محمود شاكر شبلي
الحاشية بالمفهوم السلطاني القديم هم الرجال المقربون للسلطان أو الوالي ومنهم وزيره وكاتبه ومسؤول خزانته وشعراؤه وندمائه وبعض أقربائه وغيرهم . وتصفحنا لكتب التاريخ يظهر لنا مدى تأثير الحاشية في سيرة السلطان أو الوالي وفي اتخاذ قراراته وبالتالي عدله أو ظلمه.
والحاشية بالمفهوم السياسي الحالي, هم نواب الحاكم (سواء كان الحاكم رئيس جمهورية, رئيس وزراء, وزير, محافظ, مدير شرطة, قائد جيش وغيرهم ) والناطق باسمه ومستشاريه وبعض أعضاء حزبه ومجلسه وبعض المقربين لأسباب عديدة.أن مسألة اختيار الحاشية هي مسألة مهمة لأن هولاء هم أقرب الرجال حول صانع القرار وفي صلاحهم يكون صلاحه وفي فسادهم يكون فساده وهم يؤثرون في قراراته تأثيرا كبيرا . ومن الممكن أن يكون العكس هو الصحيح أيضا, فأن الحاشية تفسد أذا كان الحاكم فاسدا ويستبعد الصالح منها ليحل بدله الطالح.
في الدول الديمقراطية (المحترمة ), يعلن الرئيس عن أسماء المستشارين والتي تعني حاشيته ويقدمها للبرلمان للموافقة عليها أو الاعتراض وهم يتقدمون بالسيرة الذاتية لكل منهم, ويتم التصويت عليهم بالرفض أو القبول. و في بريطانيا مثلا عندما فاز حزب المحافظين ,اختار رئيس الوزراء أسماء الحاشية وتم عرضها علي البرلمان للتصويت وقد اختار رئيس الوزراء احد الأشخاص ولكن الصحف الانجليزية نشرت انه دفع غرامة في أحد المرات لأنه كان يقود سيارته مخمورا, فتم استبعاده من الحاشية لذلك ووافق رئيس الوزراء بلا جدال ..
أما نحن وباقي الدول المتخلفة فلا احد يتدخل باختيار حاشية الحاكم أو يصوت عليهم سواه لان الحاكم عندنا يمتلك البلاد والعباد ولا يحق لأحد أن يتدخل بذلك وهو غير ملزم بتقديم كشف بمن يستشير. ويتم على أثر ذلك تقريب الأقارب والمعارف ومن ذكرناهم أعلاه.وهكذا فقد أفسدت الحاشية السيئة جميع حكامنا الطيبين (إن وجدوا ) , وأفسد حكامنا السيئين( على كثرتهم ) حاشياتهم الصالحات (أن وجدت ) و فوصلنا إلى نتيجة نهائية وهي فساد جميع الحكّام وفساد جميع الحاشيات بكلى السببين .وهذا كان ومازال من أهم أسباب تخلف بلداننا وانحدار حضارتنا وبالتالي احتلالنا وعن جدارة موقع القاع أوما تحته.وذلك هو عدونا اللدود كيان إسرائيل (مغتصب أرضنا وقاتل أهلنا) يتبختر بين ظهرانينا مغترا بديمقراطيته وقوة تشريعه رغم عدم وجود دستور دائم له , بحيث لم تستمر أي حكومة من حكوماته المنتخبة إلى نهاية فترتها , لأن برلمانه أجبر تلك الحكومات على الاستقالة , كما اجبر الحكام على إقالة بعض من حاشياتهم عندما رأى ضعفا في الأداء أو خللا في خدمة كيانه . أن وجود ضعف في دساتيرنا وعدم تناولها لمسألة الحاشية وعدم وجود تشريع لاختيارها , جعل الحاكم عندنا يختار الحاشية وفق هواه أووفق مفاهيم غير سليمة أدت إلى النتائج الوخيمة التي وصلنا إليها ومازلنا . فما علينا سوى تشريع قانون يلزم الحاكم فيه بتقديم أسماء حاشيته للبرلمان أو مجلس المحافظة أو أي مرجعية دستورية يرجع اليها لغرض فحصها واستبعاد السيئين . كما يجب علينا تفعيل مبدأ إجبار الحاكم على تقديم استقالته أو إقالة بعض من حاشيته في حالات الفشل وضعف الأداء , حتى نستطيع تدارك أنفسنا وتصحيح مسيرنا والارتفاع بشأننا .
https://telegram.me/buratha