التقارير

أكراد سوريا: هل يوحدون الصف تجاه خطر داعش؟

1400 10:05:05 2014-07-17

الدكتور خيام محمد الزعبي-كاتب أكاديمي سوري في العلاقات الدولية

في الوقت الذي تنزلق فيه المنطقة إلى مزيد من الفوضى وتقترب نيران المعارك أكثر من سوريا، تستغل داعش بهدوء هذه الظروف من أجل تعزيز نفوذها على المناطق الغنية بالنفط، والتي طالما كانت هدفاً لطموحاتها وأحلامها، فالنار التي تجتاح حالياً الشرق الأوسط من غزة الى سورية الى العراق وليبيا واليمن بركان مشتعل، وفي وسط إنشغال العالم بهذه التطورات الجارية وخاصة في غزة فإن دولة "الخلافة" المعلنة ذاتياً تتوغل وتسيطر على المزيد من المناطق في سوريا بإستخدام الدبابات والأسلحة الثقيلة التي غنمتها في العراق، والتي سيطرت خلال الأيام الماضية على مناطق جديدة شرقي سوريا حيث ضمت أغلب مناطق محافظة دير الزور الغنية بالنفط وتركز حالياً على سحق الفصائل الكرادية هناك.

وفي إطار ذلك يحاول الأكراد لملمة صفوفهم لمواجهة الخطر الوجودي الذي يستهدفهم، من خلال حشد قوات جديدة، فيما وجه "المجلس الوطني الكردي"، نداء لنسيان الماضي، ورص الصفوف ومواجهة خطر "الدولة الإسلامية"، وبالمقابل تدفق مئات المقاتلين الأكراد القادمين من تركيا إلى سوريا لمحاربة جهادي تنظيم "داعش"، الذي يحاصر عين العرب (كوباني بالكردية)، ثالث أكبر مدينة كردية في سوريا ، والتصدي لهذا التنظيم، الذي يسعى الى ربط المناطق التي يسيطر عليها في الشمال والشرق بالمناطق التي احتلها في شمال وغرب العراق، وبالمقابل تعد معركة حاسمة بالنسبة للأكراد، كون التنظيم الداعشي يسعى الى فصل شرق المنطقة الكردية عن غربها، في عملية واحدة من خلال الإستيلاء على قلبها "كوباني" الواقعة على الحدود مع تركيا، وإذا ما إستطاع هذا التنظيم إنتزاع كوباني، فستخلط الأوراق في خريطة الشمال السوري وغرب العراق، إذ سيكون بوسعه السيطرة على كامل الجزيرة الفراتية في بادية الشام، وسيكون قادراً على نشر قوات على طول حوض الفرات وسدوده السورية والعراقية، ومحطات توليد الطاقة، ومنشآت توزيع المياه، من الحدود التركية، مروراً بسوريا، وحتى الغرب العراقي، بالإضافة إلى التحكم بالنشاطات الزراعية التي يوفرها الحوض الفراتي، على ضفتيه، وإعادة ترتيب التحالفات فيها وفق مصالحه، والحصول على موارد بشرية وإقتصادية جديدة.

لذلك نرى العشرات من الشبان والشابات يتدربون في سلسلة جبال قنديل المحاذية لحدود تركيا وإيران والعراق إستعداداً لنصرة مقاتلي حماية الشعب الكردي، وهم يتقاربون مع رفاقهم في سوريا خشية تعرضهم للإبادة والإنتهاك كما حصل في الموصل والرقة ودير الزور والحسكة، وبالفعل فإن التحديات التي تواجه قوات حماية الشعب الكردي في سوريا جسيمة للغاية ويمكن أن تكون لها تداعيات على تركيا وإقليم كردستان وحتى سوريا.

وفي سياق متصل هناك قوى دولية وإقليمية تسعى الى تصدير كافة التنظيمات المتشددة بمختلف دول العالم الى الشرق الأوسط لمواجهة التمدد الروسي الصيني والإيراني داخل المنطقة العربية، كما يعملون على تصدير أكراد تركيا الى الحدود السورية وإقامة دولة كردية لهم بالأراضي السورية والزج بهم بصراعات مسلحة مع تنظيمات إسلامية متشددة بسوريا خوفاً من تمدد داعش الى الدول المجاورة في إطار خطط ترمى الى تفتيت وتقسيم سوريا والإستيلاء على حقول النفط والثروات الأخرى.

فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين أن ما حدث في سوريا، قد يغير السياسات في منطقة الشرق الأوسط، إذ أيقظ العالم، وجعله ينتبه إلى أن تنظيماً تابعاً للقاعدة بسط سيطرته على جزء كبير من شمال العراق وسوريا، وبالتالي فإن استمرار الأزمة في سوريا وإنتشار المجموعات المتطرفة فيها ينذر بنتائج كارثية على المنطقة والعالم، وهذا يستدعي حل سريع لهذه الأزمة، ينهي معاناة الشعب السوري بما يحفظ وحدة أراضي سوريا وإستقلالها السياسي في المنطقة.

أخيراً ربما أستطيع القول إن ما يجري حالياً هو الأخطر على مختلف الساحات العربية خاصة التي تشهد الصراعات السياسية أو الفكرية، وبالتالي فإن تمدد داعش في المناطق الحدودية سيكون له تداعيات خطيرة، لذا يجب التنبه لمخطط السياسة الغربية في تفتيت الأمة العربية التي تهدف إلى إعادة رسم خريطة المنطقة وفق مصالحها، وتفويت الفرصة على أصحاب الأجندات باستغلال الأزمات وإستثمارها لتحقيق مآربها، وهنا لا بد من القول إن إيجاد داعش يأتي بهدف شق الصف الإسلامي وإشغال المسلمين وإعادة تقسيم منطقة الشرق الأوسط من جديد من خلال مشروع الشرق الأوسط الموسع.

18/5/140717

ــــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك