل كل واحد فينا عن شيء بسيط من كمالياته وشيء ابسط من طلبات اطفاله، ليؤدي واجبه تجاه هؤلاء البشر!!
لو خصص كل مسؤول في الدولة شيئا متواضعا من راتبه الشهري المتواضع، كواجب تجاه هؤلاء الذين اوصوله الى ما هو عليه الان!!
لو امتنعنا شهر واحد عن شراء العطور وادوات الزينة والحلويات والمقبلات و...!
لما تساءلنا مستغربين: لماذا يحدث كل هذا على ارض العراق!
علياء الانصاري
مديرة منظمة بنت الرافدين / بابل
https://telegram.me/buratha