المقالات

الرياضة والفن والوطنية..!

1359 2021-09-08

 

د.أمل الأسدي ||

 

للرياضة والفن أهمية كبيرة؛لأنهما الباب المفتوح لتقارب الشعوب واجتماعها،فهما يقومان بتذويب كل ما صنعته السياسة وما أفرزته المصالح الشخصية والمنافع الحزبية،ويهدمان صور الفرقة والتشتت بين الناس،وهما علی ذلك وسيلة من وسائل مواجهة التعصب والعنصرية ورفض الآخر،فمهما اختلفت سياسات الدول، ومهما فعلت الماكنة الشيطانية،تبقی الرياضة ويبقی الفن وسيلةً للألفة والمحبة والتقارب إذا ما تم  توجيههما بالشكل السليم،وإذا ما تجردا من الأمراض الاجتماعية التي خلقتها هذه الماكنة واستخدمت أدواتها  لتطبيقها!

وفي العراق الشعب الذي يحب كرة القدم ويصطف الكبار والصغار من أجل مشاهدة المباراة،كانت الرياضة في زمن البـعـ.ث حملا ثقيلا علی اللاعبين والمدربين قبل الجماهير،ولايخفی علی أحد كيف كانت اللجنة الاولمبية بقيادة عدي تمارس الإرهـ.اب النفسي والجسدي علی اللاعبين والمدربين،ولا أود هنا الخوض في هذه المسألة وتفصيلاتها فهناك تقارير كثيرة ووثائق موجودة في مواقع  إلكترونيةكثيرة  لكل من  يرغب الاطلاع عليها،إنما أريد التحدث عن أسلوب البعـ.ث ونسق تفكيره الذي تم إحياؤه  هذه الآونة،فقد شهدنا أجمل انجازات المنتخب العراقي في عام 2007 حين كنّا تحت نيران الطائـ.فية والإرهـ.اب،كان المنتخبُ بلسما لجراحنا،فرحنا لأجله وبكينا وصلينا،ولم يبدر من الجمهور أي سوء أو تحريض ضد أي منتخب آخر حتی مع المنتخب السـ.عودي الذي بطشت دولته بنا بالمفخـخـ.ات والانتحاريين!!

ولم تبدر من الجمهور أية إساءة تجاه المنتخبات التي  نادی جمهورها في الملعب ضد العراق،فسبوا العراق وسبوا الشيـ.عة،وأظهروا تعاملهم الطائفي تجاه العراق ومع ذلك لم يبدر من الجمهور العراقي أي ردة فعل!!

لكنّ الذي حدث ومنذ المظاهرات الأخيرة هو اغتيال مفهوم الرياضة وتحويلها الی حرب طائـ.فية قومـ.ية جاهلية،وهو نسق متوارث من أيام الفرق الحزبية والخفارات والتهجير والتسفير،فحولوا المباريات مع إيران إلی  قضية سيادة وموت وحياة وانتصار وإثبات وجود  إلی آخره من خزعبلات البـعـ.ث الصهيـ.ونية،وباتت  الأصوات الصـ.دامية تستغل عقول الشبان والشابات والفتية وتوظف إعلامـ.ها القذر في تحقيق أهدافهم، وهي جعل الشيـ.عي يحارب الشيـ.عي حتی لا تقوم لهذا المكون قائمة، ويبقی مواطنا من الدرجة الثانية كما يحلمون ويخططون !!

والغريب أنك تری هذه الأفواه المريضة تجعل من مباراة كرة قدم ميزانا للوطنية  وتصنف الناس علی أساسها!!!

ماذا تعرفون أنتم عن الوطنية؟ وماهذا الفقر الإنساني والمعرفي الذي تعيشون فيه؟

نحن نحب العراق ونذوب في ترابه ونخيله،ونشجع منتخبنا،ونرفع أيدينا  بالدعاء له،ونصفق له ونبارك،وكل هذا من غير نسق التفكير البـعثـ.ي والأوهام الحزبية،والأمراض الطائـ.فية،ومن غير أن نتقيأ سموما ونحول كرة القدم من طقس للمتعة والفرح إلی غصة وتزييف وتمجيد لطاغـ.يـة أذله اللهُ إذ حبس نفسه في حفرة!!

ـ  فالوطنيون هم الذين كانوا يسمعون أنين الهور المجفف،ويشعرون بغربةالبرهان وهو يبحث عن موطن آخر،ويمضغون معاناة القصب المشرد!!

ـ الوطني هو الذي كان يتحمل رؤية ابنه وهو يفارق الحياة  أمامه بحجة الفرار من الخدمة العسكرية ويبقی مع ذلك صابرا محتسبا!!

ـ الوطني هو ذلك الرجل الذي ينتظر حر الظهيرة ليجمع صور العوائل والأطفال الذين تم تسفيرهم والاستيلاء علی ممتلكاتهم ونقلها للفرق الحزبية لاقتسامها،يجمع الصور ويعود لبيته خفية يبكي علی ويلاتنا!!

ـ الوطني هو الذي تحمل  الهم وتحمل المراقبة وحرمان الحقوق،وهو يسلي نفسه بصوت الوائلي الذي يُبث من إيران،يسلي نفسه منتظرا الفرج!!

ـ الوطني هو ذلك الفقير المحروم  رغم غناه،يفتح جناحيه ليحمي أولاده، ويعلق مفرشا قديما علی  شباكهم ليخف لهيب الظهيرة ورطوبة المبردة،ومع ذلك يشكر الله وينتظر الفرج!!

ـ الوطني الذي يعشق وجوه الفقراء ويقدس تجاعيد وجوههم،ويبحر في (دگة) العجائز وهي تنث صبرا وأنينا!!

ـ الوطني هو من بكی علی صوت (والله ياطير الحمام الي مسافر) وهو يتمنی أن يجتمع بأهله وأحبته من غير سجون وملاحقة!!

ـ الوطني هو ذلك القلب الفاقد الي يفترش الأرض ويبكي  مع(عزاز والله عزاز) يبكي علی ابنه المعدوم من غير ذنب!!

ـ الوطني هو الذي ثبت وقاوم ولم يبع شرفه رغم كل الآلام والمآسي والملاحقة!!

ـ الوطني الذي رافق (وحش الطاوة) الباذنجان ولم يمد يده إلی الحرام،رغم أن صـ.دام كان يطعم الغزلان (الهيل)كي يستلذ بطعمها!!

ـ الوطني هو ذلك الفقير الذي يقصد السوق صباحا ليشتري(صمون الجيش) ويغص به مع كل لقمة،فهو لايصلح أن يكون علفا للدواب!!

ـ الوطني هو الذي يعشق رائحة التربة المبللة عصرا

ـ الوطني هو الذي يشعر بحيرة ذلك الرجل الفقير الذي يحمل الفحم صيفا وشتاء، ويتجول صباحا علی المحال التجارية واضعا الحرمل  فوقه،داعيا لهم بالرزق والستر،محاولا بذلك توفير مايسد رمقه!!

ـ الوطني هو من بقي ينادي ياحسين... يازينب

رغم قطـ.ع الألسن والآذان!!

ـ الوطني ذلك الرجل الكبير الذي يجلس خفية لينظم أشرطة  الكاسيت الحسينية،ويحضرها مع حلول محرم!!

ـ الوطني هو ذلك الأب الذي اصفر وجهه حين أوقفتهم السيطرة،ولم  تسعفه دعواته في الحفاظ علی ابنه الشاب،فتهمته عظيمة وهي التوجه إلی كربلاء!!

ـ الوطني هو الذي ثار وانتفض وقال: لا للطغاة،وقدم نفسه وأهله أرغفة حسينية،احتضنتها المقابر الجماعية البعثـ.ية!!

ـ الوطني هو الذي عصب رأسه وقال: العراق أرضي ولن أسمح للدخلاء التكفيـ.رين أن يدنسوها!!

ـ الوطني هو الذي داس علی جراحه وآمن بمبدأ الشراكة الوطنية والعملية السياسية، فاستحوذ  ـ بعد ذلك ـ السياسيون علی خيراته وحرموه منها،وجادوا بها علی غيره،ومع ذلك مازال ينادي بوحدة العراق!

ماذا تعرفون أنتم عن الوطنية؟ ماذا تعرفون عن سوالف أهلنا ولمتهم وحكايات الدرابين؟

ماذا تعرفون عن  أهل الشعر والكرم؟

الوطنية انتماءٌ بالفعل،وليس بالشعارات!! يوم انحنی ظهر الوطن فررتم وتخاذلتم وبقي الوطنيون يدافعون عن الأرض والعرض والنخيل،يدافعون عن دجلة والفرات،يدافعون عن الملوية والحدباء،يدافعون عن القباب والأضرحة!!

هذه الوطنية وليست سمومكم وأحقادكم!!

إن من يساند نسق التفكير البعـ.ثي سواء كان مسؤولا أم لاعبا أم مؤسسة أم أفرادا، يعد  محرضا طائـ.فيا،يريد للعراق أن يعود وحشيا أعرابيا دمـ.ويا أمويـ.ا، فالرياضة ميدان للمتعة والتقارب وليست ميدانا للحروب التي تحلمون بها!!

فكفوا ألسنتكم وأقفوا الحملة التي تشنونها علی المنتخب الآن،وتستغلونها في الترويج للمقبور والدعوة إلی سياسته ضد اللاعبين!!

فما قمتم به من حملة إعلامية بعثـ.ية،جعلت  المنتخب يعيش تحت ضغوط نفسية رهيبة،وكأنه مقبل علی حرب،وكأنه فصيل عسكري وجب عليه خوض معركة حاسمة!!

واعلموا أن اللاعبين في فترة الثمانينات والتسعينات قد عانوا من معسكرات الضبط الصـ.دامي،فلكل لاعب حكاية مع المقبور عدي مازالت راسخة في ذهنه!!

فكفوا أيديكم وأوقفوا هذا الضغط والنشر المسموم!!

وإن كان الموضوع يحتاج الی معالجة، فهي معالجة فنية،وليست معالجة بعـ.ثية!!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك