المقالات

قانون العشيرة يتفوق على سلطةِ القانون

908 01:42:28 2015-07-31

العراق الذي يشارك شعبه العالم العيش في العقدِ الثاني من الألفيةِ الثالثة، ما يزال رهين سطوة النظام العشائري الذي انحرفت توجهاته الموروثة من تجاربِ عشرات السنين عن سياقاته العامة التي كانت تنحى صوب رأب الصدع وإصلاح ذات البين عبر أعراف متفق عليها، حيث ساهمت هذه المنظومةِ في حسمِ كثير من النزاعاتِ والخلافات التي حصلت بعد أن جهدَ أهل الحكمة من السادة والشيوخ والوجهاء فيما مضى بحقنِ دماء المسلمين وتحقيق الصلح ما بين المتخاصمين.

يمكن القول إن قانونَ العشيرة لا يمكن له الظهور إلى العلنِ واختراق صوته أرحب الآفاق في ظلِ سيادة سلطة القانون التي تعكس قوة الدولة وحزم أجهزتها التنفيذية، ولاسِيَّمَا الأمنية في مواجهةِ من تسول له نفسه محاولة الإساءة إلى الشرائحِ الاجتماعية أو أي من أفرادِها. إذ أصبحتْ العشيرةُ تحاول تطبيق ما يناسبها من قوانينٍ تحقق لها مآربها بمعزلٍ عما متعارف عليه من لوائحٍ عرفية جرى إقرارها منذ عقودٍ طويلة بصيغةِ سنن ملزمة التطبيق يشار إليها باسمِ ( السنينة )، إلا أن السنواتَ التي أعقبت التغيير السياسي عام 2003 م، أفرزت كثيراً من الظواهرِ التي تعد خروجاً على مفهومِ العشيرة بعد أن تجرأ البعض على فرضِ شروط لا تتلاءم طبيعة مضامينها مع أحكامِ عشيرته العرفية المتعارف عليها، ولاسِيَّمَا الأشخاص المتنفذين في السلطةِ أو أصحابِ رؤوس الأموال التي جرى بناء أغلبها بطريقةِ السحت الحرام مستغلين ضعف بعض شيوخ العشائر أمام الإمكانيات المادية والمعنوية لهؤلاء الاشخاص، الأمر الذي أدى إلى ضياعِ أغلب الأعراف التي كانت تشكل بصياغتها الإنسانية وصدق النيات بحسنِ تطبيقها الضوابط الأقرب إلى متطلباتِ إشاعة الود والتسامح في مجتمعِنا.

اللافت للانتباه أن العراقَ الذي تسعى حكومته منذ أكثر من عقدٍ من الزمانِ إلى ترسيخِ التقاليد الديمقراطية بعد محن سنوات النظام الشمولي، ما يزال بحاجةٍ إلى تفعيلِ سلطة القانون التي أصبحتْ قبالة قوة منظومة العرف العشائري ومنعتها بمثابةِ امتداد لسنواتِ الفراغ الأمني التي أعقبت سقوط النظام السابق، ما أفضى إلى معاناتها الضعف والهشاشة في التطبيق. وأدهى من ذلك تسابق كثير من المسؤولينِ في السلطتين التشريعية والتنفيذية لتكريسِ غلبة قانون العشيرة على أحكامِ الدستور، فضلاً عن حزمةِ القوانين والتشريعات النافذة لغايةِ الدعاية الانتخابية أو من أجلِ التستر على مفاسدِهم وعبثتيهم التي ساهمت بإدخالِ البلاد في مستنقعٍ من الأزماتِ التي لا حصر لها، حيث وصل الأمر ببعضِهم إلى معالجةِ ما يحصل بينهم من خلافاتٍ بعيداً عن مؤسساتِ السلطة القضائية، واللجوء طوعاً إلى حيثياتِ النظام العشائري بعد تيقنهم على ما يبدو أن سلطةَ القانون قد أصابها الوهن وفت عضدها جراء مساهمتهم بالتسترِ على ما ظهر من قصصِ الفساد المثيرة!!.
في أمانِ الله.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك