احمد عبد الرحمن
اي قيمة تبقى لدستور يفترض انه يمثل المرجعية السياسية والقانونية لكل القوى والكيانات السياسة، والفيصل في حسم الخلافات والنزاعات والاختلافات في وجهات النظر، حينما يتعرض لكل تلك الانتهاكات والخروقات والتجاوزات؟.كيف يمكن لطرف سياسي -او اطراف سياسية-ان تدافع عن الدستور وتمنع الاخرين من التجاوز عليه اذا كانت هي اليوم لم تعد تعيره ادنى اهتمام، وراحت في كل يوم تبحث عن حجج وذرائع ومبررات وتفسيرات واهية وبعيدة كل البعد عن جوهر الدستور وروحه ومضمونه، لا لشيء الا لفرض اجنداتها ومشاريعها الخاصة، وضمان مصالحها الحزبية والفئوية على حساب المصالح الوطنية العامة. وتأجيل جلسة مجلس النواب المفتوحة يوم الثلاثاء الماضي الى اشعار اخر، لم يكن الانتهاك الاول للدستور ، ويبدو انه لن يكون الاخير، وان كنا نتمنى صادقين ان لاتستمر وتتواصل سلسلة الانتهاكات والخروقات، والتأجيل الاخير، اذا كان يعني في جانب منه انتهاكا صارخا اخر للدستور، فأنه يعني ان الازمة السياسية حول تشكيل الحكومة واختيار رئيس مجلس الوزراء المقبل مازالت تلقي بظلالها القاتمة والثقيلة على المشهد السياسي العام في البلاد، وهذا يعني مزيدا من الاحباط والاستياء والتذمر في اوساط الشارع العراقي بمختلف فئاته وشرائحه الاجتماعية، ويعني مزيدا من التدني والسوء في الواقع الخدمي والامني والحياتي.وقد لانذيع سرا ولانأتي بجديد حينما نقول ان كل ذلك يعود الى اصرار بعض الكتل والكيانات والشخصيات على مطاليبها وشروطها، وتشبثها بمواقفها دون النظر الى حقائق الواقع القائم، وتوجهات ومواقف الشركاء السياسيين.فلو كان هناك التزاما حقيقيا بالدستور، ولو كان هناك حرصا حقيقيا على المصالح الوطنية العامة، ولو كان هناك استعدادا حقيقيا للعمل وفق مبدأ الشراكة الوطنية الواسعة وتقديم التنازلات، لما وصلنا الى هذه المرحلة التي لانحسد عليها، والتي لو استمرت تداعياتها وارهاصاتها المزعجة والسيئة فلا نعرف الى اي نتيجة كارثية ستنتهي بنا. ولاشك ان الحلول الناجعة والمخارج المناسبة، هي واضحة الى اقصى الحدود، وهي ليست حلولا سحرية ولاتعجيزية، وما تتطلبه هو نوايا صادقة، ونكران ذات، وشعور وطني خالص ليس الا.والحلول لاتأتي من الخارج، بل هي في متناول اليد.
https://telegram.me/buratha