قرارات التصنيع او الشراء في مجال التنمية المستدامة

الدكتور مجيد الشرع استاذ جامعي

يمر العراق بظروف متقلبة في ظل التغيرات السريعة التي تفرض واقعها على هذا البلد فمن تقلبات سياسية الى اوضاع اقتصادية يصعب السيطرة عليها الى مطالبات اجتماعية ملحة تؤثر سلبا على الآداء الحكومي.

ولكننا ومن باب المسئولية التي يفترض ان يتحملها المثقفون والطبقة الواعية ان نلتفت للجوانب الأيجابية لتعزيزها وايجاد المبررات لتفعيلها لأن بلدنا يحتاج الى كل جهد طيب.

ولقد وجدت من المناسب ان تكون مقالاتي هادفة نتطرق فيها الى توجيهات عامة مؤطرة بتأطير التخصص حيث مارسنا التدريب في مؤسسات ممولة ذاتيا ووجدنا الرغبة الصادقة لدى المشاركين في كيفية تفعيل نشاطات مؤسساتهم لتكون مؤسسات مصدرة بدلا من ان تكون مؤسسات خاملة تستورد احتياجاتها.

وفي هذه المقالة ساسلط الضوء على موضوع مهم يتعلق بقرارات التصنيع او الشراء وكيفية المفاضلة بينهما في اتخاذ لقرارات(How to determine a Make Vs. Buy Decisions ) في اطار تنموي تؤطره مايعرف بالتنمية المسدتامة Sustainable Development .

1-معنى قرارا ت التصنيع( الانتاج) او الشراء The Make or Buy Decisions:

يعد توصيل المنتج الى المستهلك من الخطوات أ لمهمة التي تشكل عصب اتخاذ القرار فمثلا اذا اردنا التصنيع يجب توفير المواد الخام من المصادر لمختلفة ويجب ان تكون هناك عمالة مدربة تتعامل مع هذه المواد من اجل تخصيصها في مجال الانتاج وهنا يكمن الجانب الفني منعا للضياع او الاسراف او التلف وقد تكون تلك المواد المصنعة مدخلا لمنتجات اخرى قابلة للاستخدام حيث يستدعي الامر لاحقا في الكيفية التي تصل بها المنتجات الى المستهلك النهائي.

فاذا كانت المؤسسة تشتغل في اكثر من واحد من الانشطة المشار اليها فأنها تتبع بذلك سياسة التكامل الرأسي(Vertical Integration ) وينصرف هذا المفهوم بالمعنى العام ايضا ان المؤسسسة المعنية قد

تصنع بعض الاجزاء لأغراض داخلية له او لأحد مصانعها او الوحدات الملحقة به بدلا من شراءها من السوق وهذا القرار يصطلح عليه قرار الصنع او الشراء، وهناك مفاضلات وخيارات تطرح امام متخذ القرار عالجتها المحاسبة الادارية ضمن ادبياتها لا يتسع المقام لذكرها.

2-الربط بين التنمية المستدامة وقرارات التصنيع او الشراء:

تعني التنمية المستدامة حسب تعريف لجنة برنتلاند عام(1987)" هي التنمية التي تحقق حاجة الاجيال الحاضرة دون المساس بقدرة الاجيال القادمة على تحقيق حاجتها" وقد حددت اللجنة ثلاث عناصر لهذه التنمية وهي:

أ‌- البيئة.

ب-الافراد.

ج- الربح.

وبمعنى آخر ان الدافع نحو تحقيق الرخاء الاقتصادي يجب الا يطغى على الادارة الفاعلة، ويعني ذلك النظر للعناصر الثلاث بصيغة متوازنة.

لذلك فأن تلبية الحاجات الاقتصادية وتنمية الموارد البشرية الماهرة وتهيئة الظروف الملائمة تشجع المؤسسسات الانتاجية الهادفة للربح على اداء دور اقتصادي بناء، وفي هذا التصور المنطقي يكمن الربط بين المفاضلة في اتخاذ القرارات ومنها قرارات التصنيع او الشراء حيث تظهر اهمية التحديد للقرار المناسب من خلال معطيات عدة من بينها آلآتي:

1-تحديد مجال المنتج او الخدمة المقدمة: وهذا يعني فهم طبيعة المنتج ولمن يوجه ومدى ملائمته في تقييم الاداء و لو بأقل تقدير.

2-هل الموارد (Resources ) كافية ومناسبة للتصنيع أو الانتاج بحيث يمكن تطوير الأنتاج وما يتناسب وحاجة السوق بدون الحاجة الى الاقتراض مثلا.

3-ما هي توقعات الادارة لتصريف الانتاج بحيث يمكن تحقيق الهدف المقصود من الانتاج.

4-هل المتعاملين مع المؤسسسة من القطاع الخاص او القطاع العام وما نصطلح عليهم بالعملاء يرحبون بانتاجها ويجدون فيه ما يلبي رغباتهم وباسعار منافسه بحيث يمكن استغناءهم عن المنتج المستورد.

ومن خلال الطروحا ت اعلاه نجد ان الادارة تبني قراراتها على معلومات موثقة مما يجعلها

اتخاذ قرار التصنيع.

ولعلنا في العراق ومن واقع الدراسات الميدانية سواء عن طريق الاطاريح لرسائل الدكتوراة والماجستير التي يتقدم بها طلبتنا الاعزاء بعد توجهيات مشرفيهم الافاضل او من خلال زيارات ميدانية او الاطلاع على آراء المشاركين في الدورات التدريبية وخاصة في هذه المرحلة ألأنتقالية نرى ان هناك خللا واضحا في جهود المؤسسات الانتاجية او يسمى بمؤسسات التمويل الذاتي، حيث تجمع الآراء على ان المنتج الذين سيقومون بأنتاجه ذو كلفة عالية اكبر من المنتج المستورد المطروح في الاسواق وهنا لابد من التأكيد على شيئين مهمين في مجال اتخاذ قرار الصنع او الشراء:

الاول: ان المنتج المطروح في السوق يمتاز برخص الثمن اضافة الى ان تسويقه وتغليفه يحقق رغبة المستهلك ومن امثلة ذلك المنتجات الصينية التي غزت اسواقنا كما غزت اسواق دول اخرى ومنها دول اوربية متقدمة ولكن مع الفارق بالنسبة للمجهز الى دولنا العربية وخاصة بلدنا العراق حيث تتميز هذه المنتجات برداءة الصنع وهو العامل المؤثر في رخص ثمنها.

الثاني: لاتلبي المنتجات المشار اليها شروط جودة الانتاج وبصورة ملموسة حيث يضطر المستهلك الشراء لأكثر من مرة لنفس المنتج،

وهذا يستوجب الاهتمام بالنسبة لمؤسساتنا الانتاجية لأن مثل هذا الامر يشكل نقطة ضعف في المنتج الاجنبي وخاصة المنتج الصيني وهنا يجب استنفار الجهود في المنتج المحلي والعمل على تخفيض تكاليف الانتاج المباشرة وغير المباشرة.

ولكن القول الذي اشرنا له قد يكون قولا نظريا في نظر البعض وخاصة بالنسبة للحالة العراقية ولكن الدراسات المتخصصة اثبتت بأن ذلك يمكن تطبيقه عمليا وذلك من خلال طروحات ما يسمى بأدارة المحددات"Managing Constraints ويعني هذا المصطلح في موضوع دراستنا ان يختار المدير التنفيذي المزيج الانتاجي الذي يعظم اجمالي هامش المساهمة ونعني بهامش المساهمة ان المؤسسة تستطيع تغطية التكاليف المتغيرة( الاجور ، المواد، تكاليف صناعية اخرى ) من سعر البيع المحدد وان تركز الادارة على زيادة كفاءة عمليات التصنيع وعلى زيادة الطاقة الانتاجية ومثل هذه الاجراءات تزيد بشكل مباشر من مخرجات المنتجات التامة وبالتالي تؤدي الى اتخاذ قرار الصنع كبديل افضل.

ولكننا ومن خلال بعض ألأشارات العلمية ومن واقع الحياة العملية في العراق نجد ان المحددات هي محددات مفتعلة حيث يوجد مساومة نفعية في بعض المؤسسات من لدن بعض مسوؤليها على تشجيع الشراء من السوق سواء عن طريق الاستيراد او من السوق المحلية حيث تثبت الاستطلاعات ان عنصر الاستفادة عنصر متحكم لدى صاحب القرار وهو يفضل ان يكون قرار الشراء وخاصة عن طريق الاستيراد حيث قد يشكل ذلك نفعا ماديا مباشرا لمتخذ القرار ولو كان ذلك عن تنظيم سفر ايفاد،

اضافة ان الايفادا ت قد لا تشمل الشخص المتخصص وقد تكون ايفادات ترفيهية مما يعني تشجيع قرار الشراء .

وهذه السلبيا ت ان وجدت لها ارضية في واقع عمل مؤسساتنا الهادفة للربح تأتي بنتيجة عكسية على ما نعنيه بالتنمية المستدامة حيث تتركز هذه التنمية كما يشير اليها المنظرون بأنها تشمل مفهومين هما:

الاول: مفهوم الأحتياجات The Concept of Needs: وهو يشمل تشخيص احتياجات المجتمع وخاصة الطبقة العاملة والفقراء من الناس حيث ان اشباع هذه الاحتياجات من الاولويات لدى متخذ القرارات الاقتصادية.

الثاني: تحديد الطروحات المهنية: وتعني ان فكرة التحديد تفرض عن طريق التطورات التكنولوجية ومنظمات المجتمع والظروف البيئية لتلبية الحاجات الحاضرة والمستقبلية.

ومما ورد اعلأه فأن التنمية المستدامة تعتبر العالم من الناحية الاقتصادية عبارة مجموعة انظمة تأخد مساحة من التطبيقات وترتبط بعامل الوقت و قد يتخلل بعضها الفساد اذا ما تسلطت جهات نفعية على عملية اتخاذ القرارات.

وعلى هذا الاساس لابد ان نمعن النظر في حالة بلدنا العراق وان نفعل التفكير في التنمية المستدامة وطروحاتها من حيث ملاحظة البيئة والظروف المحيطة من اجل تشخيص المعوقات ومعالجاتها والاهتمام بالسياسات الاقتصادية من اجل توفير الرفاهية لأجيالنا القادمة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha