بقلم: وداد فاخر
*كرد فعل قوي وعنيف لفشل حزب الجريمة المنظمة الفاشي والذي يسمي نفسه بـ ( حزب البعث )، الذي اتخذ من الجريمة نهجا وطريقا لمسيرته الدموية في البلدان العربية وخاصة بعد وصوله للسلطة بواسطة القطار الأمريكي للعراق، وبجهود حثيثة لإدارة المخابرات المركزية الأمريكية ( CIA ) في تلميع صورته كـ ( منقذ ) للأمة العربية . غاص هذا الحزب الفاشي في مجاهل التاريخ بعد سقوط نظامه الفاشي في 9 نيسان 2003 بغية توظيف أسماء دينية وتاريخية لامعة لتنفيذ مآربه الشريرة كاسم الخليفة عمر عندما يشكل ( فيلق عمر ) ذلك الرجل الذي نادى بأعلى صوته ( متى استعبدتم الناس وقد خلقتهم أمهاتهم أحرارا) . أو مصطلحات إسلامية كـ ( جيش الصحابة ) ، و ( أنصار السنة ) ، و ( الجيش الإسلامي ) ، و ( مجلس شورى المجاهدين ) . ووصل الأمر بهم للاعتداء على اسم رسول العالمين محمد فسموا إحدى مجاميعهم الإرهابية بـ ( جيش محمد ) ، وهكذا بقية أسماء المجاميع التي شكلها رجال البعث التي ضمت فصائلها صفوة العناصر الإرهابية المجرمة من قيادات الأمن والمخابرات وأجهزته السرية القمعية التي تسلقت سور الدين وسخرته لمآربها الشريرة بعد سقوط نظامهم القمعي الفاشي . إضافة للعديد من القيادات العسكرية التي هربت من ساحة المعركة عند دخول الدبابتين الأمريكيتين لساحة الفردوس ، أو التي سلمت مفاتيح مدنها بذل وخضوع للقيادات الأمريكية بدون أن يطلق أي منهم ولا اطلاقة واحدة تجاة الجيش الأمريكي المحتل . بينما حشرت القيادات الدنيا من الأمن والمخابرات ، وفدائيي صدام وجيش القدس نفسها وسط العديد من التجمعات الدينية على طرفي الساحة الطائفية سنة وشيعة ، بموجب تعليمات النظام المنهار التي طلبت منهم تنفيذ ذلك حال سقوط النظام الدكتاتوري . لذا فقد شكلوا بتواجدهم داخل العديد من التيارات الدينية من سنة وشيعة أعدادا كبيرة لا يستهان بها من الميليشيات الطائفية على الساحة العراقية . والدليل على ذلك إتقان معظم رجال تلكم الميليشيات بصورة مهنية لا تقبل الشك لاستعمال أنواع الأسلحة والقذائف الصاروخية التي تتطلب التقنية في التسديد للهدف ، ومعرفتهم التامة بكل خبايا الأسلحة التي خبأها النظام المنهار في أماكن مختلفة من العراق قبل سقوطه المريع في 9 نيسان 2003 . وأخيرا همجيتهم التي لا حد لوصفها في القتل والتدمير التي تدربوا عليها إثناء تواجدهم ضمن تشكيلات الموت والدمار زمن الدكتاتورية البغيضة . وزاد البعض منهم ممن تسللوا للجماعات الدينية من كلا الجانبين في فرض سياسات معينة على أبناء المدن أو المناطق أو المحلات التي لهم تجمعات ونفوذ فيها ، حيث شكلوا إمارات طلبانية بدءا من إمارة الفلوجة بقيادة شيخ الإرهاب الهارب عبد الله الجنابي الذي كانت له الإمرة الكاملة الدينية والسياسية في إمارة الفلوجة المندرسة ، إلى جانب قيادات أمنية واستخبارية أخرى من زمن النظام كظافر العبيدي وعمر حديد وأبو سعد الدليمي ، حتى الإمارات الجديدة الحالية التي تشكلت في كل من ديالى والموصل والانبار.وفي الجانب الآخر أي الجانب الشيعي نشأت أكثر من إمارة طلبانية بموجب مقولة ( كلمة حق يراد بها باطل ) في كل من النجف أولا ، فالبصرة وبعض مدن الجنوب العراقي ، عندما تحركت بعض من تلكم الميليشيات التي ضمن بقايا رجال امن ومخابرات النظام السابق، لتروع المواطنين الآمنين ، وتملي شروطها عليهم بدءا من إجبار النساء والفتيات على ارتداء الحجاب ، وغلق صالونات تجميل النساء ، ومنع حلق اللحى من قبل حلاقي الرجال ، ومطاردة شركاء العراقيين في الوطن والمصير من بقية الأديان السماوية ، حتى ملاحقة وحرق محلات كاسيتات الأغاني والأفلام ، وغلق السينمات ودور اللهو البريئة . وتسللت عناصرهم المجرمة حتى داخل الجيش والشرطة الحديثي التكوين ، وشكلوا داخلهما طابورا خامسا ، شكل عقبة كبيرة أمام إرساء دعائم الأمن ، وإخلالا واضحا في ترسيخه ، وممرا آمنا للبعض لتهريب النفط والسلاح لدول الجوار .كل ذلك جرى باسم الدعوى لتطبيق الشريعة الإسلامية في بلد خرج لتوه من قمقم الدكتاتورية وسلطة الحزب الفاشي الذي برع في عمليات القتل والتغييب لمواطنين لم يكن العديد منهم يعرف لم جرى له ذلك لو عاد للحياة مرة أخرى وسأل عن سبب قبره في مقابر النظام الجماعية التي لا عد لها ولا حصر .وبدل أن يغوص البعض من مدع الدين في زوايا التاريخ البعيدة ويفتح نوافذ للنور كما جاء في الشريعة المحمدية الغراء ، فقد غاص هذا البعض في زوايا التاريخ البعيد ليفتح كوى مظلمة قاتمة تشيع الكآبة والظلام في نفوس الناس ، ويشيع ثقافة العنف ونفي الآخر ، ويغلق كل نوافذ النور ليعم الظلام الدامس أرجاء العراق ، ويثير أبناء الشعب الواحد بعضهم على بعض في سابقة تاريخية لا مثيل لها في بلد الحب والتآخي القومي والديني منذ أقدم العصور التاريخية . فبعد أن كانت بغداد عاصمة الدنيا ، وشدا في أجوائها المنشدون والمطربون الأوائل في العصر الحديث حيث كانت تهتز طربا لمقامات رشيد القندرچی ونجم الشيخلي ومحمد القبانچی و يوسف عمر و ناظم الغزالي و حسن خيوكة و عبد الرحمن خضر وحمزة السعداوي وحامد السعدي وحسين الاعظمي وغيرهم ، وكثرت فيها الملاهي في بداية القرن العشرين مما حدا بشاعرنا الرصافي أن يقول في العام 1909:أرى بغداد تسبح في الملاهي ........ وتعبث بالأوامر والنواهي وتأسست في بغداد ثالث محطة إذاعة عربية في العام 1936 وبعد إنشاء محطة الإذاعة المصرية العام 1935 وإذاعة القدس ، بينما أنشأت أول محطة تلفزيونية في الشرق الأوسط في بغداد العام 1955 . وعرفت مدينة البصرة في القرن العشرين وهي مدخل العراق الحضاري كونها ميناء العراق فنانين كبار كصالح وداود الكويتي ووحيدة خليل وفرق الخشابة و( الدگاگات ) ، وهی فرق نسویه ، كذلك عرفت مدينة العمارة جوا فريدا من الطرب والغناء في تلك الفترة ، ولم يدر في خلد احد أن مدينة المطربة التي تسمت باسم ( مسعود العمارتلي ) تشهد مقتل مطرب من أهل المدينة كل تهمته انه يتخذ من الغناء حرفة لإسعاد الناس ، والخبر المنشور في 24 . 09 . 2006 يقول (اغتال مسلحون مجهولون وسط مدينة العمارة رمياً بالرصاص المطرب هادي الجنوبي العائد من سوريا قبل أيام. وقال شهود عيان إن الجنوبي اغتيل قرب سوق حي المعلمين القديم على يد مسلحين ترجلا من سيارة بيضاء لا تحمل أرقاما. وأضافوا إن الجنوبي لم يعرف بارتباطه بأي حزب وكان يمتهن بيع الملابس القديمة (البالات) مؤخراً بعد كساد (مهنة) الطرب! ) . وهذا الحدث يؤكد بدليل قاطع لا يقبل الشك بانعكاس بما فعله اراذل البشر من البعثيين ، ومخلفاتهم المندسة داخل تنظيمات بعض التيارات الدينية التي ظهرت للوجود كنبت شيطاني بعد سقوط نظام الجريمة ، بالتعاون والتنسيق مع المتخلفين من أعوان القاعدة بنبش التاريخ السحيق والخروج منه بمفاهيم لا تمت للإسلام بصلة وعكسها على الواقع الحاضر الذي يتنافر معها كليا . فـ ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ) كما يقول رسول رب العزة ، بينما قال تعالى ( لا إكراه في الدين ) - الآية 256 من سورة «البقرة»- ، وقد برزت على السطح السياسي الكثير من الممارسات الخاطئة ، والعنتريات السياسية المشبعة بتطرف ديني لا عقلاني ، ممزوجا بالإرهاب الفكري ونفي الآخر ، في محاولة للاستحواذ على الشارع العراقي وتطبيق مقولة البعث الفاشية " من لم يكن منا فهو ضدنا " . وهل يريد منا هذا البعض أن نفصل الدولة العراقية على رأيه وحسب مزاجه ورب العزة يخاطب نبيه الكريم قائلا ( وما أنت عليهم بوكيل ) و( لست عليهم بمسيطر ) ويخاطب الناس بقوله الكريم ( إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها ) . بينما يقول إمام المتقين علي ابن أبي طالب ( لا تعلموا أولادكم على عاداتكم ، فقد خلقوا لزمان غير زمانكم ) ، فهل يريدنا دعاة الأسلمة المتسيسين أن نرجع القهقري للوراء بعد أن قطعت البشرية أشواطا عديدة إلى الأمام في سبيل رقيها وتقدمها ؟؟!! .فما كان يعتبر في عهد الرسول الكريم ، أو أي من الصحابة تقدميا وسابق زمنه ، قد تخطاه الزمن بقرون وأصبح جزءا من التاريخ البعيد ، عدا أصول الدين وسنة الرسول العظيم . وقد ذكر الباري عزوجل في محكم كتابه الكريم ( وعلمنا الإنسان مالم يعلم ) وهو رد على من حرم على بسطاء الناس المكتوين بحر تموز وآب شراء الثلج لأن الثلج حسب دعواهم لم يكن في عهد الرسول الكريم . ترى هل كانت قذائف الهاون والكاتيوشا التي يطلقونها على الأبرياء من الناس ضمن استعمالات المقاتلين في صدر الإسلام ؟! ، أو إن العربات التي تستخدم للهجوم على المسافرين وقطع طرق العابرين مع كواتم الصوت وأنواع المدافع والرشاشات ضمن أسلحتهم أيضا؟! .لذا فما كان في عهد عمر أو علي هو ابن وقته وضمن حدود ذلك الزمن ، كذلك ما كان في زمن أي من حكام وسلاطين بني أمية ، أو بني العباس الذين ملكوا من الجواري والقيان ( وما ملكت أيمانكم ) ، وعاثوا في الأرض فسادا باسم الدين الإسلامي . ونحن الآن أبناء زمننا الذي يبعد عنهم بعشرات القرون كفاصلة زمنية وحضارية . وألا دعونا نعود لركوب الجمال والبغال والحمير كعودة لما كان يفعله السلف الصالح ، ولنقتدي بهم في أكل خبز الشعير ، وشرب حليب النوق بدلا من البيبسي والكوكا كولا ، وأنواع العصير والمشروبات المنعشة لانها لم تكن في زمن الرسول !!! . فالعودة للماضي واستلهام العبر منه ليست بالانتكاسة للوراء ، ورفض كل ما هو خير للبشرية وتطوير لقدراتها ، بل هو استلهام العبر من الجانب النير من التاريخ والدين وتجنب الموبقات ، لا أن يتم عكس الجوانب المظلمة التي دخلت على الدين من قبل البعض بواسطة فتاوى واجتهادات لعبت بإصدارها أهواء سياسية عدة .وأخيرا لا تبنى الأوطان بتاتا بنبذ الآخر ، أو إقصائه إن كان على شكل تعصب قومي أو طائفي أو أثني ، بل كما قال الله تعالى ( يا أيها الذين امنوا إنا خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله اتقاكم ) .آخر المطاف : الحكمة نور الأبصار، وروضة الأفكار،ومطية الحلم، وكفيل النجاح، وضمين الخير والرشد، والداعية إلى الصواب، والسفير بين العقل والقلوب، لا تندس آثارها، ولا تعفو ربوعها، ولا يهلك امرؤ بعد عمله بها.* شروكي من بقايا القرامطة ، وحفدة ثورة الزنجاشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha