حيدر القطبي - واشنطن
دمرتنا المركزية قبل حوالي ثلاث سنوات كتبت مقالة بعنوان عمق الحكيم وهشاشة الأخرين تحدثت فيها عن فوائد النظام الفدرالي والغاء مركزية الدولة وتشكيل الأقاليم ومنها أقليم الوسط والجنوب الذي أصر عليه السيد عبد العزيز الحكيم رحمه الله .الفكرة التي أطلقها السيد الحكيم في ذلك الوقت كانت فوق مستوى العقل العراقي العادي حيث فهمها الكثير من العراقيين بأستثناء المتفهين للنظام الفدرالي على أنها فكرة لتقسيم العراق حيث جوبهت هذه الفكرة بحملة إعلامية ضخمة من قبل المستفيدين من النظام المركزي تدعمهم في ذلك الماكنة الإعلامية التابعة للإحتلال الأميركي حيث تم تسويف فكرة الأقاليم وتوطين فكرة المركزية في العقل العراقي وبالتالي سيطرة الحكومة المركزية في بغداد على مقاليد الأمور في كل أرجاء العراق .كان من المفروض وقبل طرح فكرة الأقاليم القيام بحملة توعية كبيرة للشعب العراقي وخاصة في مناطق ومحافظات الوسط والجنوب حتى يتم أدخال الفكرة في العقل العراقي بأستخدام وسائل الإعلام الجيدة والمسؤولة حتى يتم تقبلها وأستيعابها وبعد ذلك يتم المطالبة بها والدفاع عنها من قبل الشعب نفسه .لو أخذنا على سبيل المثال أقليم كردستان العراق والأسباب التي أدت الى نجاح إقامة الأقليم سياسيا ً وأقتصاديا ً نجد أن السبب الرئيسي لنجاح الأقليم هو تقبل الشعب الكردي لهذه الفكرة التي هي في الحقيقة تمثل الحد الأدنى لطموحات شعب كردستان حيث أستطاع قادة الشعب الكردي عبر التاريخ من ترسيخ فكرة كردستان الكبرى في العقلية الكردية حتى أصبحت هذه الفكرة جزء من الهوية الكردية وخاصة في كردستان العراق حيث أستطاع ملا مصطفى البرزاني رحمه الله أن يجعل من كل كردي يعيش على أرض كردستان العراق يحلم بحكم نفسه بنفسه وهذا الحلم تحول الى حقيقة بمجرد أن توفرت الظروف المناسبة له . لقد أراد السيد الحكيم إقامة أقليم الوسط والجنوب من أجل الحفاظ على حقوق شعب الوسط والجنوب وعدم تسليم زمام أموره بيد حكومة مركزية قد تضطهده في المستقبل وتسلبه كرامته مثلما حدث بعد التظاهرة السلمية التي حدثت في البصرة للمطالبة بزيادة ساعات الكهرباء حيث تم قتل أحد المتظاهرين وأعتقال الكثيرين منهم بتهمة الخيانة والعمالة لبلد اجنبي بينما لم يصرح المالكي ولو بكلمة واحدة عندما تظاهر أهالي مدينة حلبجة قبل سنة ونصف تقريبا ً مطالبين الحكومة بزيادة ساعات الكهرباء في مدينتهم على أساس أنهم يعيشون في أقليم كردستان وأن الحكومة المركزية ليست مسؤولة عن توفير الخدمات لهم وأنما حكومة أقليم كردستان هي التي يجب عليها توفير مثل هذه الخدمات لشعبها.الغريب في ذلك هو تعرض الصدريين الذين رفضوا فكرة أقليم الوسط والجنوب وطالبوا بحكومة مركزية وقوية هم أول من تعرضوا الى أضطهاد الحكومة المركزية حيث تم قتل الكثير منهم في عمليات صولة الفرسان في 2008 حتى وصفتهم الحكومة التي طالبوا بها بالخارجين عن القانون وبعدها سميت قائمة المالكي بقائمة دولة القانون لهذا السبب. أقليم الوسط والجنوب يجب أن يطبق ويصبح حقيقة تفرض نفسها على أرض الواقع فكل الدول المتقدمة في العالم تتبع هذا النظام العظيم ( نظام الأقاليم ) مثل أميريكا وسويسرا في الغرب والإمارات العربية المتحدة في الشرق , فكل ولاية في أميركا لها أقتصادها وقوانينها الخاصة بها حيث توفر حكومة الولاية لشعب ولايتها كل وسائل الراحة والتقدم من خلال بناء مدارسها الخاصة بها ومعاملها وطرقها بدون تدخل الحكومة الفدرالية في واشنطن بشؤونها الخاصة بل على العكس تقدم لها المساعدات المالية والقروض لكي تطور اقتصادها وتوفر لشعب تلك الولايات حياة أفضل .أن سيطرة الحكومة المركزية على كل الملفات العراقية وخاصة الخدمية منها سوف يقود العراق الى كارثة حقيقية بدأت تظهر الى العلن بعد أحداث البصرة فكل من يطالب بحقوقه يتهم بالعمالة والخيانة الى دول أجنبية وسوف يكون مصيره الموت حسب القانون العراقي فأهالي مدينة البصرة التي تنتج حوالي 4500 ميكاواط من الكهرباء لاتستطيع أن تحصل على 900 ميكاواط من الكهرباء التي تنتجه من نفطها وغازها ومائها فأي عدالة هذه .لو تم توزيع الكهرباء الذي تنتجه البصرة وباقي محافظات الوسط والجنوب لحصلنا على مايكفينا ويزيد من الطاقة الكهربائية التي تعتبر العمود الفقري لإقتصاد اي دولة وسوف تشتغل المصانع والموانئ وتتوفر فرص عمل كبيرة لنا ونحصل على ما نريد ونتحول الى قوة أقتصادية وسياسية وحتى عسكرية يحسب لها الف حساب ليس على صعيد العراق فقط وأنما على صعيد المنطقة كلها.الحرمان الذي يتعرض له شعب الوسط والجنوب اليوم هو بسبب سيطرة الحكومة المركزية على الملفات الخدمية والقبض على كل العقود التي تبرم مع الشركات الأجنبية ورفض الحكومة المركزية إعطاء أي نوع من الصلاحيات الى مجالس المحافظات لكي يقدموا خدماتهم الى من أنتخبهم من خلال عقد أتفاقيات مباشرة وبعيدة عن سيطرة حكومة بغداد مع الشركات التي تريد ان تستثمر في محافظاتهم وهذا سوف يسهل الإستثمار وتقديم الخدمات فجالس المحافظات أعرف بأحتياجات محافظاتهم من الحكومة المركزية في بغداد . منذ أكثر من 1400 سنة وشعب الوسط والجنوب يدفع الى الحكومة المركزية في بغداد لكي تزداد قوة ولم يحصل منها بالمقابل الا على المقابر الجماعية وغاز الخردل وتجفيف الأهوار والقهر والحرمان والجوع وهذا ما اراد السيد الحكيم رحمه الله أن يوقفه وأن يعيد كرامة شعب أهين وقهر لقرون طويلة .
https://telegram.me/buratha
