( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
اهم ما يميز التحرك الامريكي في العراق انه غير خاضع لاجندة محددة حسب رأي اهم المراقبين للسياسة الامريكية والمشهد العراقي. الخروج الامريكي عن الاجندة يفسره المراقبون بانه صراع قوي محتدم داخل اجنحة الادارة الامريكية الموزعة بين البيت الابيض والكونغرس والبنتاغون والخارجية ووكالة الاستخبارات CIA ولعل اهم واخطر الاختلافات بالاتجاهات السياسية الامريكية بين هذه الاجنحة هو ابتعاد احدها عن الآخر في تقويمه ورسمه لمدارات القرار السياسي الامريكي ازاء الملف العراقي.
المأزق الامريكي في المشهد العراقي يبدأ بالعنوان الذي بموجبه دخلت القوات الامريكية الى الاراضي العراقية حيث ان موجبات الدخول اعتمدت عنوان تحرير العراق من نظام سياسي شاذ ادخل العالم والمنطقة في انفاق سياسية وعسكرية وامنية غاية في التعقيد وازمة في الوصف وكان يسير بجانب هذا العنوان آنذاك عنوان آخر هو البحث عن اسلحة الدمار الشامل العراقية، لكن مجرد سقوط نظام صدام استبدل ذينيك العنوانين بعنوان الاحتلال العسكري الامريكي للعراق وتعيين الحاكم المدني بريمر الذي اختزل كل الصلاحيات والسلطات والقرارات في قبضته، وهذا ما كان يشكل مفارقة كبيرة بين الادعاء والواقع الامريكيين.
وما كان يبعث على الشك والريبة ان القوات الامريكية تحفظت على ملفات عراقية خطيرة كان اهمها الاعلان عن خلو العراق من اسلحة الدمار الشامل وهذا ما كان يشكل السبب الاساسي الثاني لشن الحرب واحتلال العراق في حين ان فرق التفتيش الممثلة بالانسكوم والانموفيك وضعت اياديها على اطنان الوثائق التي تؤكد وجود برامج عراقية تسليحية غير تقليدية خصوصاً في المجالين الكيمياوي والبايلوجي وحتى النووي.وكان بالامكان ان لا تنزلق القدم الامريكية اكثر في سياساتها الخاطئة من خلال تقديم العون للعراقيين باعتبارهم قوة سياسية وعسكرية كبيرة متواجدة على ارض العراق وذلك بتهيأة اجواء نفسية ايجابية بين المكونات العرقية والمذهبية والسياسية العراقية الا ان الذي حصل عكس ذلك من خلال سياساتهم الغامضة التي اتبعوها في العراق حتى وصل الامر الى ان اكثر المحللين معرفة بالقرار الامريكي بات عاجزاً عن فهم وادراك اجندتهم في العراق.
فمرة يصنف الامريكان المناطق الخارجة عن قبضة الدولة وعموم العملية السياسية بالمناطق المتمردة والساخنة، كما بدا ذلك واضحاً في مناطق غرب العراق ومرة يخضعون المناطق الاكثر تفاعلاً مع العملية الديمقراطية والعهد السياسي الجديد للعراق لنفس سياسة القوة والبطش والحصار الذي استخدموه مع المناطق التي يعتبرونها بالمتمردة والابماذا يفسر المراقب السياسي تدمير مدن كالفلوجة وعنه وهيت والقائم ومحاصرتها على اساس انها مدن تقف بالضد من العملية السياسية الجارية في العراق لتمارس بعدها نفس التدمير والحصار لمدن واحياء ومناطق تعتبر العمود الفقري لنجاح العملية السياسية وتعضيدها وكما يجري حالياً مع مدينة الصدر والكرادة وبلد ومناطق عديدة من العاصمة وباقي المحافظات.
نعتقد ان الادارة الامريكية قد اوقعت نفسها بخطأ كبير عندما تشتغل بسياسة غير معلنة وتتفاوض وتتحدث بسياسة معلنة، فهذا النوع من السلوك السياسي والميداني له تبعاته الخطيرة على امن العراق والمنطقة برمتها خصوصاً بعد ان صارت التقارير تتحدث عن وصول الطرف الامريكي الى مراحل متقدمة في مفاوضاته مع القوى الارهابية او الجماعات المسلحة التي افرطت باستخدام العنف والقسوة ضد ابناء شعبنا العراقي الداعمين للتحولات الديمقراطية التي تشهدها البلاد.
ربما ان طرح امور كهذه يكاد يكون اكثر فائدة وجدوى بعد الاعلان عن تشكيل لجنة امنية عراقية امريكية مشتركة بعد المحادثات التي اجراها دولة رئيس الوزراء مع الرئيس الامريكي عبر الدائرة الاعلامية المغلقة والتي تمخض عنها تشكيل اللجنة تلك والتي يفترض ان تتحرك على اساس المعطيات الحقيقية القائمة في البلاد بعيداً عن مبدأ الضغوطات والاملاءات والتصورات الخاضعة لموازنات خاطئةواستدارات اكثرخطأً.
https://telegram.me/buratha