التقارير

لماذا تعزف واشنطن على وتر الطائفية في العراق؟

1782 08:42:06 2015-03-01

منذ غزوها العراق  عام ٢٠٠٣ وحتى الآن تسعى امريكا لزرع بذور التفرقة الطائفية والمذهبية في هذا البلد لتحقيق اطماعها التوسعية في المنطقة ضمن مشروعها المسمى بـ "الشرق الاوسط الكبير".

 وطيلة تلك السنوات تحينت واشنطن الفرص لتنفيذ هذا المشروع من خلال العزف على وتر الطائفية تارة والتدخل في شؤون العراق سياسياً وعسكرياً تارة اخرى رغم انسحابها الظاهري من هذا البلد في نهاية عام ٢٠١١ وفق الاتفاقية الامنية الموقعة بين الطرفين.

 وبعد احتلال تنظيم داعش الارهابي - وهو صنيعة امريكية بإمتياز حسب اعتراف الكثير من المسؤولين الامريكيين - لأجزاء من الاراضي العراقية في المناطق الغربية من هذا البلد في حزيران / يونيو من العام الماضي وجدت امريكا الفرصة سانحة لتفعيل خططها لتقسيم العراق وفق مخططها المعروف باسم نائب رئيسها جورج بايدن الذي طرحه عام ٢٠٠٦ على اساس المكونات العراقية الرئيسية "الشيعة والسنة والاكراد".

 ورغم رفض غالبية العراقيين لهذا المشروع واصرارهم على حفظ وحدة بلدهم لازالت امريكا تسعى لتنفيذه من خلال دعمها لبعض الاطراف العراقية على حساب الاطراف الاخرى بحجة محاربة الارهاب في اطار التحالف الدولي الذي اوجدته وفرضته على ارض الواقع بعد احتلال تنظيم داعش الارهابي للاراضي العراقية في حزيران الماضي كما اسلفنا قبل قليل.

 وفيما يواجه هذا التنظيم هزائم متتالية على يد الجيش وقوات الحشد الشعبي والبيشمركة في العراق، توجّه وفد من محافظة الأنبار قبل فترة الى واشنطن واجرى عدة لقاءات مع المسؤولين الامريكيين تركزت على الملف الأمني وتسليح العشائر وتدريبهم في القواعد الأميركية في العراق بمعزل عن الحكومة الاتحادية التي اعربت عن مخاوفها من هذه الخطوات خاصة مع امكانية تسرب الأسلحة الى التنظيمات الإرهابية وهو ما حدث في مرات سابقة.

  ووصف عدد من المسؤولين العراقيين هذه الخطوة بأنها تهدف الى تفتيت العراق وتقسيمه الى دويلات تتقاتل فيما بينها بعد انتهاء صفحة "داعش الارهابي" في المحافظات التي احتلها هذا التنظيم الارهابي والتمهيد لعودة القوات الاجنبية إلى البلد وربما هذه المرة بذريعة منع التقسيم.

 ويعتقد الكثير من المراقبين ان كل ما تقوم به امريكا في العراق في الوقت الحاضر يأتي في اطار مشروع بايدن، بداية من احتلال تنظيم داعش للاراضي العراقية وتسليحه وتمويله عن طريق الطائرات الاميركية ضمن مخطط يهدف الى تقوية هذا التنظيم من جهة واضعاف الجيش العراقي من جهة اخرى من اجل استنزاف طاقات الشعب العراقي وابقاء ميزان المعادلة بيد القوات الامريكية لفرض مشروع بايدن على ارض الواقع.

 ومشروع بايدن في الحقيقة يعيد الى الاذهان المخاوف والتوجسات التي أحاطت بالأهداف الحقيقية من وراء الغزو الامريكي للعراق، كونه يستهدف وجود هذا البلد كدولة ذات كيان موحد وشعب واحد، ويسعى إلى تقسيمه إلى كيانات متنافرة ومتناحرة، الأمر الذي يترتب عليه الكثير من التداعيات العكسية على العراق وعلى البيئة الإقليمية المحيطة به.

 ويرى المراقبون ان وفد الانبار العشائري الى واشنطن لم يكن يمثل اهل الانبار ولا المناطق الغربية التي يحتلها داعش في العراق خصوصا مع عدم وجود قيادات سنية موحدة لحد اللحظة، فيما وصف البعض زيارة الوفد الى واشنطن بأنها بداية لفرض الوصاية الامريكية على المحافظة خصوصاً بعد أن أشارت بعض التقارير  الى ان هذا الوفد اتفق مع المسؤولين الاميركيين على تسليم قاعدة الاسد والحبانية للقوات الامريكية واستقبال المسلحين الاجانب.

 ولايختلف اثنان على ان امريكا لاتريد خيراً للعراق والعراقيين وتحاول حالياً من خلال خطتها الجديدة ايجاد جسر بين المناطق السنية في العراق وبين بعض الدول الاقليمية خاصة الاردن والسعودية وجعل هذه المناطق مرتبطة بدوائر القرار الامريكي بدلاً من ارتباطها بالحكومة العراقية المركزية لتحقيق اهداف ومآرب متعددة يمكن تنفيذها على المدى البعيد من خلال مشروع بايدن سيء الصيت.

 ولاشك ان هناك ضرورة ليدافع كل العراقيين عن مناطقهم في وجه تنظيم داعش الارهابي لكن قيام الحكومة الامريكية بالتعامل مع المكونات العراقية كل على حدة واعتبارها كانتونات مستقلة يكشف بوادر عن المخطط الامريكي الخطير الذي يراد تنفيذه في هذا البلد خلال المرحلة القادمة.

 وفي الختام لابد من التأكيد على ضرورة التوجه لخطورة هذا المشروع والتعامل بجدية مع الارهاب ومحاربته من خلال تقوية الجيش العراقي والحشد الشعبي لتحرير  المناطق التي يحتلها عناصر تنظيم "داعش" الاجرامي لألحاق الهزيمة بهذا التنظيم الارهابي ورمي مشروع بايدن في مزبلة التاريخ رغم أنفه بهمّة ووحدة جميع العراقيين في ظل حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي وهي حكومة وحدة وطنية قامت على أساس التوافق بين جميع الكتل البرلمانية العراقية بما فيها إتحاد القوى الوطنية والقائمة العراقية الممثِلة للمناطق الغربية الشمالية ذات الاغلبية السنية.

5/5/150301

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك