( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
عندما قرر العراق بقواه السياسية ان يخوض تجربته الجديدة عبر الممارسة الانتخابية الاولى في تأريخه فانه اراد بذلك ان يودَّع الى غير رجعة حقب الانظمة الشمولية القائمة على ركيزة الحزب الحاكم او الحاكم الاوحد الذي ان اراد الحرب يحارب، وان أراد السلم يسالم!!.
حرب العراقيين او صمتهم بأي حال من الاحوال لا يمكن ان نعدَّه استجابة لإرادة قاهرة، وان كان في ذلك بعض الصحة، الا ان الامور عندما تقاس بالنتائج لا بالاسباب فسنجد ان العراقيين هم الذين اطاحوا بنظامهم المخلوع قبل ان تطيح به السرفة الامريكية في التاسع من نيسان عام 2003 لا بشهادة عدم مقاومة القوات الأمريكية المحتلة للبلاد انما بشهادة قيام النظام بإصدار اكثر من 350 قرارا يدين العراقيين بحكم الاعدام لأي سبب يرى فيه النظام خروجاً للعراقي عن بيت الطاعة.
هذا الكم الهائل من قرارات الموت التي اضيف اليها موت المقابر الجماعية والتصفيات الجسدية الهائلة للقوميات والاثنيات بحملات عسكرية منتظمة؛ جمعيه يؤكد حقيقة علاقة هذا الشعب بنظامه السابق، الامر الذي يؤكد استحالة ترويض العراقيين على سلوك لا ينسجم وقناعاتهم او ثوابتهم وربما من السهولة بمكان ان نستشهد بثابتٍ عراقي واحد لتأكيد اصرار العراقي على التمسك بثوابته بالاشارة الى الطقس الكربلائي الذي ظل صامداً متطوراً رغم كل اشكال القسوة التي مارستها اجهزة النظام ضد مكونات ذلك الطقس.ما نريد ان نستنتجه مما مرَّ آنفا.. ان التجربة الجديدة في العراق لا تخص احداً بعينه من حيث المسؤولية، انما مسؤولية التجربة برمتها هي مسؤولية تضامنية، ولا يحق لأحد من اعضائها التنصل منها ما دام الجميع أعضاءً فيها.
ومن المؤسف حقاً ان تتحول بعض مؤسساتنا او وزاراتنا والهيئات التابعة لهما الى ما يشبه مكاتب الاحزاب او مقرات للكيانات السياسية بعد خلع رداء وطنيتها وعراقيتها وإلباسها قسراً رداء هذا الحزب او تلك الحركة وان كانت عراقية، فالوزارات والمؤسسات هي بيوت العراقيين جميعاً دون تفريق في الجنس او العرق او المذهب او الاتجاه، ان كان فكرياً او سياسياً.
قد يكون شخص الوزير من هذه الجهة او ذلك الكيان، لكن ذلك لا يعني على الاطلاق ان تتحول الوزارة الى واجهة لذلك الحزب او ذلك الكيان.. لذا يجب ان تبقى مؤسساتنا مفتوحة بروحها وقلبها وكوادرها للجميع، وعلى الجميع ان يعمل وفقاً للبرنامج الوطني للحكومة الواحدة الموحدة القائمة على اساس الشراكة الحقيقية ووفقاً للسياقات العامة وان يضع أي مسؤول نفسه لخدمة العراق والعراقيين.
ان العودة بمؤسساتنا الى الاداء الوطني النزيه لا يوازيه بالأهمية سوى الجهد والتضحيات التي يبذلها المخلصون من ابناء العراق لاجتثاث قواعد وجذور الارهاب الذي بات جسده يترنح بين قبضات العراقيين الغيارى على وطنهم وشعبهم لنبدأ بعد ذلك مسيرة اعادة البناء والاعمار والانتقال بالعراق الى دائرة الامن والسلام والاستقرار والرخاء لأبنائه المكافحين.
https://telegram.me/buratha