قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
بحكم ولعي بفن كتابة العمود الصحفي، وبفعل تراكم الخبرة إن صح التعبير، أطلع دوما على أساليب كتابة العمود في الصحافة العالمية، في هذا الصدد؛ فإن أعمدة الصحافة الغربية عموما، والأمريكية خصوصا، تنزع نحو إستخدام الأرقام والأحصاءات، لتعزيز وجهة نظر الكاتب من جهة، لأن القاريء يريد أدلة ومعطيات رقمية، تضفي على ما يقوله الكاتب مصداقية..عمودنا اليوم من هذا النمط!
دعونا أيضا أن تصور تصور؛ ليس له وجود على أرض الواقع، وهو أن الدولة بقضها وقضيضها، من الرئيس الى البواب جميعهم نزيهين، وأن ليس بين منسوبيها، لص أو فاسد على الإطلاق!
بعد هذا التصور، الذي لا وجود له إلا في الدولة الإفلاطونية؛ فإنه وفي حالتنا العراقية؛ تقدم لعبة الأرقام المدعمة بالتواريخ، تفسيرا للكثير من المشكلات والقضايا التي نواجهها، وتوفر المدخل الصالح لحل ما نواجهه من صعاب، في بناء دولتنا وإعمار وطننا.
في كانون الأول 2011كشفت وزارة البلديات والأشغال العامة، أن (70%) من سكان المدن في العراق يفتقرون لخدمات الصرف الصحي و(20%) للماء الصالح للشرب.
في العام الذي يليه، أي في 2012، كانت موازنة البلديات تريليون و300 مليون دينار، وهكذا وصولا الى عام الأساس، وهو عام 2003.. وكان قد تم تخصيص ترليون و770 مليار دينار من ميزانية 2013 للبلديات..ووقتها وقال وزير البلديات: ان تخصيص هذا المبلغ جيد، قياسا الى قدرة الوزارة على صرف تلك التخصيصات..وكانت موازنة الوزارة لعام 2014، [1800] تريليون و800 مليون دينار.
معنى هذا أن الأرقام تقول أن قطاع البلديات، قد خصص له في أقل التقديرات ما يزيد عن 110 مليار دولار، منذ زوال نظام صدام..
وإذا أضفنا اليه ميزانيات تنمية ألأقاليم، المخصصة للمحافظات، سنكون قد دخلنا في الأرقام الفلكية التي تصيب الرؤوس بالدوار..
ترى لم لم نبن بنية تحتية؛ بهذه ألأموال المخصصة للبنى التحتية حصرا؟
الإجابة تكمن في أن تلك التخصيصات، قد إبتلع جهاز الدولة أكثر من 75% منها كمخصصات تشغيل، وأهتمت السلطات بمن يعمل على البنى التحتية، وليس بإنشاء البنى ذاتها، وأنفقت مليارات الدنانير، في نفقات يطلق عليها الأقتصاديين، تسمية النفقات الرأسمالية، سيارات من أفخر الأنواع معظمها رباعي الدفع، وبعضها مدرعة، نفقات تشغيل السيارات، أثاث مكتبي، أبنية ومنشآت للأجهزة الحكومية، معدات مساعدة، رواتب وأجور، إيفادات وتدريب ومؤتمرات، حراسات وحمايات، ملابس وتجهيزات أشخاص، إعلام وإعلان، نفقات ضيافة وتلميع وجوه المؤسسات المعنية بالخدمات، وتلميع أحذية المسؤولين ايضا!
وحينما نتحدث عن الـ25% الباقي، وكيف أنفق، سنواجه قضيتين بلا تفسير: الأولى أن الأجهزة الحكومية؛ لم تستطع إنفاق معظم التخصيصات، التي تسمى بالتخصيصات الأستثمارية، ولم تزد نسبة ما نفذته الأجهزة المعنية بهذا القطاع، عن 35% مما خصص لها، والباقي كان يعاد الى الحكومة المركزية؛ لتتصرف به بإجتهادات شخصية.
نحن الآن في 2018، و(80%) من سكان المدن في العراق، يفتقرون لخدمات الصرف الصحي و(40%) للماء الصالح للشرب...وإزدياد النسبة يحتاج الى تفسير، ويرجى مراجعة أرقام عام 2011 في أعلى العمود..!
كلام قبل السلام: مؤسسات الدولة، وألأجهزة الحكومية، مثلها مثل جهنم، يقال لها هل إمتلأت فتقول هل من مزيد؟!
سلام..
https://telegram.me/buratha