المقالات

عن محنة المثقف العربي


 

د. حسين القاصد ||

 

لم تكن أزمة الثقافة ولا أزمة التـثاقف جديدتين على المجتمع العربي الذي مازال يئن تحت سياط النقص المسلطة عليه ، فبين مكفرٍ وحاسد ، يراد للمثقف أن يسكت ، وان يتم ترويضه.

 يقول العلامة الدكتور محمد حسين الأعرجي:  إن الأزمة ليست من بنات اليوم، وأنا أعني ما أقول، لأنـني رأيت التاريخ العربي الإسلاميّ يحدثـنا عن محنة ابن حنبل، وعن محاكمة ابن الشلمغاني، وابن أبي العزاقر، وابن أبي عون الكاتب، والحلاج، وسواهم من مئات المثـقـفيـن.

إذن، الأزمة ليست جديدة. ولكنْ يلفت النظر في هذه الأزمة العربية المُستحكِمة أنها أنجبت - رغم هذه المِحن - مثـقـفيـن كانوا كبارًا في أيامهم وظلوا كما هم كبارًا إلى يوم الناس هذا من مثل: الخليل بن أحمد، وابن الأعرابي، وأبي حاتم السجستاني، والكندي، والجاحظ، وأبي حيّان التوحيدي، والفارابي، والمتـنبّي، وابن سينا، وابن رشد، وسواهم من المئات. وقلتُ: إن الأمر يلفت النظر لأننا لم نسمع ولم نقرأ أن حَاسَبَ أحد المتـنبي يوم هجا الممالك العربية، والأعجمية جميعـًا دون استثناءٍ في قوله:

وإنما الناسُ بالملوك ولا       تـُفلِحُ عُربٌ ملوكها عجَمُ

ولم نسمع أن حَاكمَ أحد أبا نواس على مجونِه، أو على قوله:

فما أنا بالمشغوفِ ضربةَ لازبٍ     ولا كلُّ سلطانٍ عليَّ أميرُ

لم نسمع هذا، ولم نقرأه، ولو كان المتـنبي أو أبو نواس ق ٨الا قولهما هذا في أيّامنا لاتـُّهما - دون أدنى شك أو ريبٍ - بالخيانة العُظمى التي عقوبتها الإعدام.

كان المتـنبي ينشد جالسا في حضرة ممدوحه الذي لا يبقي له من القصيدة سوى شيئ قليل لا يرضي طفلا صغيرًا، وكان ينال استحقاقه كحر عظيم، فالشعراء كانوا في ذلك العصر موظفين يؤدون ما تريده السلطة - على حد رأي العلامة الأعرجي - وقد بدا هذا واضحا منذ حسان بن ثابت حتى بلغ حدا غير معقول في العصرين الأموي والعباسي ؛ واستمر في عصر الصراع الايدلوجي حيث القرن العشرين ؛ لكن بقي المثقف الرافض اعلى كعباً ، ورأينا حسين مردان ، وقرأنا قصائد رفض وقصائد رأي للجواهري وغيره ، ولم يتجرأ أحد على اسكات الأديب أو قمعه ، واعني بالاسكات هنا هو الاسكات النهائي ؛ فأغلب من لم يرق لهم الأمر ولم يتفقوا مع السلطة أحتضنتهم المنافي ، وظلوا يبدعون من بعيد ؛ والأمر ليس في العراق فقط ، بل هو في اغلب البلدان العربية لاسيما تلك البلدان التي اختلفت انظمتها السياسية فيما بينها ، ووصل الخلاف حد العداء ، فصرنا نرى كل بلد يحتضن المثقف المعارض لخصمه ، لكن لم يحدث التكميم والاسكات النهائي ، على الرغم من ان جميع السلطات تشعر بالنقص تجاه المثقف وتحاول تطويعه كي يتبعها .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك