المقالات

المرجعيّة ومشروع حوار الأديان

1512 00:59:40 2015-01-27

اثارت الجرائم البشعة التي ارتكبها الارهابيون مؤخراً في العاصمة الفرنسية باريس، اهتمام المؤسسة الدينية بشكل عام والشيعية على وجه الخصوص، لتوجّه خطابها هذه المرّة الى الشعوب الغربية لدعوتها لقراءة الاسلام بعقول منفتحة بعيداً عن حصار الاجندات الإعلامية التي تسعى لتحديد طريقة تفكيرهم ووسائل اطلاعهم على الاسلام.
فلقد دعا مثلاً المرجع المحقق السيد صادق الحسيني الشيرازي الشعوب الغربية الى التعرف على الاسلام من خلال مدرسة أهل البيت عليهم السلام، ليميّزوا بين ما يسوقه لهم الارهابيون والتكفيريون من صورة عن الاسلام وبين ما هو حقيقي وواقعي لدين الله العظيم في قيمه وأخلاقه ومبادئه وفي كل شيء.

وبرأيي، فإننا باشدّ الحاجة اليوم، وأكثر من اي يوم آخر، الى ان نتوجه بخطابنا للشعوب الغربية، بنفس المقدار الذي هم كذلك بأمسّ الحاجة الى ان يقرأوا الاسلام بشكل سليم، لنُطلق معاً مشروع حوار الأديان والحضارات من أوسع ابوابه وعلى اعلى المستويات (المرجعية الدينية) فعلى الرغم من ان الظّرف الذي يمرّ به الغرب اليوم ازاء التهديدات الإرهابية صعبٌ جداً ومعقّد ومخيف، الا انه في نفس الوقت يُعتبر الارضيّة الخصبة لشعوبه للتوجه الى قراءة الاسلام بشكل صحيح وسليم بعيداً عن المؤثرات السياسية والأجندات الإعلامية.
ولذلك فانا اقترح ما يلي:

اولاً؛ تدوين مشروع حوار الأديان بشكل مفصّل كبرنامج عمل تشرف عليه المرجعية الدينية العليا، فهي من اكثر الجهات (الدينيّة) قدرة على إنجاز ذلك، إنْ على صعيد الفكر والثقافة او على صعيد الإمكانيات المالية، فما هو معروف فانّ مثل هذا المشروع بحاجة الى إمكانيات فكرية هائلة وكذلك الى قدرات مالية كبيرة.

هذا من جانب، ومن جانب آخر، فان الحوزة العلمية هي الجهة (الدينية) الوحيدة التي ظلت محافظة على استقلاليتها، لم تتدخل في شؤونها وبرامجها وإدارتها الحكومات على الرغم من كل ما بذلت من جهد بوليسي وآخر (دبلوماسي) لتحقيق ذلك، ولذلك فهي الاقدر على إنجاز هذا المشروع بعيداً عن التأثيرات السياسية والأجندات السلطوية والحكومية التي يقدمها الاعلام، الامر الذي لا يرغب فيه من يسعى للتعرف على الأديان وتحديداً الاسلام، وخاصة الشعوب الغربية.

ثانياً؛ المبادرة لتشكيل مجموعات حوار على مختلف الاصعدة، بدءاً من اكبر مؤسّستين دينيّتين في العالم، واقصد بهما الحوزة العلمية في النجف الأشرف وحاضرة الفاتيكان، مروراً بالجامعات ومعاهد الدراسات الدينية، بالاضافة الى مراكز الأبحاث وما شابهها.
اعتقد ان الفرصة سانحة اليوم لتتبادل النجف الأشرف والفاتيكان زيارات عمل تضع أسس حوار الأديان وانطلاق به على اعلى المستويات.

ثالثاً؛ الاهتمام باللغات الأجنبية في تبليغ الرسالة، فلتبادر المرجعية الدينية العليا فوراً لتأسيس فضائية عالمية على الأقل باللغات الثلاث (الانجليزية والفرنسية والصينية) يديرها ويشرف عليها ذوي الاختصاص من العلماء والفقهاء والمفكرين بالتعاون مع اخصائيّين لغتهم الام اللغات الثلاث المشار اليها، فلا يكفي ان يتكلّم المحاضر او ُمعد البرنامج الانجليزية مثلاً، انما يجب ان يكون ممن يفهم الثقافة الانجليزية وطريقة فهم الاخر للامور وطريقة تفكيره، لينجح في إيصال الرسالة بشكل دقيق جداً، فالرسالة الدينية تختلف اختلافاً كلياً عن اية رسالة اخرى، السياسية مثلاً او حتى العلمية، لان الدين عقيدة بالاضافة الى العلم.

وبهذا الصدد، ينبغي الاستفادة من الأجيال الجديدة التي وُلِدَت ونمت وترعرعت في بلاد الغرب، فهؤلاء يتميّزون بخصلة في غاية الاهمية، الا وهي؛ انهم يفهمون ثقافة الغرب وفي نفس الوقت فهم يهضمون ثقافة الاسلام ومدرسة اهل البيت (ع) فبقليل من الرعاية والاهتمام يمكنهم ان يلعبوا دوراً في غاية الاهمية على صعيد الاعلام، وبحمد الله تعالى فإننا نرى عدداً منهم وقد نجح في اداء رسالة التبليغ بشكل ملحوظ بل ومتميّز.
ولا ينبغي ان نغفل مشروع ادخال تعلّم اللغات العالمية في المناهج التعليميّة الحوزويّة، ففي الولايات المتحدة الأميركية، مثلاً، عندما تقرّر التوجه الى الصين اقتصادياً قبل عدة سنوات، بادرت كل المؤسسات التعليمية الى تدريس اللغة الصينية بشكل واسع جداً، حتى كانت الاولى بين كل اللغات العالمية في السنين الأربع الاولى.

رابعاً؛ ان تهتم المرجعية الدينية العليا بالزمالات الدراسيّة العلمية للطلاب الأذكياء والمتفوقين ليدرسوا في ارقى الجامعات العالمية، ليس علوم الطب والهندسة وما شابهها، ابداً، وإنما ليدرسوا علوم الحياة مثل التاريخ والأديان والاجتماع والقانون والعلاقات الدولية والسياسة والاعلام وما شابهها.

يجب الاهتمام بهذا الامر ليكون عندنا بعد عشر سنوات مثلا () آلاف أستاذ جامعي متخصص بهذه العلوم ينتشرون في الجامعات الراقية في مختلف دول العالم، فإلى متى تظل مدرسة أهل البيت (ع) مغيّبة في مناهج هذه الجامعات؟ الى متى يظل (نهج البلاغة) مغيٌب عن المناهج التعليمية والبحثية الراقية في هذا العالم؟.

اننا اليوم بحاجة الى خطة عمل استراتيجية ستؤتي أكُلها على الأقل بعد عقد من الزمن، وهكذا هي المشاريع الاستراتيجية التاريخية، فلا ينفعنا في شيء ان نخطط لِغَد او بعِد غد، فان ذلك لن يغير من الامر في شيء.

لقد تقدّمت قبل () سنوات بمشروع تاسيس (كرسي تدريسي) في احدى ارقى الجامعات الأميركية، بعنوان؛. [Imam ali chair] ولقد حاولت مع العديد من الجهات الدينية، في النجف الأشرف وكربلاء المقدسة، ولكن بلا نتيجة، ولو كنّا قد أسّسنا هذا المشروع وقتها لكنّا اليوم على وشك ان نقتطف ثماره خلال عام او عامين، ولكن، آه من لكنّ!.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك