المقالات

بين زمن القهر والحرمان ، وبارقة الأمل.

1480 20:46:50 2014-11-25


بسم الله الرحمن الرحيم:
إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ-الرعد 11

حين يتصفح المرء أي دستور عراقي منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 يجد جملة رئيسية تشترك فيها هذه الدساتير وهي (إن الشعب هو مصدر السلطات )، وقد عاصر كاتب هذه السطور العديد من الحكومات العراقية قبل الإحتلال الأمريكي ومنها فترة من الحكم الملكي حيث كان الشعب يقع في آخر القائمة من إهتمامات تلك الحكومات، وأستثني منها حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم الذي أسقط النظام الملكي الذي كان يمثل قلعة الإستعمار الغربي في المنطقة. وضحى بروحه من أجل أن ينهض العراق نهضة كبرى، لكن المؤامرة الإستعمارية التي قادتها بريطانيا وأمريكا ضد ذلك الزعيم ونفذتها عصابات البعث الفاشي في الإنقلاب الدموي يوم 8 شباط عام 1963م وأدت ذلك الحلم في أعين العراقيين بقتل الزعيم الوطني الخالد الذي رحل عن الحياة ولم يملك من حطام الدنيا شيئا. وهو الذي خاطب العمال يوما قائلا: (إني واحد منكم .. أنتم عائلتي وقبيلتي ... عندما أنظر في وجوهكم تصيبني قوة ما ، وأنقاد إلى مساعدة الكادحين في كل مكان . ) المصدر : حنا بطاطو ج1 ص 150. أما الحكومات الأخرى فقد كان الشعب يسمع منها كلاما كالعسل ، وأفعالها فكانت كرؤوس الأسل. وكانت تلك العبارة التي تصدرت الدساتير لاتساوي مساحة الورقة التي كتبت عليها . 
ويمكنني القول إن ذلك النظام الملكي رغم فساده وعمالته للأجنبي كان يسمح بفسحة ضيقة من الحرية التي سمحت لهؤلاء الشعراء بهذا الكلام . أما الجمهوريات التي أعقبت مقتل الزعيم عبد الكريم قاسم فكانت فتراتها من أبشع الفترات المظلمة من تأريخ العراق وخاصة الفترة التي حكم بها الدكتاتور صدام العراق بالنار والحديد لثلث قرن من الزمن .كان الإنسان يسحقُ فيها سحقا.

ومرت الأعوام ثقيلة كثقل الجبال وأجيال من الشعب العراقي لاتسمع من أبواق الحاكم المستبد غير ب(الروح بالدم نفديك يافلان) و(إذا قال فلان قال العراق .) وصار الدكتاتور هو مصدر السلطات الحقيقي.فكمم الأفواه، ووضع الخطوط الحمراء على كل شيئ لمصادرة إرادته، ونشرعسسه في كل مكان ليحصوا الأنفاس ، وتلاعب بأموال الشعب لإشباع شهواته المحرمة ،وبناء القصور الفارهة له ولأولاده وأحفاده ،وسرق ثروات الوطن ليودعها في البنوك الأجنبية ، وأغرق جلاوزة البعث الفاشي البلاد في بحر متلاطم من الفساد يصولون به ويجولون وهم ينسبون الصفات العظمى لصنمهم إلى حد العبادة.ونتيجة لحالة جنون العظمة التي أصيب بها ذلك الدكتاتور أشعل الحروب العبثية وزج الشعب فيها ليبني مجده الزائف على جماجمه. وكان المواطن المغلوب على أمره يساق إلى تلك الحروب كما يساق الخروف إلى الذبح. وفقدت معظم العوائل العراقية ضحية أو أكثر من أبنائها. وآنتشرت المقابر الجماعية على مجمل مساحة الوطن. وعم الخراب في كل أرجائه وكما قال الشاعر :
إذا كان الغراب دليل قوم أدلهمُ على أرض الخرابِ

ثم وقع الشعب العراقي بين براثن الإحتلال الذي أسقط الدكتاتور لأهدافه الإستراتيجية ،وزاد الخراب خرابا. وجعل من العراق الخط الأول للدفاع عن أمريكا ، وساحة تلعب فيها مخابرات الكثير من الدول .وفتح الحدود على مصاريعها لدخول الإرهاب إلى الساحة العراقية ، وأشعل الفتن الطائفية والعنصرية ،ودعا إلى تقسيم العراق على ذلك الأساس، ونهب حاكمه بريمر المليارات من أموال العراق ورحل . وتشكلت خمس حكومات بعده لم تكن بمستوى طموحات العراقيين،ولم تشعل بارقة أمل في طريقهم المليئ بالأوجاع والآلام لحد هذه الساعة بعد أن تأرجحت سفينة العراق في بحرفي بحر متلاطم من الأزمات. فتفشت ظاهرة النعرات الطائفية السوداء على أبشع صورها، وترعرع الإرهاب الدموي في أحضانها، وأزهق مئات الآلاف من الأرواح البريئة ، وآشتدت فيها الصراعات بين السياسيين على المصالح الخاصة ،وكاد العراق يقع في أتون حرب أهلية لاتبقي ولا تذر لولا عناية الله وحكمة رجال العراق الصالحين. ونخر الفساد في كل مفاصل الدولة ونهبت تماسيح الفساد أموالا كثيرة خارج الوطن. والكل يدافع عن كتلته وحزبه وقبيلته ،ويدعي وصلا بليلى ليقول أنا الأصلح ،والأدهى والأمر إن البعض من هؤلاء السياسيين بات يرنو إلى من يوجهه من خارج الحدود ، ويطلق التصريحات الفارغة والخطب الرنانة من شاشات الفضائيات لدغدغة مشاعر الناس وإيهامهم بأنه القادر على مداواة جراح الوطن التي تعمقت يوما بعد يوم نتيجة تصرفاتهم. وبقيت هذه الجراح تنزف وتنزف والكثير من المسؤولين والنواب ظلوا مشغولين بجني المكاسب والإمتيازات على حساب مأساة الشعب. وكأن الشعب في واد وهم في واد آخر. وظل العراقيون ينتظرون الأمل بتغيير هذه الحكومات عن طريق صندوق الإنتخاب، ويمنون أنفسهم ب عسى ولعل وربما ستلوح بارقة الأمل..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك