الصفحة الاقتصادية

إغراق السوق وكسر الأسعار هما سياسة سعودية تقليدية تخدم أغراض الهيمنة الغربية

1645 07:14:53 2014-10-23

عقيل الشيخ حسين

منذ قيام السعودية بتخفيض أسعار النفط قبل شهرين، جرى الترويج لفكرة مفادها أن الهدف من ذلك هو رغبة السعودية في منع أوباما من تحقيق هدفه الأثير بتحقيق استقلال الولايات المتحدة في مجال الطاقة. أكذوبة كسائر الأكاذيب التي يتم ترويجها خدمة لأغراض الهيمنة، والحقيقة أن الخطوة السعودية قد اتخذت بإيعاز أميركي وبهدف خدمة المصالح الأميركية.

منذ آب / أغسطس الماضي، سجلت أسعار النفط هبوطاً حاداً بنسبة 25 بالمئة، حيث انخفضت من 115 دولاراً إلى حوالي 84 دولاراً للبرميل. ويعتقد مراقبون بأن سعر البرميل قد يواصل الهبوط ليصل إلى 60 أو حتى إلى 40 دولاراً.

وقد قدمت تفسيرات مختلفة لهذا الهبوط منها ما أعاده إلى أسباب أطلق عليها البعض صفة "الموضوعية" بمعنى ارتباطها بالأوضاع الفعلية للسوق. ومنها ما أعاده إلى صراعات القوى والإستخدام المقصود للنفط كسلاح يخدم أغراضاً اقتصادية وسياسية.

فبالنسبة للعوامل "الموضوعية"، أسهمت حالة الركود الاقتصادي الذي يضرب العديد من البلدان الصناعية في الحد من الطلب وفي استخدام الفحم الحجري (انخفضت أسعاره بنسبة 50 بالمئة منذ العام 2011) كبديل عن النفط في توليد الكهرباء.

النفط سلاحاً

وبالنسبة لاستخدام النفط كسلاح في الحرب الاقتصادية، يأتي إغراق السوق في طليعة العوامل الفاعلة في هذا المجال. والمعروف أن السعودية غالباً ما تلجأ إلى رفع إنتاجها وصادراتها النفطية لأهداف منها زيادة عائداتها المالية.

السعودية تكسر أسعار النفط بإيعاز من واشنطن وبهدف لإلحاق الضرر بروسيا وإيران وفنزويلا

لكن زيادة العائدات ليست أساسية بالنسبة لبلد كالسعودية يوفر له النفط أرباحاً سنوية تزيد على 300 مليار دولار. فالأهم من ذلك بالنسبة لها بوصفها دولة منخرطة في تحالفات "استراتيجية" مع الولايات المتحدة، وتخطو باتجاه إقامة تحالفات مشابهة مع "إسرائيل"، هو:

- تمكين "الحلفاء" من مواجهة أزماتهم الاقتصادية عبر تخفيف ما يواجهونه من ضغوطات الإنفاق في مجال استيراد المحروقات الضرورية للصناعة والنقل والتدفئة...

- إلحاق الضرر بـ "الخصوم"، وخصوصاً إيران وفنزويلا، وهما بلدان يعتمد الاقتصاد فيهما على النفط إلى هذا الحد أو ذاك.

وتتضح صورة الإنعكاسات الإيجابية والسلبية لسياسة إغراق السوق وتخفيض الأسعار من خلال ما سببه التخفيض السعودي الأخير من خسائر لبلدان أوبك تقدر بـ 200 مليار دولار، ومن أرباح لبلدان الاتحاد الأوروبي تقدر بـ 80 مليار دولار.

تفسيرات كاذبة

لكن الرابح الأكبر هو بالطبع الولايات المتحدة الأميركية. وذلك خلافاً للتحليلات الشائعة والمشبوهة بسبب شيوعها بالذات. فهذه التحليلات تحاول الإيحاء بأن حرباً طاحنة تدور بين السعودية والولايات المتحدة في مجال الطاقة، وأن السعودية وبلدان الخليج قد اتخذت قرار تخفيض الأسعار بهدف منع الولايات المتحدة من تحقيق استقلالها في مجال الطاقة. فالمعروف أن الرئيس أوباما قد وضع مسألة الاستقلال هذه في طليعة أولوياته عبر الاعتماد على استخراج الغاز والنفط الصخريين. وبالفعل، تمكنت الولايات المتحدة مؤخراً من تقليص اعتمادها على نفط الخليج بنسبة كبيرة بالتوازي مع ارتفاع إنتاجها من النفط الصخري بنسبة 47 بالمئة من حوالي 5 ملايين برميل إلى ما يزيد عن 8 ملايين برميل يومياً.

 أوروبا تربح 80 مليار دولار وبلدان أوبك تخسر 200 مليار جراء تخفيض الأسعار الأخير من قبل السعودية ومن الطبيعي، وفقاً للتحليلات المشبوهة، أن يلحق هذا التطور الهام ضرراً مباشراً بالسعودية وبلدان الخليج التي ردت باعتماد استراتيجية تخفيض الأسعار بهدف ضرب الإنتاج الأميركي من النفط الصخري : ارتفاع تكلفة استخراج هذا النفط لا يسمح ببيعه بأقل من 100 دولار للبرميل.

من هنا، تصبح الخطوة السعودية بتخفيض الأسعار إلى 84 أو 60 دولاراً بمثابة ضربة قاتلة للنفط الصخري الأميركي ولحلم أميركا بتحقيق الاستقلال في مجال الطاقة.

والحقيقة أن هذا التوصيف يبدو منطقياً للوهلة الأولى. لكن كل "ما يبدو" ليس بالضرورة صورة أمينة عما يجري في الواقع. فالنفط الصخري الذي تنتجه أميركا هو، في جانب منه، بروباغندا تطمينية تفرضها ظروف استفحال الأزمة الاقتصادية الأميركية أكثر مما هو مصدر للطاقة يمكن التعويل عليه لفترة طويلة. إذ بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة استخراجه وما يتسبب به من أضرار بيئية، تؤكد جميع الدراسات أنه سينفد في غضون ثلاث أو أربع سنوات تعود بعدها الولايات المتحدة إلى سابق اعتمادها شبه الكلي على النفط الخليجي.

وعلى ذلك، لا يبقى هنالك مجال لإنكار النظرية القائلة بأن واشنطن قد أوعزت للسعودية أن ترفع إنتاجها بهدف تقليص الأسعار في السوق الدولية لإلحاق الضرر بروسيا وإيران وفنزويلا وغيرها من الخصوم. لكن هذه النظرية نفسها تغفل أمراً في غاية الأهمية : استفادة الولايات المتحدة من هبوط الأسعار في تخزين كميات كبيرة من النفط تخدم قضية استقلالها في مجال الطاقة في فترة ما بعد نفاد النفط الصخري.

2/5/141023

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك