دراسات

ثقافة المقاومة...الضرورات ومستلزمات العمل المطلوب ج ـ 4  


رياض البغدادي ||

 

 

لقد كان عدد الكراريس والكتب المتوفرة لدى المجاهدين في العراق ، مثلا ، ابان الثمانينات محدودا ، ولا نبالغ في قولنا ان المؤمنين كانوا يحرصون على هذه الكراريس حرصهم على حياتهم ،ولانها كانت قليلة ، ولان عملهم ونشاطهم كان واسعا قياسا الى ما تتطلبه المرحلة وقياسا إلى عددهم و مهماتهم المطلوبة كانوا يضطرون الى حفظ كثير من هذه الكراريس على ظهور قلوبهم، لكي يستطيعوا ان يتصلوا بالجماهير ويكسبوها لصفوف الحركات المقاومة بمأمن من عيون السلطة المعادية ، ولا بأس أن نشير الى كراس كان مشهورا في تلك المرحلة وهو كراس ( الاسلام يقود الحياة ) كان الكثير من المجاهدين يحفظون مقاطع طويلة من هذا الكراس وكانوا يثقفون عليه عن ظهر قلب ، كما كان المجاهدون يبتكرون الوسائل لكي يخفوا كتب ونشرات احزابهم الاسلامية وادبياتها بمأمن ومنأى عن عيون السلطة المجرمة في اشد حالات هجماتها القاسية ، ولكي يحولوا دون تلف تلك الأدبيات و تلك الكتب ، و كان الكثير من المجاهدين يضطرون إلى اتلاف بعض الكتب او بعض الكراريس ، وكانوا يحتفظون بالبعض منها ، رغم انهم كانوا يعرفون أن ذلك قد يعرضهم الى عقوبات لم يكن مداها معروفا ، ولكنها كانت قاسية جدا وقد تصل في اكثر الاحيان الى الاعدام...

    الان نجد ان اخواننا المؤمنين لا يجدون من يتحداهم لكي يحرصوا على قراءة ادبيات المقاومة و كتبها ، ولا نقول على اقتنائها ، لانها مهما تفاوتت درجة توفرها كثرة او قلة ، لا تثير لديهم كبير اهتمام فهي موجودة في الانترنت وهي تعطى اليهم بشكل دائم وقت ما يطلبون ، وقد نبالغ اذا قلنا ان الكثير من الاخوة المجاهدين يخجلون من اقتنائها وكأنهم يرتكبون فعلاً منكراً ، لماذا هذه الظاهرة ، اذن ، اضافة الى ما اسلفنا ، وما أسميناه بالمسألة النفسية ؟ كيف تعالج ؟ وهل من حاجة الى تأكيد الضرورات المبدئية والعملية للفكر والثقافة الدينية والجهادية لاية حركة اسلامية وقد أشرنا الى ذلك في بداية حديثنا ؟ وما هي مستلزمات سبل المعالجة لا نقول لخلق ثقافة جهادية وانما لترسيخ وتعميق هذه الثقافة وتوظيفها لصالح جبهة المقاومة ، منطلقة من موقع قانونية عملها في العراق ؟

نستطيع أن نُجمل دوافع هذه الظاهرة عبر جملة أمور ، لا ندعي انها هي كل شيء ، الا ان موضوعا من هذا النوع لا يحتمل تفصيلات كثيرة :

اولا ـ العدد الكبير والغفير من المجاهدين الذين لم يستطيعوا أن يدركوا أهمية الثقافة والوعي الجهادي ، ازاء حالة واقعية موجودة امامهم ، وهي حالة اللا تحدي كما يتصورون .

ثانيا ۔ ان بعض دوافع الانتماء اصلا الى المقاومة بعد دخول داعش ودونما محاولة لاتهام احد ، او اطلاق صفات سلبية على المنتمين الجدد ، هي ليست ذات الدوافع التي كانت ، او التي ساهمت في زج المجاهدين السابقين الى جبهة المقاومة ، لسنا بالتأكيد مع النظرة المنغلقة التي تبقى على كيانية جامدة ، محكوم عليها بالموت ، ولكننا لا بد أن نشير الى ان الدماء الجديدة المطلوبة ينبغي أن تكون دماء ( متعوب عليها ) ، او متعوب على اختيارها - اذا جاز التعبير- كي تستطيع ان تكون اسهاما حقيقيا ، واضافة فعلية ، لكى تستمر روح المقاومة والجهاد واذا كان انتماء الجدد لبعض الدوافع التي لا تنبع جميعها من القناعات الكاملة بمنهج المقاومة والجهاد ومنطلقاتها الفكرية والمبدئية ، وهذا طبيعي في الانتماء لاية حركة ثورية في البدايات ، فان ذلك يمكن أن يكون مع اي حزب ، وفي مرحلة العمل السري ، الا أن الفرق وهو جوهري ، ان المعارك الاقتحامية - ابان العمل السري - اكثر قدرة على صهر المجاهدين وابقاء العناصر ذات الصلة الحية بالمقاومة والمقتدرة ، وافراز العناصر المتهافتة والمترددة خارجه ، أما في فترة العمل العلني فان المقاييس ينبغي أن تكون مختلفة ، وينبغي أن تكون التحديات الجديدة هي ليست التحديات السابقة ذاتها ، لانها غير موجودة أصلا .

(يتبع)

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك