المقالات

المُغفّلون حطبُ الحربِ النّفسيّةِ للارهابِ

970 01:30:51 2015-04-28

باتَ من الواضح جداً لكلّ ذي بصيرةٍ، انّ الحرب النفسية التي يشنّها الارهابيون تزداد وتيرتها مع كلّ عمليّةٍ عسكريّةٍ تشنّها القوات المسلحة الباسلة بكل مسمياتها، وخاصّةً الحشد الشعبي المبارك. وليس في الامر غرابةً ابداً، فبعد ان خسِر الارهابُ الكثير في الفترةِ الاخيرة، يسعى لزرقِ عناصره بشيء من المعنويات وبكلّ الطرق وعلى رأسها عمليات التّضليل التي يتفنَّنُ بها. الا انّ الغرابة، كلّ الغرابة، تكمن في تصديقِنا لما ينشرهُ ويبثُّه من اكاذيب لدرجةٍ انها تتحول عند الكثيرين من ضحايا الارهاب الى مسلّمات يبني عليها مواقف واراء وردود افعال.

ان المغفّلين هم حطبُ حربهِ النّفسية، فهم من اكثر من يقدّم خدماته المجانيّة للارهاب من حيث لا يشعرون. ولذلك نلحظ كلّ هذا الصّخب والفوضى الإعلامية المفتعلة التي تُصاحب العمليات العسكرية ضد الارهاب في كل مرة. وبرأيي، فانّ السبب يعود الى ما يلي:

اولاً؛ حصر خياراتهم بين نشر الاخبار الصحيحة، حسب قدرتهم على تشخيصِها، وعدم نشر الاكاذيب، كذلك حسب قدرتهم على كشفها، فيما يجب ان يكون الخيار أوسع من ذلك بكثير، اذ يلزم ان تشمل دائرة النّشر من عدمه، الأخذ بنظر الاعتبار المصلحة العامّة، ولذلك فالعاقل الحريص على الدّماء والأنفس والارواح يختار طريقة التعامل مع الخبر الصحيح حصراً على أساس ما يحقّق من المصالح العليا، فلا يبادر الى نشرِ الخبر لمجرد انه تثبّت من صحتهِ، ولذلك قيل؛ ليس كلّ ما يُعرف يُقال، وقيل كذلك، لكلِّ مقامٍ مقال، اما الاخبار المشبوهة فيضرب بها عرض الحائط بلا تردّد.

المغفّلون يتعاملون بطريقة المسلّمات مع ما يصلهم، حتّى بات مصدرُهم المفضّل، وربما الوحيد، هو ما يُنشر على مواقع التّواصل الاجتماعي وجلّهُ فبركات يتداولها الناس، خاصّة وانّ موادّها المنشورة تحقّق مبدأ التواتر! لينتبهوا فيما بعد الى انّها صناعة ارهابيّة بطريقة مباشرة او غير مباشرة.

ثانياً؛ انّهم يتعاملون مع المعلومة بغضّ النّظر عن اي شيء آخر، خاصّة فيما يتعلّق بالجانب المعنوي، ففي زمن الحرب، وعلى وجه التّحديد الحرب على الارهاب، ينبغي ان نضع المعلومة وطريقة التعامل معها، في إطار الحرب النفسيّة التي تؤثّر بشكل مباشر في المجتمع حتى اكثر من اخبار الميدان المباشرة.

ثالثاً؛ انّ الجوّ السياسي العام، وبسبب انعدام الثقة بين النخبة السياسية الحاكمة والمواطنين، جرّاء تراكم التجارب الفاشلة على صعيد نقل المعلومة وتحليلها وتداولها لاكثر من عقدٍ كاملٍ من الزّمن، خلق جواً من التشكيك في كلّ شيء، حتى بات المواطن يُصدّق بكل مصادر المعلومة الا المصادر الرّسمية، وهنا تكمن الكارثة، ولذلك تكثر الشائعات وتنتشر الاكاذيب ويتداول الناس كلّ ما تبثّه المصادر غير الموثوقة والمشبوهة ربما فقط نكاية بالمصادر الرّسمية، ناسينَ او متناسينَ مدى خطورة ذلك وعِظم الضّرر الذي يتسبّبهُ بالمجتمع.

في هذا الإطار اعتقد ان الطّرفين يتحمّلان مسؤولية إصلاح العلاقة وإعادة الثقة المتبادلة، الجهات الرسمية من خلال الانتباه الى دقّة ما تتحدّث عنهُ من معلومات وآراء وتحليلات، والمبادرة الى التحدث عن المعلومة وتحليلها قبل ان تنتشر الدعايات والشائعات، والمجتمع من خلال التّقليل من اعتماده على المصادر غير الرسمية، والتعاون من اجل ردم الفجوة التي تسبب بها انعدام الثقة بين الجانبين.

يجب ان تتخذ الجهات الرسميّة زمام المبادرة الإعلامية دائماً، خاصة فيما يتعلّق بالحرب على الارهاب، والا فستُفهم معلوماتها على انها ردود فعل لشائعة او لخبر كاذب او لفبركة اعلاميّة.

ان المبادرة الإعلامية تساهم بشكلٍ كبير في إغلاق الطرق امام الشائعة، فهي تقضي عليها قبل ان تولد، وبذلك ستولد ميّتة في كل مرّة.
ان على الجهات الرسمية ان تبذل كل جهدها لمأسسة التصريحات الرسمية بشكلٍ اكثرُ فاعلية، للقضاء على حالة الفوضى الإعلامية التي نعيشها اليوم والتي تتضاعف خطورتها بسبب الحرب على الارهاب، والذي يوظّف إمكانيات ضخمة جداً لتدمير معنوياتنا، اخطرها الأخذ بناصية المبادرة.
وخيراً يفعل السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي عندما يتحدّث للراي العام بشكل واضح وصريح، خاصة فيما يتعلّق بالحرب، فانّ ذلك يساهم بشكل كبير في ردم الهوة الكبيرة من عدم الثقة، من جهة ويغلق الأبواب بوجه الشائعات والاكاذيب التي تنتشر مع كلّ هجومٍ عسكري او انتصار، من جهةٍ ثانية، ويفضح المصادر المشبوهة من خلال إيضاح الحقائق من جانبٍ ثالث.

انّ حديث المسؤول للراي العام في الوقت المناسب، وقبل فوات الاوان، يساهم بدرجة كبيرة في تكريس الثقة المتبادلة بين مؤسسات الدولة والمجتمع، وهو أمرٌ في غاية الاهمية في زمن الحرب على الارهاب، للتّقليل قدر الإمكان من خطر الحرب النفسيّة.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك