المقالات

إكتمل الجهاد الأصغر وبقي الجهاد الأكبر

2463 2017-12-25

وأخيرا؛ وبعد ملحمة دامت أكثر من ثلاث سنين، جاء إعلان النصر على داعش، وتحرير أراضي العراق من دنس العصابات الإجرامية، التي لوثت ارض الوطن، وانجلاء السحب السوداء التي خيمت في سماءه، وفشل جميع المشاريع التي عولت على هذا الإرهاب، في تحقيق مآربها السياسية والطائفية. 

معركة سطر خلالها العراقيون بمختلف طوائفهم، أروع معاني البطولة والتضحية شهد بها القاصي والداني، جسدت وقوف العراقيين صفا واحدا، بوجه المشاريع الهادفة الى تقسيم بلدهم وسلبه خيراته وثرواته، فكانت ملحمة تكاتف فيها الشيعي مع السني، والكردي مع العربي والتركماني مع الأيزيدي والصابئي مع المسيحي، لتتحد جميع الطوائف والمكونات تحت مسمى واحد هو العراق، الذي عادت شمسه ساطعة مرة أخرى، بعد أن خرج منتصرا من أشرس معركة، قاتل فيها نيابة عن العالم كله. 

ولأن لكل حرب إرهاصاتها، التي تفرضها على الواقع المجتمعي والسياسي، وعلى الأوضاع الداخلية العامة لكل بلد، فبلا شك أن هناك تحديات جمة تواجه الحكومة العراقية بعد إعلان النصر على داعش، لعل أهمها في المنظور القريب، إشاعة السلم المجتمعي بين جميع العراقيين، وطي صفحة الماضي ومحاربة الفكر المتطرف، وتسريع عودة النازحين الى ديارهم، وتوفير الخدمات الضرورية التي تمكنهم من ممارسة حياتهم الطبيعية، والمباشرة بإعمار المدن المحررة ومدن المحررين على حد سواء، فضلا عن المعركة الأهم التي يجب على الحكومة القيام بها، وهي إعلان الحرب على الفساد الإداري والمالي. 

لما رجع رسول الله (ص) من إحدى غزواته، خاطب أصحابه قائلا : ( رجعنا من الجهاد الأصغر، الى الجهاد الأكبر ) قالوا : وهل هناك أعظم من جهاد الكفار؟ فأجاب : ( نعم، هو جهاد النفس) بنفس هذا المعنى، يجب على حكومتنا القيام بحربها على الفساد والمفسدين، فالإرهاب عدو خارجي توحد الجميع على قتاله والقضاء عليه، ولكن الفساد الذي كان شريكا للإرهاب في تخريب البلد وسرقة خيراته ونهب ثرواته، وربما المسبب الرئيس للإرهاب والمؤسس له، فضلا عن تمتعه بغطاء شرعي وقانوني، جعل المفسدين يتسابقون في نهب خيرات البلد، دون أن يردعهم رادع. 

فالفساد عدو داخلي نخر جسد الدولة، وتسبب بوجود مافيات مالية تضاهي الحكومة في قوتها، أوقفت عجلة الحياة وعطلت المشاريع، وجعلت شباب العراق بين مقاتل للإرهاب بدون راتب، وعاطل عن العمل يبحث عن قوت يومه فلا يجد، وأرامل تعاني في الحصول على إعانتها الاجتماعية، وغياب الحصة التموينية التي كانت توفر للفقراء قوتهم، بعد أن عجزت الدولة عن توفير مستلزماتها بسبب الفساد المستشري، والمفسدون يسرحون ويمرحون بل ويملكون الصوت الأعلى، على المنابر الإعلامية والسياسية. 

لذلك فان الحرب على الفساد ستكون هي المعركة الأشرس، لأنها ضد عدو داخلي لبس قناعا واتخذ وجوها متعددة، وقد يكون بعضهم من أصحاب القرار والمتنفذين في مفاصل الدولة، وصاحب القدح المعلى فيها، وبالتأكيد فإن الحرب ضد المفسدين ستكون الجهاد الأكبر، والانتصار فيها هو الانتصار الأكبر. 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك