المقالات

جلد الذات عمل ضروري لا يقوم به إلا الشرفاء..!

1258 2021-10-21

 

عمار الجادر ||

 

يحتاج الإنسان أحيانا لانتقاد نفسه بشدة، وقد يصل ذلك إلى حد التعنيف مع ذاته، والسبب هو الشعور بالتقصير المفرط، وعدم إنجاز ما مطلوب منه، ومحاسبة النفس أمر ايجابي دائما، يأتي بنتائج جيدة إذا ما تعودنا عليه، وخططنا له مسبقا بشكل مستمر.

خلال فترة الصبا، رأيت في أحد الأيام حمارا، يجر عربه تعتليها كومة من أكياس الطحين، ودماءه تسيل على فخديه، والحبل المحيط بهما تحت ذيله، يزيد من جريان دمه، ليزيد من آلامه ومصاعبه، بينما يفاجئه سائقه، بجلده على جراحة بين الفينة والأخرى.

رق قلبي لحال الحمار، فطلبت من صاحبه أن يتوقف، وجئت له بدواة وشاش حتى أضمد جراحه، فحملق بي الرجل مستغرباً، ثم وافق على طلبي، ولما إنتهيت من تضميد جراح الحمار، قال لي الرجل، "لا تتعب نفسك سوف تستمر الجراح".

فقلت له :"لماذا يا رجل؟ أرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" فضحك مقهقهاً وقال: "بعض الناس لا ينفع معهم إلا الجلد والسلخ المستمر، حتى يؤدوا أعمالهم بشكل مقبول".

هذا الرجل لم يكن منصفاً مع الحمار، لكنه لم يتوصل لطريقة أخرى يتعامل بها مع حماره، فلو طبقنا تلك الطريقة على أنفسنا، بدلا من الحمار، لقلت خطايانا بشكل كبير، لأننا سننجز ماعلينا بكفاءة عالية وفعالية كبيرة.

فمحاسبة النفس الأمارة بالسوء، أولى من محاسبة الغير، وفي جلد الذات فائدة أعظم من جلد الآخرين، وسلخ الكبرياء ومجابهة الأهواء، يزيد من تقديرنا لذاتنا، واحترام الآخرين لنا.

إن ما حصل لبلدنا خلال السنوات الماضية من كوارث ومصائب وأزمات، هو نتيجة لعدم محاسبة المسؤول نفسه، وإطلاق العنان لها في توجيه الانتقاد المستمر للآخرين، ومحاولة تسقيطهم والانتقاص منهم دائما، ولأسباب سياسية واضحة، مما أدى إلى توليد العداوات وعدم التجانس معهم، وخلق جو سياسي مرعب.

المسؤولون والسياسيون وأحزابهم وبرامجهم؛ بحاجة إلى مراجعة دائمة ومستمرة، والتهذيب المستمر للأفعال والأقوال معا، وتقبل الآخر، وبناء جسور الثقة واستمرارية إدامة الصلة، وعليهم أيضا تحديد الطرق الناقدة للذات، وتقبل النقد بإيجابية.

جلد الذات عمل كبير وعظيم، لا يقوم به "الصغار"عادة، وهو متعب ومرهق للجسد، لكنه مروض للنفس، وصاقل الشخصية، وكما قال المتنبي "إذا كانت النفوس كبارا - تعبت في مرادها الأجسام".

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك