ابراهيم احمد الغانمي
قبل يومين حذر المرجع الديني الكبير اية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم المسؤولين العراقيين من كارثة تحل بالجميع اذا لم تشكل سريعا حكومة تحفظ مصلحة الناس. ودعا المرجع الحكيم خلال المؤتمر الوطني السابع عشر للمبلغين والمبلغات الذي عقد يوم الخميس الماضي في محافظة النجف الاشرف خلال كلمة القيت نيابة عنه المسؤولين في الدولة الى رعاية المصلحة العامة والاسراع بتشكيل الحكومة بما يخدم مصالح البلد العليا، معتبرا ان ذلك من شأنه حفظ مصالح الشعب واستعادة ثقة الناس بهم، محذرا أنه بخلاف ذلك ستحل الكارثة بالجميع. واضاف اية الله العظمى السيد الحكيم ان العراقيين يتطلعون بفارغ الصبر الى الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة ، معربا عن أسفه للتأخير الكبير في ذلك فيما كان المواطنون قد توجهوا الى صناديق الاقتراع بأمل كبير في تقدم العملية السياسية بما يخدم البلد.ماقاله المرجع الحكيم وماعبر عنه من موقف ، يعكس في حقيقة الامر صورة الواقع القائم على الارض في البلاد.وماعبر عنه هو موقف ورؤية عموم مراجع الدين العظام، والذي يمثل هما كبيرا بالنسبة لهم انطلاقا من طبيعة وجوهر مسؤوليتهم الشرعية، وموقعهم القيادي في الامة.وعلى مدى الشهور الخمسة الماضية التي اعقبت الانتخابات البرلمانية كان مراجع الدين وفي مقدمتهم اية الله العظمى السيد علي السيستاني يتابعون عن كثب تفاعلات وتطورات الاوضاع في البلاد ويبدون توجيهاتهم ونصائحهم السديدة لمختلف القوى والمكونات والشخصيات السياسية، وكانوا ومازالوا يحذرون من مغبة بقاء الاوضاع السياسية بهذه الصورة وعلى هذا الحال.وكان واضحا من خلال خطب الجمعة، وعبر مايقولونه للوفود السياسية التي تذهب اليهم، ان رؤى المرجعية الدينية هي الاكثر نضجا وعقلانية وموضوعية وابتعادا عن حسابات المصالح الفئوية والحزبية الضيقة.فهموم الناس ومشاكلهم ومطاليبهم كانت ومازالت حاضرة في تعاطي المرجعية الدينية، ولعلها تشكل اولوية اساسية في سلم الاولويات بالنسبة لها، وهي حينما تطرح كل القضايا والامور عبر منابر الجمعة بوضوح وصراحة، فأنما تريد من خلال ذلك ان تنبه الى مواضع القصور والنقص والخلل، وتوجه الى المسارات الصحيحة التي ينبغي على المعنيين بزمام الامور السير فيها.فحالة الاحباط والاستياء والامتعاض الشعبي الكبير من الكتل والشخصيات السياسية التي تقف وراء حالة الجمود السياسي في البلاد ، هي حقيقة شاخصة وواضحة للجميع، وحينما تحذر المرجعية الدينية وتنبه فأنها تعكس الصورة الحقيقية لمشاعر وتوجهات الشارع العراقي.وعندما تنتقد بشدة المتسببين بتأخر تشكيل الحكومة والاستخفاف بمصالح البلد والناس، فهي لاتوجه نقدها ضد طرف معين، ولاتريد ان تعزز موقع ومكانة طرف ما على حساب الطرف الاخر، وانما هي تسعى الى تسمية الاشياء بمسمياتها ووضع النقاط على الحروف، وتثقيف وتوعية الجمهور بما يجري.ومن الخطأ ان توجه سهام النقد للمرجعية الدينية من قبل هذا الكيان السياسي او ذاك، لانها لم تتبنى مواقف مؤيدة وداعمة له، ولانها لم تصدر بيانات المديح والثناء والاطراء له لانه في افضل الاحوال قام بالواجبات التي يفترض به ان يقوم بها على احسن وجه من دون ان يكون متفضلا على احد.وغير خاف على الجميع ان المرجعية الدينية حرصت في كل الاحوال والظروف على ان تبقى على مسافة واحدة من مختلف القوى والمكونات وان تنطلق في مواقفها من المصلحة الوطنية والمسؤولية الشرعية التي يمليها عليها موقعها الديني والابوي في المجتمع، واكثر من ذلك فأنها لم تكن معنية بالرد والدخول صراعات ومهاترات حتى مع الجهات التي اساءت اليها وشهرت بها من دون وجه حق، ارتباطا بقناعة ان موقعها ومكانتها ومسؤوليتها اكبر وارفع واجل من ذلك.وعندما نراجع مسيرة الاعوام الستة المنصرمة سنكتشف حقيقة ان المرجعية الدينية ساهمت في تجنيب البلاد والعباد ازمات ومشاكل وكوارث كبيرة من خلال حكمتها وسلامة نهجها وحسن تقديرها للامور.
https://telegram.me/buratha