الصفحة الفكرية

قراءة في كتاب "المرجعية الدينية والعراق الجديد، جدلية الدين والسياسة"

3875 11:54:59 2015-03-02

ذات يوم كنتُ اتجول في احد معارض الكتب كان قد اقامتهُ مؤسسة تابعة لأحد الاصدقاء فلفت انتباهي كتابٌ يتيمٌ عنوانه "المرجعية الدينية والعراق الجديد ، جدلية الدين والسياسة" كان في زاوية مِن زوايا المعرض وعلى غلافه صورة السيد المرجع الاعلى فالتقطته واخذت اتصفحهُ فوجدته نسخة فريدة بكل مضامينه ومواضيعه وجميع مباحثه كانت شاملة ومهمة جداً في عصرنا الحاضر فاشتريته دون تردد ، وعندما طالعته فيما بعد كان قد اجاب على كل اسألتي وازال كلّ غموض كُنت قد رأيته في خضم الاحداث التي نعيشها واعطاني تفسيراً لكلّ ما جرى وما يجري اليوم على الساحة السياسية، والجدير بالذكر انَّ مؤلف هذا الكتاب امرأة فاضلة من سيدات هذا العصر وهي السيدة الدكتورة نجوى الجواد ذات الجذور العلوية كانت قد كتبته وأتمته (عام 2009 ميلادي) في مرحلة مهمة من مراحل التاريخ الحديث واشدّها تعقيداً وفي عالم يجهل المرجعية لا سيما وإنّهُ قد اهتز باعصارها وصداها الذي حاز انتباههم واهتمامهم وتوجه اقلامهم فجاء هذا الكتاب من اجل أن يعرف العالم -الذي كانت تعيش فيه مؤلفة هذا الكتاب وهو العالم الغربي- مَن هي المرجعية الدينية في النجف الاشرف التي هزّت اوساطهم!! ، فالكاتبة قد كتبتهُ في الولايات المتحدة الامريكية ، باللغة الانجليزية وحاز على اهتمام كبير ، ونالت به شهادة الماجستير في تخصص دراسات الشرق الاوسط مِن جامعة (وين الرسمية) في ولاية مشيكن الامريكية ، وبعد ذلك قامت بترجمته الى اللغة العربية ، أما مادتهُ فكانت رائعة بكلّ ما في الكلمة مِن معنى فهو كتابٌ شاملٌ لتعريف المرجعية بشكل عام مع ذكر المصاديق وتعريف للرؤية السياسية التي لدى فقهاء الشيعة والمرجعية المعاصرة وشرح وافي لدور المرجعية وعرض تاريخي لنشوء وتطور فكرة المرجعية ومِن ثم الاسباب التي دفعتها للدخول في الشؤون السياسية وبالتالي ازدياد نفوذها وقوتها فجاء التركيز على المرجعية الشيعية وتاريخها في هذا المجال واستعراض للنظريات الشيعية في العصر الحديث وشرح وافي عن نظرية ولاية الفقيه العامة والخاصة وباسلوب سهل ورداً على مَن يُنكر الولاية السياسية للفقيه وابطال القول الذي يروج الى ابتعاد المرجعية الامة وعدم الاهتمام بشؤونها وقيادتها ، ثم اختتمته في التركيز على شخصية المرجعية العليا المتمثلة بسماحة الامام السيستاني الذي هو موضوع هذا العصر ومحور اهتمام العالم وهذا المعنى ذكرتهُ الكاتبة في مقدمة كتابها: (( وحظي السيستاني باهتمام المحللين السياسيين في العالم الغربي على الخصوص ، فكان موضع اعجابهم واستغرابهم مِن هذه الشخصية التي تبدو في ظاهرها لا تملك من عناصر القوة ما يؤهلها لقيادة الجماهير نظراً لتواضعه وبساطة عيشه وابتعاده عن اضواء الاعلام والظهور امام الجماهير)) والجميل هو ما رأتهُ مِن كتابات لأقلام غربية بعيدة عن المؤثرات العاطفية واجمل ما يميزها صفة الموضوعية إذ شهدت بقوة هذه الشخصية العظيمة فكتب الكاتب الغربي "بينيت" بعد ان وصف زهد السيد السيستاني قائلاً (( ومع هذا فهو الرجل الاقوى في العراق.... وأن شهرته قد ذاعت بين المتدينين وبين غيرهم على حدٍ سواء)) وكذلك نجد الكاتب الامريكي "وايتلو" يتسائل قائلاً: ((كيف لقرارات هذه الشخصية الهادئة المتنسكة أن تهز اوساط الحكومة الامريكية المحتلة في العراق وايضاً المحلية -يقصد بالمحلية تلك الحكومة التي في واشنطن- )) ومما كتبته نقلاً عن الكاتب الغربي "فتاح" : ((قد ساهم في غموض شخصيته على الاعلاميين وعلى الادارة الامريكية بالخصوص رفضه مقابلة الاعلاميين او الامريكيين المحتلين والظهور امام الجماهير او السماح بالتقاط الصور له ، حيث لا توجد اكثر من ست صور ملتقطة له بصورة رسمية ، مما جعل الادارة الامريكية لا تتمكن من التكهن برأيه وخطواته المستقبلية)) لذلك حاز هذا الكتاب خصوصية فريدة عن باقي الكتب التي كُتبت في السيد السيستاني (حفظه الله) مِن حيث تنوع المصادر والكتابة الموضوعية الصريحة التي تُخضع المعاند على الاعتراف به وتنسف ذراعهُ إذ أنّهُ كُتب كبحث لنيل شهادة الماجستير في جامعة والولايات المتحدة الامريكية وتم قبوله وحاز على الاهتمام فلم يُكتب في الحوزة ولا في الشرق الاوسط! كذلك يحمل مصادر متنوعة واهمها تلك الغربية التي تنقل رؤية صريحة مجردة من العواطف ، فضلاً عن الاسلوب الذي كُتب به هذا الكتاب الذي يجمع بين البيئتين (الشرقية والغربية) حيث الاستفادة مِن الاسلوب الغربي المغاير والرؤية التي تنطلق مِن زوايا مغايرة ومختلفة عن الشرق.. وجاء تركيز الكتاب للاجابة على كثير من التساؤلات التي اُثيرت حول السيد السيستاني ونفوذ كلمته وخاصة في الشؤون السياسية وكانت تدور حول ثلاثة محاور اساسية كما ذكرتها الكاتبة: ١: كيف يتسنى لأي شخص ان يحصل على مثل هذا التأثير القوي على الناس دون ان تكون له سلطة سياسية؟ ٢: ما هو دور السيستاني في تأسيس النظام السيساسي في العراق الجديد القائم على الديمقراطية ومبدأ الفصل بين السلطات؟ ٣: ما هو الفكر السياسي للسيستاني؟ وهل انه بما يتمتع به مِن نفوذ سياسي واجتماعي سيدفعه الى العمل مستقبلاً مِن اجل اقامة نظام سياسي اسلامي في العراق على غرار النظام الاسلامي القائم في ايران

وتمت الاجابة على هذه التساؤلات في ستة فصول في ذلك الكتاب وتضمنت ثلاثة محاور مهمة قد بينتها في مقدمة هذا المقال بشكل وجيز. ومما ينبغي ذكره أنّ هذا الكتاب قد كُتب قبل ست سنوات فكيف بهم اليوم اذا ارادوا ان يكتبوا عن السيستاني العظيم بعد كلّ الاحداث التي جرت خلال هذه السنوات وهو يواجه تشبث الطواغيت الجُدد وتمردهم وعصابات الارهاب وإطلاق فتوى الجهاد ومكائد شياطين الغرب والشرق!

اسعد الحلفي

20/5/150302

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك