التقارير

روسيا لن تجتاح أوكرانيا إلَّا إذا إجتاحت أوكرانيا لوغانسك ودانيتسك


 

د. إسماعيل النجار ||

 

أمريكا تَتَطَفَّل على روسيا، والأخيرة تلعب على أرضها بحِرَفِيَة وجدارة،

وما تفعله أمريكا، مع دوَل أخرى في العالم، لَن تستطيع فعله مع روسيا،

وإنَّ إتِّباع واشنطن لسياسة الأخذ منك ومساومتك،على أكثر من نصف ما تبقىَ لديك، أمر لا تنطبق مفاعيله على الدب الروسي، ولا يُؤكَل معهُ ولا يؤتَي أُكُلَهُ.

فعندما اقتربَت واشنطن من الخطوط  الحُمر في أوكرانيا، عبر حلف شمال الأطلسي،اختلفت الأمور كثيراً، وأصبحَت اللُعبَة أخطر بكثير من الأخذ والمساومة، لطالما أن الأوضاع تخطَت المعقول لدى موسكو، وأصبحت بعُرفها تُشَكِلُ تُهديداً للأمن القومي  والإستراتيجي للدولة الشرقية العُظمَى.

في الماضي حاولت جورجيا اللعب بالنار مع روسيا، فأدخلت الأمريكيين، وحاولت بناء قواعد عسكرية مشتركة بينها وبينهم على أراضيها؛ وعندما تغاضوا عن التحذير الروسي كان الرد فورياً وسريعا وحاسماً، بإقلاع خمسين طائرة روسية نحو القواعد التي حُفِرَت أساساتها من أجل بناء القواعد،وحوّلتها الصواريخ إلى رُكام، قبل أن تصل إلى وجه الأرض.

وانفصلت بعد ذلك أوسيتيا وأبخازيا عن الدولة الجورجية،واعترفت موسكو بِاستقلالهما، ووضعتهما تحت الحماية الروسية.

اليوم، تشهد أوكرانيا صراعاً كبيراً مع روسيا، بسبب احتلال الروس لشبه جزيرة القُرم وضمها إليها، وخيَّرَت السكان الأوكرانيين بين البقاءوالرحيل، فرحَلَ مَن رحَل وبقيَ مَن بقي، من دون أن يستطيع العالم أن يُحَرِّكَ ساكناً، لا بل وقف عاجزاً أمام إصرار الدب الروسي العنيد على خطوتهِ.

أصَرَّت أوكرانيا على السير بِاتِّباع سياسة العداء لموسكو، بتوجيهات من واشنطن فانسلخت مقاطعتان أوكرانيتان جديدتان عنها، همآ : لوغانسك ودانيتسك، وعندما حاولت الحكومة الأوكرانية اجتياحهما، تدخلت روسيا بجيشها وصَدَّت الهجوم الأوكراني بقوة، ثم هدأت الأمور، بعد توقيع اتفاق مينيسك.

اليوم بعد شتداد الأزمة بين كْيِيڤ وموسكو، قامت الأخيرة بحشد قُرابَة المئَة ألف جندي مع الآف الدبابات وقطع المدفعية على الحدود الأوكرانية الروسية، كتهديد بِاجتياحها،

الأمر الذي حَرَّك واشنطن وبريطانيا ومعهما أوروبا، فقضى مخططهم بضَم أوكرانيا إلى حلف الناتو، لحمايتها من الِاجتياح الروسي،واقتربت قوات أمريكية وبريطانية إلى أراضي بولونيا وبعض دوَل أوروبا الشرقية سابقاً،

هذا الأمر، أثار غضب موسكو وزاد من إصرارها،وأُعطيَت الأوامر بِاستنفار القوة النووية الروسية المقاتلة،وبنشر أسلحة إستراتيجية غير تقليدية،على مقربة من حدود البلدين،الأمر الذي بدأ ينذر بحربٍ نووية.

واشنطن أصبحت في حيرة من أمرها، بعدما لمست جِدِّيَّةً روسية بِاجتياح أوكرانيا،وجهوزية قتالية حتى مع أمريكا نفسها،واعتبرت أن هذا الأمر،إن حصل، بعد ضم اوكرانيا لحلف شمال الأطلسي، فإنّه يعني أنَّ أمريكا ستصبحُ مضطرة لحمايتها، وسيقع الصدام الروسي الأميركي المباشر؟ مِمّا يعني نشوب حرب عالمية ثالثة، قد تُنهي العالم وتُفني البشريَة.

لذلك،قررت واشنطن عدم ضَم اوكرانيا للحلف، وأبلغت الأمر لدوَل الإتحاد الاوروبي، بشكلٍ حاسم ونهائي، وعلى أثر ذلك، جَرَت اتصالات أميركية روسية رفيعة المستوَىَ، انتهت بلقاء وزيرَي خارجية البلدين،وتمَ الإتفاق حول ترتيب وتنظيم الخلافات،وتخفيف حدة التوتر، وأُبلِغَت موسكو أن الناتو لن يقبل عضوية أوكرانيا، وأن الجيوش التي تمركزت في بولندا سيتم سحبها، في أسرع وقت ممكن.

لكنَّ موسكو أبقَت على حشودها وإستنفار أسلحتها الإستراتيجية، لحين إطمئنانها بأن كييڤ لن ترتكب أي حماقة، ضد إقليمَي لوغانسك ودانيتسك المنفصلَين عنها،

وأنه، في حال حاولت الحكومة الأوكرانية أن تُقدِم على هكذا فعل،فإن الدب الروسي سيتدخل بنفسه، من أجل حماية الإقليمين، وسيعترف بِاستقلالهما، كورقة أخيرة، ويضعهما تحت الحماية الروسية، كما فعل في أوسيتيا وأبخازيا.

إذاً، حظوظ الِاجتياح الروسي لأوكرانيا تراجعت،والمسيطر الوحيد على الأجواء اليوم، هوَ الحَذَر الروسي من الغدر الأميركي، الذي اعتادت عليه موسكو، في الكثير من بلدان العالم.

القيادة الروسية تعرف أن واشنطن سترُد على موسكو، في مكانٍ آخر من العالم بعيداً عن حدودها، لكي لا تثير غضبها، وتتسبب بحرب نووية بين البلدين، ربما سيكون الرد في سوريا أو ليبيا، التي تتدخل روسيا فيهما بشكلٍ مباشر.

لكن، وفي كل الأحوال، فإنّ الطرفين اتفقا على أن ينظِّما خلافاتها، وأن يكون الخط الأحمر الساخن مفتوحاً بين القيادتين العسكريتين الروسية والأميركية،بعد إقفاله إبّان حَقَبة ترامب،

كما اتفقا على ستكمال الدور الروسي، فيما يخص ملف مفاوضات ڤيينا النووية مع إيران، لإحراز تقدم أكبر، وكسب الوقت وتبريد المنطقة.

 

بيروت في.....

               25/1/2022

ــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك