التقارير

الظواهري والبغدادي وخلاف البيعة

2109 07:27:49 2014-09-12

محمد محمود مرتضى

أعلن زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري انشاء فرع جديد للتنظيم في شبه القارة الهندية . والواقع أننا لا نستطيع فصل هذه الخطوة عن سياق الأزمة التي تمر بها ما تسمى " الجهادية العالمية" منذ أن أعلن أبو بكر البغدادي قيام دولته المزعومة أو "دولة الخلافة".

صحيح ان معظم المنظرين والمفكرين لا يزالون يتبعون تنظيم القاعدة الا ان ذلك لم يمنع داعش من التمدد على مستوى القواعد.

نقاط عديدة يمكن الحديث عنها في كلمة الظواهري الا ان ما سنتوقف عنده الآن هو ربط الظواهري هذا الفرع "بامارة افغانستان" واعادة التركيز على تسمية زعيم طالبان الملا عمر "بامير المؤمنين" مع ما يعني ذلك من التذكير بما جرى من مبايعته سابقا.

بداية لا بد من الاشارة الى كلمة الظواهري ارفقت بكلمتين تعاقب عليها اثنان : الاول أسامة محمود ، المتحدث الرسمي لـ (جماعة قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية) والثاني عاصم عمر (أمير جماعة قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية) وكلاهما اعلن في بداية كلمته عن انه يجدد "البيعة لأمير جماعة قاعدة الجهاد الشيخ أيمن الظواهري ، وبواسطته "لأمير المؤمنين" الملا محمد عمر مجاهد على السمع والطاعة في كل معروف".

من الواضح ان التركيز على هذه النقطة انما يرتبط بموضوع "الخلافة" التي اعلنتها داعش والجدال الحاصل داخل هذه الجماعات ومدى مشروعيتها "الفقهية".

اعلان الخلافة في الميزان الشرعي

وسنكتفي هنا بالحديث عن نموذج واحد من هذه الجدالات وهو ما كتبه ابو المنذر الشنقيطي تحت عنوان : "اعلان الخلافة في الميزان الشرعي".

يمهد الشنقيطي دراسته بالحديث عن ضرورة التمييز في مفهوم الخلافة بين المفهوم الشرعي لها والمفهوم السياسي؛ "لأن الخلافة قد تكون موجودة من الناحية الشرعية ومعدومة من الناحية السياسية".

ولذلك يعتبر الشنقيطي اننا حينما نتكلم "عن ضرورة عودة الخلافة فلا يعني ذلك إقرارا منا بغيابها من الناحية الشرعية". ويضرب الشنقيطي افغانستان كمثال على ذلك . فهو يعتبر ان ما يدين به "الجهاديون " هو أن "حكمها موجود منذ قيام الحكم الإسلامي في أفغانستان على يد حكومة طالبان"، لكن الخلافة التي ما زالت غائبة هي الخلافة في المفهوم السياسي.

ولكي يوضح مقصده اكثر يشرح الشنقيطي ما سماه "الحقيقة الشرعية للخلافة "والتي هي "مبايعة رجل من المسلمين على الإمامة العظمى". ولكن هل يشترط لحظة البيعة او بعدها ان يكون للمبايَع له سلطان على بلاد المسلمين؟ يجيب الشنقيطي بعدم شرط ذلك ما دام لم يُسبق ببيعة شرعية.

ومن الواضح ان الجدال الحاصل حول هذا الشرط يعود الى مدى صلاحية استمرار بيعة الملا محمد عمر بعد الغزو الاميركي لافغانستان وفقدان الملا عمر للسيطرة الفعلية على البلاد.

أما الحقيقة العرفية للخلافة "المفهوم السياسي" فهي خضوع بلاد المسلمين كلها أو جلها "لإمام المسلمين" وديانتها له بالسمع والطاعة مع بسط نفوذه عليها. وعليه فوفق المعني العرفي او السياسي للخلافة لا شك ان لا "خلافة" بهذا المعنى للملا عمر. الا ان الشنقيطي يتدارك ذلك بالقول بان "الأحكام الشرعية لا ترتبط بالحقائق العرفية وإنما بالحقائق الشرعية" . وبتعبير آخر إن "حكم الخليفة لا يعطى إلا لأول أمير بويع بيعة الشرعية, وإن لم يدّع أنه خليفة لأن تلك البيعة هي الخلافة في اعتبار الحقيقة الشرعية." بهذا المعنى بات من الواضح ان "الخلافة" لا تزال بيد الملا عمر لانه هو المباع له اولا، اذ ، وبحسب تعبير الشنقيطي نفسه، "ليس من السائغ الشرعي أن يبايع المسلمون في أي أرض من بلاد الإسلام إماما شرعيا وتثبت له البيعة والإمامة , ثم يأتي رجل بعد ذلك ويدعي الأمر لنفسه ويقول : أنت تمت مبايعتك على أنك أمير الدولة فقط وأنا أبايع على أني خليفة للمسلمين".

من الواضح هنا ان ما يريد الشنقيطي قوله هو بطلان اعلان ابو بكر البغدادي نفسه "خليفة للمسلمين"، لان ذلك انما يرتكز على الحقيقة العرفية ويلغي الحقيقة الشرعية.

لقد حاولت جماعة البغدادي "المجادلة " حول شرط التمكين للخلافة، والجدال حول التمكين يراد به الطعن في استمرار مشروعية بيعة الملا عمر بعدما فقد سيطرته على البلاد. من هنا فان تفريق الشنقيطي بين الخلافة الشرعية والخلافة السياسية وان الفرق بينهما فقط هو أن الأول لم يتمكن من بسط نفوذه عل جل بلاد الإسلام أو كلها ، والثاني تمكن من بسط نفوذه على كل بلاد الإسلام أو جلها ، ان هذا التفريق اراد منه الوصول للقول : "ان عدم التمكن من بسط النفوذ لا يؤثر في شرعية الإمام لأن التمكن ليس شرطا في الإمامة ولأن الإمام ينال شرعيته بالبيعة لا بالتمكن".

ولكن ما هي الثمرة العملية لهذا الجدال الفقهي ؟

الملا محمد عمر هو اول امير

يجيب الشنقيطي نفسه بأنه "وفي هذه الحالة يكون الإمام الشرعي هو أول امير شرعي بويع له" . اما دليله الشرعي فهو قول النبي: "فُوْا ببيعة الأول فالأول" وأما بقية الإمارات فلا عبرة لها لأن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا".

وعليه وطالما ان "توحد المسلمين في هذه الأيام تحت سلطة امير واحد امرا ممكنا فلا يجوز تعدد الإمارات وإنما يجب على سائر الإمارات أن تخضع لأول من بويع له من الأمراء وهو في هذه الحالة ...الملا عمر".

فمن هو أمير المؤمنين إذا ؟ يجيب الشنقيطي : "هو أول أمير بايعته جماعة المسلمين بيعة شرعية ..سواء سميناه خليفة المسلمين أو رئيس الدولة ، سواء ادعى لنفسه حق الخلافة أو لم يدع , فهذا الحق ثابت له بمجرد مبايعته".

ويعيد الشنقيطي التأكيد على فكرته هذه بان "الخلافة وحقوقها وما يترتب عليها من أحكام تثبت بمجرد البيعة والخلافة كانت موجودة لأنها وجدت مع أول بيعة شرعية لإمام شرعي .. وهو أمير المؤمنين الملا عمر".

على البغدادي العودة لمبايعة الملا عمر

ويبقى السؤال : ما مصير الخلافة التي اعلنها البغدادي؟ يجيب بان ذلك كان خطوة سياسية لا تغير شيئا في الأحكام الفقهية، لأن الأحكام مرتبطة بالبيعة لا بالإعلان فتسري أحكام الخلافة بمجرد وجود البيعة وإن لم يوجد الإعلان ".

وحتى لا يبقى الجدال نظريا يعمد الشنقيطي لتطبيقها على الواقع الحالي حيث يعتبر ان ثمة أخطاء شرعية ارتكبتها داعش عند إعلانها الخلافة اهمها إعلان الخلافة لأبي بكر البغدادي مع انه مسبوق ببيعة الملا عمر

فإذا كان أبو بكر البغدادي مبايعا في الأصل الظواهري , فلا يحل له قطعا ان يدعي لنفسه الخلافة ..وإن لم تكن له بيعة في عنقه فبيعته مسبوقة ببيعة الملا عمر فلا يسعه إلا الدخول فيها.

وبالمحصلة فان مبايعة البغدادي باطلة وعليه العودة اما الى بيعته للظواهري ان كان قد بايعه سابقا، واما العمل على مبايعة الملا عمر لانه المُبايع اولا.

من خلال هذا التنظير يمكن لنا ان نفهم تركيز الظواهري ومن بعده الناطق باسم القاعدة في شبه القارة الهندية وزعيمها على ربط الفرع الجديد بامارة افغانستان والتذكير ببيعة الجميع للملا محمد عمر "بامارة المسلمين".

وعلى اي حال، لا يبدو ان الفرع الجديد سيكون له ثمرة عملية لناحية العمليات العسكرية هناك بقدر ما سيكون له ثمرة لناحية محاولة تحصين تلك الساحة ضد انصار البغدادي واي محاولات لاختراقها. من هنا يبدو الاعلان مرتبطا بدواعٍ تتعلق بداخل الجسم الواحد لهذه الجماعات اكثر منها دواع يستلزمها العمل "الجهادي".

6/5/140909

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك