علي حسن الشيخ حبيب
اشتقت كلمة رمضان من الرمض وهو شدة الحر فيقال: يَرْمَضُ رَمَضاً: اشتدَّ حَرُّه، وأَرْمَضَ الحَرُّ القومَ: اشتدّ عليهم قال ابن دريد: لما نقلوا أَسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأَزمنة التي هي فيها فوافَقَ رمضانُ أَيامَ رَمَضِ الحرّ وشدّته فسمّي به، وشهر رمضانَ مأْخوذ من رَمِضَ الصائم يَرْمَضُ إذا حَرّ جوْفُه من شدّة العطش.والصيام في اللغة هو الإمساك، وفي الشرع فهو إمساك المكلف بالنية عن الطعام والشراب والشهوة من الفجر إلى المغرب.روى الصّدوق بسند مُعتبر عن الرّضا عليه السلام ، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه وعلى أولاده السّلام قال : انّ رسول الله صلى الله عليه وآله خطبنا ذات يوم فقال :(( ايّها النّاس انّه قد أقبل اليكم شهر الله بالبركة والرّحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشّهور، وايّامه أفضل الاَيّام، ولياليه أفضل اللّيالي، وساعاته أفضل السّاعات، هو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب، فسلوا الله ربّكم بنيّات صادقة، وقلُوب طاهرة أن يوفّقكم لصيامه، وتلاوة كتابه، فانّ الشّقي من حرم غفران الله في هذا الشّهر العظيم، واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه، وتصدّقوا على فقرائكم ومساكينكم، ووقرّوا كباركم، وارحموا صغاركم، وصلوا أرحامكم، واحفظوا ألسنتكم، وغضّوا عمّا لا يحلّ النّظر اليه أبصاركم، وعمّا لا يحلّ الاستماع اليه أسماعكم و تحننوا على أيتام الناس يتحنّن على ايتامكم وتوبوا اليه من ذنوبكم، وارفعوا اليه أيديكم بالدّعاء في أوقات صلاتكم فانّها أفضل السّاعات ينظر الله عزوجل فيها بالرّحمة الى عباده يجيبهم اذا ناجوه، ويلبّيهم اذا نادوه، ويستجيب لهم اذا دعوه .أيّها الناس انّ أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكّوها باستغفاركم، وظهوركم ثقيلة من أوزاركم فخفّفوا عنها بطول سجودكم، واعلموا انّ الله تعالى ذكره أقسم بعزّته أن لا يعذّب المصلّين والسّاجدين، وأن لا يروعهم بالنّار يوم يقوم النّاس لربّ العالمين ، أيّها النّاس من فطّر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشّهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة، ومغفرة لما مضى من ذنوبه ، قيل : يا رسول الله صلى الله عليه وآله وليس كّلنا يقدر على ذلك ، فقال صلى الله عليه وآله : اتّقوا النّار ولو بشقّ تمرة اتقّوا النّار ولو بشربة من ماء، فانّ الله تعالى يهب ذلك الاَجر لمن عمل هذا اليسير اذا لم يقدر على اكثر منه ، يا أيّها النّاس من حسّن منكم في هذا الشّهر خُلقه كان له جواز على الصّراط يوم تزلّ فيه الاَقدام، ومن خفّف في هذا الشّهر عمّا ملكت يمينه خفّف الله عليه حسابه، ومن كفّ فيه شرّه كفّ الله عنه غضبه يوم يلقاه، ومن أكرم فيه يتيماً أكرمه الله يوم يلقاه، ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه، ومن قطع فيه رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه، ومن تطوّع فيه بصلاة كتب الله له براءة من النّار، ومن أدّى فيه فرضاً كان له ثواب مَن أدّى سبعين فريضة فيما سواه من الشّهور، ومن اكثر فيه من الصّلاة عليّ ثقِّل الله ميزانه يوم تخفّ الموازين، ومن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشّهور ، أيّها النّاس انّ أبواب الجنان في هذا الشّهر مفتحة فسلوا ربّكم أن لا يغلقها عليكم، وأبواب النّيران مغلقة فسلوا ربّكم أن لا يفتحها عليكم، والشّياطين مغلولة فسلوا ربّكم أن لا يسلّطها عليكم ))
أهل الخصوص من الصوام صومهم صون اللسان عن البهتان والكذب
والعارفون وأهل الأنس صومهم صون القلوب عن الأغيار والحجب
فقد كان النبي صلى الله عليه وآله اجود الناس وكان يتضاعف جوده في شهر رمضان على غيره من الشهور لان شهر رمضان شهر يجود الله فيه على عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النار لا سيما في ليلة القدر، والله تعالى يرحم من عباده الرحماء، وأن الجمع بين الصيام والصدقة أبلغ في تكفير الخطايا...
قال أبو الدرداء: صلوا في ظلمة الليل ركعتين لظلمة القبور، صوموا يوما شديدا حره لحر يوم النشور، تصدقوا بصدقة لشر يوم عسير.
أن الصيام لا بد أن يقع فيه خلل أو نقص، فالصدقة تجبر ما فيه من النقص والخلل، ولهذا وجب في آخر شهر رمضان زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث.
تقبل الله صيامكم وقيامكم وجعلنا وأياكم من عتقائه من النار .
https://telegram.me/buratha