المقالات

رحم الله امرءا عرف قدر نفسه


 

مالك العظماوي ||

                          

في أغلب الأحيان تتعالى النفس الأمارة بالسوء (إلا ما رحم ربي) على صاحبها وتجعله يعيش بالأوهام، كالذي يرى السراب ويطارده ويحث الخطى للوصول إليه (ويحسبه الظمآن ماءً)، فتارة من دون وعي وأخرى عن وعي وعمد.

وخلال الحقبة التي أعقبت التغيير وسقوط الديكتاتور وولادة العراق الجديد، الذي كنا نأمل بالذين أتوا خيراً، فبرزت على الساحة كثير من الأحزاب والتيارات السياسية.

والأحزاب حق مشروع للجميع، لا كما ذهب البعض بإلغاء الأحزاب في البلاد، والصحيح أنك حينما تريد إلغاء حزب أو جهة سياسية، فلا يمكن إلغاؤها بالعنف، بل ببرنامج سياسي يفوق ما عليه تلك الأحزاب، وبالتالي فهي تُقصى بدون اي عنف وهذا ما إنتبه له الشباب التشرينيون وأسسوا أحزاباً وحركات تنافس الأحزاب الكلاسيكية التي فقدت ثقة جمهورها في البلاد، بعدما كانوا ينادون بإلغائها.

وما لفت إنتباه المتابعين والمحللين السياسيين هو سعي كل حزب وتيار وحركة بمكاسب ذاتية له ولجمهوره - وهذ حق مشروع وفق الأعراف الحزبية والكتلوية - مهما إدعى بأنه للجميع أو إنه رجل دين أو أنه وطني أو غير ذلك من المسميات، ماعدا رجل واحد، إذ لم يدعي أنه سياسيٌ ولم يشارك في الحكومات، ولكنه أنقذ العملية السياسية من الإنهيار، ودعا إلى المحافظة على حقوق الإنسان على إختلاف مسمياتهم، ولم تكن لديه فئة أو شريحة خاصة به مهما تقوَّل المتقولون، وأقصد به آية الله السيستاني، وجميع من سواه فهم منحازون إلى أتباعهم بالخطاب والتسمية والاستحواذ على المغانم الشخصية والمكاسب الحزبية.

لكن الذي يختلف في الأمر هو الحزب الشيوعي، فهو ذو أتباع قليلين ومحدودين، وقادته يعلمون ذلك، كونه أصبح جُبَّاً نضب ماؤه، وليس لديه ما يقنع الآخرين سوى نقد الشركاء والتقليل من شأنهم. فمنذ أول إنتخابات جرت في البلاد وهو لم يحصل على مقعد قط، وقادته يعلمون أسباب ذلك ورحم الله مرءاً عرف قدر نفسه. فلم يرَ الناخب العراقي من الشيوعيين سوى تأريخهم الذي تسبب بمقتل كثير من الأبرياء في حينها، ولكن الملفت في الأمر، أنهم عملوا - وبذكاء - حينما تحالفوا مع الصدريين وحصدوا مقعدين في البرلمان، وتباهى قادة الحزب بهذا الإنتصار السياسي، لكنهم - وبقرارة أنفسهم - لا ينسبون هذا الفوز لهم، بل يعلمون جيدا هو من نتاج تحالفهم مع الصدر.

ومع الإعلان عن موعد الإنتخابات القادمة، بدأت حيرة الشيوعيين الذين انسحبوا عن حليفهم الصدر بعد حين، فهل يعودوا للصدر ثانية - إذا قبلهم - أم يعيدوا الكرّة بفشلهم ثانية فيما لو فكروا دخول الإنتخابات بمفردهم؟ وأثناء هذه الحيرة، أعلن الصدر عن إنسحابه من الإنتخابات، فوجدها الشيوعيون بمثابة الفرصة التي تخلصهم من مأزقهم، وسرعان ما أعلنوا إنسحابهم من الإنتخابات، وردد العراقيون ومعهم المتابعون السياسيون: (رحم الله إمرَأً عرف قدر نفسه)! ولكن سرعان ما عاد الصدر للإنتخابات، وبقيَ الشيوعيون على موقفهم لأن يعرفون أن العودة لا تخدمهم كما تخدم الآخرين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك