( بقلم : اسعد راشد )
مر ما يقارب من السنتين على تعيين الافغاني الاصل البشتوني والامريكي الجنسية خليل زادة كسفير للولايات المتحدة الامريكية في العراق وقد جاء تعيينه اثر تغيير السفير السابق "منتنوغري" من منصبه وتعيينه مسؤولا امنيا كبيرا في امريكا وقد كان الاخير موفقا لحد ما في دوره كسفير وناجحا وكان الامن والاستقرار في العراق مستتب لدرجة معينة رغم بعض الاعمال الارهابية والعمليات الاجرامية الانتحارية وحتى ان عدد الجنود الامريكييين الذين كانوا يقتلون قليل جدا لم يصل الى الرقم المخيف الذي وصل اليه اخير في شهر اكتوبر حيث تجاوز عددهم الى اكثر من مائة قتيل خلال شهر واحد في مواجهة قوى الارهاب والشر البعثية والسلفية الاجرامية ‘ وحينها اي في عهد السفير السابق الذي احترمه معظم اهل العراق كانت الاوضاع تسير بانجاه الاستقرار من خلال ضرب بيد من حديد على رؤوس الارهابيين وقادتهم ومحتضنيهم من الاحزاب السنية المشاركة اليوم كذبا في العملية السياسية ومع تغيير السفير ومجيئ خليل زاده انقلبت الاوضاع رأسا على عقب وازدادت وتيرة العمليات الارهابية والعنف الطائفي وتصاعدت الهجمات الانتحارية والعدوانية ضد العراقيين وجنود قوات متعددة الجنسية على حد سوى وقد شكى عدد من المسئولين العراقيين وحتى زعماء دينيين للاغلبية من العراقيين الى الادارة الامريكية حول الدور السلبي للسفير الامريكي الافغاني الاصل والذي ينتمي في اصوله الى قبائل البشتون الافغانية التي ينحدر منها جماعة الطالبان المتشددة والارهابية في افغانستان .
وقبل تعيينه سفيرا كانت الحكومة العراقية تتمتع بمعنويات عالية وبصلاحيات لابأس بها لمحاربة الارهاب والقوى الاجرامية حيث كان السفير السابق مرنا في تعامله مع الحكومة ومع ارادة الاكثرية العراقية وكان يتعاطى مع المشهد العراقي بنظرة محايدة وغير منحازة وكان يمتلك رؤية مهنية في اسلوب ادارته للامور بعكس خليل زادة المهووس طائفيا وينطلق في تفكيره السياسي بالنسبة للعراق من منطلق طائفي وغير مهني مما ضاعف من تعقيدات الوضع في العراق وادخل ادارة قوات التحالف في نفق مظلم وفشل بعد فشل وهو ما ساهم في انهيار سريع للوضع الامني في العراق خاصة مع تبنيه سياسة التفاوض مع المجاميع المسلحة الارهابية المتورطة في اعمال سفك دماء العراقيين وذبحهم وادخال عدد من قادتهم في الدولة وفرض وصاية على الاغلبية من اجل تشكيل اكذوبة "حكومة الوحدة الوطنية" التي اثبتت فشلها لانها لم تقم على اسس عادلة ولا ديمقراطية بل توافقية ولترضية فئة قليلة غير مقتنعة في الاصل بالعملية السياسية ولا بالمشروع الديمقراطي في العراق .
واليوم افادتنا بعض التقارير ان الرئيس بوش اتفق مع السيد المالكي على تشكيل مجموعة عمل امنية لاستقرار العراق تتشكل من وزيرين عراقيين وقائد القوات الامريكية والسفير الفاشل خليل زاده وان كان الخبر صحيحا فان ذلك ان يدل على ان الادارة الامريكية مازالت تسير من فشل الى فشل اخر في خططها ولم تستطع استلهام الدرس من سلسلة خطوات فاشلة كان سببها هو السفير خليل زادة الذي لن يتحرك وفق رؤية موضوعية ومنهجية سليمة بل يتحرك وفقا لهوسه الطائفي وبناءا على رؤية وضعت اسسها في دول الجوار العربية وخاصة الرياض دون الاخذ بعين الاعتبار لا المصالح العراقية ولا مصالح الولايات المتحدة الامريكية فهو لا يستشير الحكومة العراقية ولا زعماءها حول المشاريع الامنية والسياسية لاستقرار العراق وكل ما يفعله هو اطلاق تصريحات استفزازية بعد كل زيارة يقوم بها للسعودية ويستشيرهم في شؤون العراق الذي اهله ادرى بما في الدار وليس الاخرون وهو ما سبب حالة من الارباك لدي القيادة العراقية .
هناك الكثير من العراقيين ورموزهم السياسيون والدينيون يرون ان زاده طرف في فشل الادارة الامريكية في خططها وانه قد زاد الطين بلة عندما علق فشله وفشل ادارته على رقبة الحكومة العراقية المجردة من الصلاحيات اللازمة لمواجهة التحديات الامنية وقمع الارهابيين وهنا يطرح السؤال نفسه بقوة : ماذا لو اقدمت الادارة الامريكية على تغيير السفير الحالي واتخذت قرارا بتعيين سفير يحظى بالرؤية الامنية والسياسية ويتمتع بمرونة في تعاطيه مع المشهد العراقي ‘ اليس المنطق يقول ان استمرار الفشل وغياب النجاح الذي لم يستطع سفير لدولة عظمى لمدة سنتان تحقيقه في مهمته يفرض تغييره والاتيان بشخص اخر له مصداقية اكثر يعمل على فرض ارادة الاغلبية في تحقيق الامن والاستقرار دون التوجه لاي اعتبارات اخرى او مجاملة فئة قليلة متورطة في الارهاب وفي ذبح العراقيين ؟
فلماذا لا تجرب ادارة بوش على تعيين سفير جديد بدلا عن هذا السفير الفاشل الذي في عهده انزلق العراق الى هاوية العنف الطائفي وتصاعد وتيرة الارهاب واعمال القتل والتفجير و لم يستطع العراقيون التمتع بالامن والاستقرار رغم وجود العشرات الالاف من قوات متعددة الجنسية ومثلها القوات العراقية الامنية والنظامية ؟ ولماذا تضع واشنطن بيضتها في سلة سفير غير ناجح اوصل العراق الى شفا الهاوية والحرب الاهلية الواسعة ؟
لقد فشلت الخطط الامنية التي كانت تنفذ في بغداد ومدن العراق الاخرى ولم تنجح اي واحدة منها لاعادة الاستقرار والسبب هو السد الذي وضعه السفير المذكور امام القوى الامنية العراقية وتدخله السافر في مسؤوليتها والوقوف امام طموحاتها في ضرب الارهابيين واجتياح معاقلهم وحتى خطة بغداد الامنية الكبرى فشلها يرجعه العراقيون الى تدخلات خليل زادة ومواقفه غير المنسجمة مع الحالة العراقية التي تتطلب الحزم والشدة لمواجهة الارهابيين وقادتهم والمتعاونين معهم من الاحزاب المشاركة في العملية السياسية .
ومن هنا نرى الضرورة في ان تتخذ الادارة الامريكية قرارا حازما ولو لمرة واحدة ومن اجل مصداقيتها وحفاظا على هيبتها ومصالحها بعزل خليل زاده وتمكين الحكومة العراقية بفرض سلطتها وبصلاحيات واسعة امنية تمكنها من اعادة الامن والاستقرار الى العراق .
اسعد راشد
!https://telegram.me/buratha