تبارك الراضي ||
في البداية الحمدلله أن ردود فعل الخصوم وبالتحديد الولايات المتحدة، اتجهت نحو الدعاية إلى الآن ولم تستخدم القوة الصلبة، كرد على عمليات الإغاثة السريعة التي قامت بها قوات الحشد الشعبي بعد الزلزال في سوريا.
ولا يتعلق الخطر بكسر الحصار الأمريكي على سوريا، ولا بكون الجهة التي كسرت الحصار هي الحشد الشعبي، الأمر أكبر من هذا. منذ تبلور هيئة الحشد الشعبي بصيغتها الرسمية الحالية، أدت أدوارًا متعددة متعلقة ببناء السلام في المناطق المحررة من تنظيم داعش الإرهابي، وهي أدوار متعلقة بأطراف فاعلة أخرى متخصصة في هذا المجال. بالرغم من ذلك نجحت هذه القوات في أداء أدوار فواعل رئيسة عدة في بيئات ما بعد النزاع.
على جانب آخر، يمكن للقوات المسلحة أن تؤدي أدوارًا إغاثية وإنسانية في الأوضاع الداخلية الطبيعية، لكن وبسبب طبيعة الظروف الأمنية والقيود المفروضة من الولايات المتحدة حجمت أدورًا كثيرة للقوات المسلحة العراقية داخليًا وخارجيًا، في حين تمكن الحشد الشعبي الذي يناضل حتى الآن للبقاء بعيدًا عن التكبيل الأمريكي من آداء الكثير من المهام.
يمكن القول إن قرار التوجه لسوريا وإن كان لأغراض إنسانية بحتة، هو المهمة الأخطر التي أدتها مؤسسة الحشد الشعبي إلى الآن. ينطوي هذا العمل على التحدي المباشر لقوانين الهيمنة الأمريكية التي تحظر ممارسة مهام عسكرية مُقنعة خارج الحدود على أطراف غير قوات الولايات المتحدة، وقوات الأمم المتحدة، أو من تسمح له واشنطن بتأدية ذلك.
تأسيس سابقة تحدي خطيرة في هذا الجزء من قواعد الهيمنة، كان من الممكن أن يعامل جويًا ويتم تبريره بكل سهولة. لكن المتابع للأحداث يرى أن مسؤولي صناعة السياسات هم من يتعاملون مع الموضوع إلى الآن؛ بتكثيف وتنويع طرائق الدعاية التي تستهدف كسر الرمزية لقيادة الحشد الشعبي.
وتأتي الدعاية على رأس قائمة الموارد المستخدمة في استراتيجية الشؤون الخارجية الخاصة بالتعامل مع الحشد الشعبي. فمنذ وقت طويل أدركت واشنطن أن التسريح الكامل أو الجزئي، أو دمج قوات الحشد الشعبي بالمؤسسة العسكرية العراقية بالقوة أمر غير مفيد؛ إذ سيسبب هولاء الجنود الإزعاج إذا ما فُرض عليهم ترك قياداتهم وهيكلهم القتالي المصمم بصورة جذابة، وسيحتفظ هؤلاء القادة حتى بعد فصل الجنود عنهم بقدرتهم على حشد الجنود وتجميعهم بسرعة فائقة. يتمتع هولاء القادة بسلطة جذابة: (فهم نموذج للقدوة التي يبحث عنها الشباب وليس مجرد قادة يجب أن يُطاعوا سواء أحببتهم أم لا) كما يقول مايكل نايتس.
استهدفت استراتيجية واشنطن المتعلقة بكسر رمزية القيادة شخصيات محددة بارزة في الحشد الشعبي أو ينضوون ضمن المعنى الواسع للمقاومة، معتمدة معايير الفاعلية والتأثير في المصالح الأمريكية كأساس لاختيار الهدف، وهذا يفسر كون شخصيات قيادية بعينها هي هدف الدعاية الدائم دون غيرها.
أخيرًا أود القول، سواء كان ما نتعرض له من حملة نشطة هذه الأيام نقدًا حقيقيًا أو جزءاً من الحرب الأمريكية الدعائية ضد الحشد الشعبي، فنحن نستوعب أنه حتى النجاح معرض للهجوم من أولئك المتذمرون الذين يقفون دومًا على استعداد لتقليل شأن النجاحات وتضخيم الأخطاء، لكننا في نهاية المطاف لا ننتظر مكافأة سياسية لقاء ما نقوم به ولا ننافس احداً في صناديق الانتخابات حتى تنبري لنا جيوشه الإلكترونية.
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha