المقالات

التقييمات وتراجع التعليم! ..


ا.د. جهاد كاظم العكيلي ||

 

كل الإجراءات التي تعمل على إصلاح واقع التعليم لازالت مُربكة ومتلكئة إن لم نقل أنها خاطئة، وهذا ما تسبَّب بهزالة الواقع التعليمي وتدمير أسسه الراسخة ومرتكزاته التي كانت لها دورا  كبيرا ومهما في الحفاظ على هيبة التعليم ومكانته بين الأمم ..

إن الخوض في إصلاح واقع التعليم وتحديد مُسببات التعطيل والتلكوء لبلوغ الرصانة العلمية كان ولا يزال موضوعا شائكا ومعقدا بسبب تداخل الرؤى وتعدد وجهات النظر حيال ذلك، لكننا سنتطرق هنا إلى أهم المُرتكزات الناجعة التي يُمكن من خلالها إرساء قواعد التعليم المُعتبر لبناء هرم العملية التعليمية المُعتمدة التي يقف في مُقدمتها مدى قدرة الأستاذ العِلمية وتراكم خبرته وهو يُمارس دوره كمتخصص على الصعيد الميداني، غير أن واقع الحال، للأسف، يؤشر لنا بوضوح أن هذا المُرتكز التخصصي قد تصدَّع منذ زمن طويل، حين تم الإستخفاف بمرتكز التقييم العِلمي من خلال وضع الشخص غير المناسب في المكان المناسب، وهذا ما حدث فعلا سواء أكان  في مجال منح الشهاددات العُليا في عملية الإشراف، او تقييمات البحوث لأغراض الترقية العلمية، او تقييم أداء عمل الكليات ووظيفتها العلمية، والحقيقة هنا فإن لكل موضوع  تفاصيله التي تنطبق على كلية دون أخرى او على أستاذ دون غيره بحسب الإختصاص والعمل الذي هو فيه، ما أدى إلى فقدان أصحاب الموهبة والخبرة والكفاءة مكانتهم..

وبحكم مُعاصرتنا وخبرتنا في العمل الأكاديمي لسنوات طوال، لمسنا عن قرب الكثير من هذه الإشكاليات التي صارت تكبر وتتضخم في مجال التعليم العِلمي وبصورة واضحة للعيان، وفي هذا السياق أقول أن الجامعة هي من تتحمل بالدرجة الأولى، ومن ثم الوزارة، كونهما هُما من يضعان الخطط والبرامج التعليمية، ومن ثم يأتي دور الكلية مُتمثلة بعمادتها ومجلسها اللذان يُشكلان حلقة الوصل المُهمة لتسيير عجلة التعليم بالإتجاه الصحيح، مع ملاحظة أن الإفساد او التماهي في هذا الترابط وعدم تجاوزه ستكون الواقعة كبيرة على مستوى التعليم بشكل عام، ذلك أن الكلية تُعد بمثابة المصنع التي يتخرج فيه عشرات الطلبة سنويا إلى سوق العمل، فإذا كانت هذه الكلية تجري على وفق عمل عشوائي خارج النطاق العلمي في التقييم والأداء، وإعتماد التدرج السريع ومنح الألقاب العِلمية بطرق مثيرة للشك والريبة من خلال توافقات في التقييم تحوم حولها شُبهات الفساد سواء أكانت في داخل الكليات العراقية او كليات خارج البلاد، وهي تتمحور حول التهيئة المُسبقة للمُقيمين بالأتفاق والتنسيق على ذلك، وكذلك إعتماد مرض "سكوباس" الذي سَّهل للكثير ترجمة بحوث طلبتهم او بحوث آخرين مُقابل مبالغ مالية للحصول على الترقية ..

ولطالما تجد شُبهات هذا النوع من الترقية تحوم بين أوساط الدراسات الإنسانية التي هي الأكثر شيوعا وإنتشارا بالنسبة للختصاصات الأخرى، ويمكن مُلاحظة ورصد هذا المؤشر أثناء أداء المدرس لمحاضرته، وهو يفتقد الكثير من الدور العِلمي المُتميز فضلا عن ذلك فإن عملية إعداد الطلبة في الإشراف والمناقشات للحصول على شهادة الماجستير والدكتوراة مصحوبة بالتراخي من خلال عدم إختيار الأساتذة الأكفاء لمناقشة الطلبة بكفاءة ومهنية عاليتين، وعلى العكس من ذلك يتم إختيار أساتذة بناءاً على رغبة الطلبة او رغبة العميد او رغبة رئيس القسم لتقريب أشخاص وفقا لذلك، وإضفاء عليهم صفة العِلمية بِحُكم العلاقات الشخصية وتلك طامة كُبرى والطامة الأكبر حين وصل الأمر بإختيار أناس لا يحملون اللقب العِلمي بل لم يمارسوا مهنة تدريس طلبة الدراسات العليا أصلا، ولطالما نجد هؤلاء يقومون بالدور العِلمي في تقييم شهادة الدكتوراة والمجاستير، وهذا ما يجري وفقا لمصالح وتبادل المنافع الخاصة خارج سياق المُرتكز العِلمي .. 

اما بخصوص تقييم الأداء السنوي، فهو الآخر يُعاني أيضا من سوء وقصور في النظرة الإدارية والعِلمية معا خصوصا عندما يكون رئيس القسم او العميد هو ناتج عن تقييمات غير منطقية وعِلمية للوصول إلى هذا الموقع او نيل اللقب العِلمي، ففي الوقت الذي يُفترض بالعميد أن يُشكل مفصلا ومقودا مُهما في هذا الجانب،  نلاحظ في سيرته العِلمية الكثير من الملاحظات التي لا تُساعده في أن يحتل هذه المكانة من خلال الإبقاء عليه لمُدد أكثر من المُدة القانونية المقررة رسميا بإدارة الكلية وتدويره بمواقع مُختلفة من دون أن نجد شيء حقيقي يؤشر له تحقيق إنجازات معرفية او علمية ..

إن هذه المؤشرا ت وغيرها الكثير، ساعدت وأوقفت حركة التعليم نحو الأمام إن لم نقل أنها تسببت في تعطيل مفاصل التعليم الحيوية ، وشوهت صورة الجامعة او الكلية في أذهان الجمهور الداخلي للعملية التعلمية، وكذلك الكثير من المؤسسات التعليمية  العريية  والدولية ..

وللحديث عن التقييمات وتراجع التعليم ..

 

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك