احمد عبد الرحمن
سلسلة العمليات الارهابية الاخيرة التي شهدتها مناطق عديدة من العاصمة بغداد، ومحافظ واسط، يمكن لمن يتأمل فيها مليا ان يجد انها تنطوي على رسائل واشارات مقلقة، من حيث طريقة التنفيذ وطبيعة الاستهداف وكذلك التوقيت.ففي الاعظمية والمنصور استهدفت الجماعات الارهابية نقاط التفتيش التابعة لقوات الجيش، بالاسلحة الخفيفة المزودة بكواتم الصوت، ولم يكتف الارهابيون بقتل عدد من منتسبي الجيش وانما قاموا بأحراق جثثهم، وهذا فعل يعكس اضافة الى النزعة الاجرامية والدموية ضعف الاداء المهني والحرفي للقوات العراقية من جانب، وقدرة الجماعات الارهابية على ارتكاب اكثر من فعل اجرامي في وقت واحد.ولاشك انها ليست المرة الاولى التي يقوم الارهابيون بأستهداف نقاط تفتيش، وليست المرة الاولى التي يقدمون فيها على اظهار سلوكياتهم الاجرامية عبر افعال لاتمت الى النزعة والفطرة الانسانية السليمة والسوية بأية صلة، مثل احراق جثث الضحايا او التمثيل بها. فقد حدثت عشرات- او ربما مئات- العمليات الارهابية من هذا القبيل خلال الاعوام الستة او السبعة الماضي لاسيما في فترة تصاعد موجة الارهاب عامي 2005 و 2006 ، بيد ان حدوث مثل تلك العمليات وفي وسط العاصمة بغداد، وبعد حصول تحسن امني يفتخر بعض كبار المسؤولين الحكوميين بتحقيقه ويحاولون دائما تجييره لصالحهم، يحتاج الى وقفة طويلة، لمعرفة اسباب هذه الخروقات الامنية الخطيرة.قبل اسابيع قلائل صرح مسؤولون امنيون وسياسيون بأن الجمود السياسي وتأخر تشكيل الحكومة له تأثيرات سلبية على الاوضاع الامنية، ولاشك ان هذه قراءة صحيحة وواقعية، واليوم حينما نشهد تداعيات امنية خطيرة في بغداد، وعمليات ارهابية في محافظة مثل واسط معروف عنها بأنها من المحافظات المستقرة امنيا، فأنه لابد من التفتيش عن الاسباب والخلفيات، وهذا الامر يقع على عاتق المتصدين لزمام الامور، واذا كانت الاوضاع السياسية المرتبكة والمضطربة هي وراء تراجع الاوضاع الامنية في البلاد، فهذا يعني ان الساسة المتصلبين والمتشددين والساعين وراء مصالحهم الخاصة على حساب مصالح البلد وابنائه يتحملون المسؤولية الكبرى حيال الدماء الطاهرة التي سفكت والارواح البريئة التي ازهقت، خصوصا اذا كانوا في قمة السلطة التنفيذية، وخصوصا اذا كانوا يدعون انهم مازالوا يتمتعون بكامل الصلاحيات.لايعقل ان يصر بعض الساسة على السير في طريق مسدود، غير عابئين بما يجري على الشعب من معاناة على كل الاصعد والمستويات.
https://telegram.me/buratha