المقالات

مكونات العراق الاصيلة

1989 00:14:35 2014-08-23

كل العرب مدينون- بحقل أو ميدان من ميادين او حقول المعرفة والفكر والثقافة- للمسيحيين بل ان العالم كله مدين للمسيحيين السريان والاشوريين والكلدان الذين وضعوا فلسفة وعلوم الحضارة الاغريقية بين يدي الغرب بعد ان ترجموها عن اللغة اليونانية، ومن اللغة العربية ترجمة الى اللغات العالمية الاخرى، ومنها وعليها شادت أوربا نهضتها الحديثة، حركات التحرر القومية والوطنية في لبنان وسوريا تأسست على ايديهم وابطالها خلدهم التاريخ العربي قديمه وحاضره، ومعظم التراجم الحديثة المتداولة، اساس الانطلاقة الصحفية والفنية في العراق والدول العربية صنع ايديهم وبنات افكارهم وثمرة جهودهم ومن ينكر روادها الافذاذ: يوسف غنيمة، وجبرا ابراهيم جبرا وروفائيل بطي واولاده وتوفيق سمعان وجبران ملكون، وغيرهم. اكثر الحرف والمهن الطبية والصناعية والتجارية يعود اساسها وممارستها لهم... اذن كيف تتخيلون صورة عالم عربي من دون مسيحيين، وما هو شكل عراق خال منهم؟!. الحملات الاخيرة بكل ما كشفت عنه من جرم وتأمر ضد المسيحيين افرحت الصهاينة واثارت شماتتهم وراح بعض ساستهم وقادتهم يصرحون علنا: الحمد لله أننا انقذنا اليهود من ايدي العرب والاّ لاّبادوهم كما يفعلون اليوم بالنصارى!.
ترى من يقف وراء المؤامرة الكببرى التي تسعى لافراغ العراق من مكونه الاصيل؟
وهل ستمتد اصابع وخيوط هذه المؤامرة لتشمل خارطة العالم العربي بطولها وعرضها؟
المنفذون شخصوا، والممولون حددوا، والداعمون عرفوا. والجميع لايجرؤون على تسمية الاشياء بمسمياتها. اكثر من خمسين كنيسة تعرضت للاعتداء تفجيراً او اقتحاما مسلحا في مناطق متفرقة من العراق واكثرها في الموصل وبغداد. اكثر من عشرين رجل دين مسيحي من مختلف الدرجات اغتيلوا او اختطفوا، اعداد كبيرة استشهدوا فرادى او جماعات خلال ادائهم الصلاة في الكنائس، ومئات العوائل هجرت وهاجرت خوفا او تحت تهديد السلاح الى دول الشتات او كردستان العراق.

لم تقف حدود الجريمة عند كنيسة سيدة النجاة، المسلسل مستمر وفي هذه المرة توجه التهديدات الى عوائل في بغداد والموصل خاصة الامر الذي دفع اكثر العوائل المسيحية الى الهجرة التي لا بديل عنها.ماجرى ويجري للمسيحيين في الموصل بعد دخول دواعش الاجرام اكبرمن ان يوصف .العجيب ان الدول الكبرى التي افتضح امر تأسيسها للقاعدة وداعش وتسليحها وتمويلها وارسالها للعراق وسوريا وبدل ان تنقذ الموقف وتكف دعمها للارهاب تدعوا المسيحيين للهجرة !.

لم يعد الشجب والتنديد والاستنكار مجدياً ولم تعد المؤتمرات الخطابية والتضامنية حلا. وحتى دعوات الترحيب من قبل بعض الدول الاوربية ليست علاجا. بعض الدعوات الاخيرة اقترحت اقامة محافظة خاصة بالمسيحيين ودعوات غيرها اقترحت انشاء محميات في اماكن متفرقة من العراق خاصة بالمسيحيين!. وانا العبد الفقير الى الله ارفض هذه وتلك وذلك وادعو الى تفجير واطلاق حملة عالمية جادة يشارك فيها الجميع: حكومة وحركات وهيئات ومؤسسات واحزاب وجمعيات حقوق الانسان ومنظمات مجتمع مدني ورجال دين ومساجد وحسينيات وكنائس ومعابد ووسائل اعلام وكل من موقعه وبطريقته واسلوبه، حملة جادة صادقة ملحة لغرض اعادة جميع المسيحيين العراقيين الى وطنهم الام واعادة حقوقهم المسلوبة ومساكنهم وممتلكاتهم وتهيئة ظروف العيش اللائق بهم، على ان تشمل هذه الدعوة والحقوق حتى من هاجر قبل الف عام، فبعودتهم يعيدون توازن وجودهم بما يضيفونه من اعداد جديدة تناقصت بفعل الهجرة الاخيرة حتى وصل العدد المتبقي بحدود"250مائتين وخمسين الف عائلة" الامر الذي ينذر بكارثة وطنية فضيعة اذا استمر نزوح وهجرة المسيحيين على هذه المتوالية.

واذا كان المسيحيون قد خسروا او سيخسرون ممتلكاتهم وجذور ابائهم واجدادهم مجبرين مرغمين منتزعين- فهناك من يحتضنهم ويقبل اياديهم المخلصة المنتجة المبدعة الخلاقة - فان العرب والعراقيين خاصة سيخسرون حاضرهم ومستقبلهم ويعودون القهقرى الى ظلام الكهوف راضين مختارين. وهذا هو الخسران المبين والضلال البعيد. واذا كان الارهابيون قد اعلنوها حربا ضروساً على المسيحيين- حسب ما اعلنته وتعلنه مواقعهم المشبوهة ونفذه برابرتهم المتوحشون - فأن الدفاع عن المسيحيين صار فرضاً شرعياً مقدساً قبل ان يكون واجباً وطنياً مقدساً.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك